جذب أنظاري وأنا راحل غاضب في الطريق بين تنغير وآيت عيسى يوم الخميس 28/11/2013 شخص غريب عن المنطقة بدراجته غير العادية متوقفا يقرأ الوجوه، وبجانبه إبريق الشاي ينظر للذاهبين والرائحين بنظرة فيها عبر وحكم فأوقفتني نظرته وأخذني العجب والتطفل من هيئة الرجل وودت لو عرفت بعض خباياه، فتوقفت مضطرا بجانبه وأخذت آلتي للتصوير التي سأوظفها لنقل المشهد إذا رغب في ذلك طبعا. وبعد التسليم والتحية قلت بالعبارة ضاحكا واحدْ السلامَ عليكم "فرد دون تردد: عليكم السلام أسي الحاج رغم أني لست حاجا ولا أعرف عن المزار إلا ما قرأته أو شاهدته، قلت: ومن تكون وما قصتك؟ وما قصة دراجتك الملونة والثقيلة والمزركشة وكأنها لوحة تشكيلية بألونها غير المتناسقة... فضحك بعمق وقال هي أنا وأنا هي. وأردف: أنا اسمي الزين عبد السلام رغم أني ماشي زين في وجهي، عايش جوال من مواليد مدينة آسفي أعزب (33) سنة من الرحلة بحثا عن المجهول، جلت مالي وموريطانيا وكل مناطق المغرب، وأنا الآن في طريقي إلى مدينة الداخلة أو بوجدور ولا أخاف إلا الله وإحساسي بالحكرة في بلدي جعلني أبحث عن نفسي في كل مكان فلا أتوقف، بيتي ومسكني هي دراجتي وفيها كل متاعي وقد تعرضت ل"لكريساج" وأخذوا أولاد الحرام مني الدراجة التي أهداها لي نصراني وثمنها 7 مليون سنتيم وبكيت كثيرا حيث جردوني من حذائي الكروي وكل ما أملك ولم يبق عالقا بذاكرتي غير الحكرة والدراجة، وحكيت لنصراني آخر في الطريق ما وقع لي بعد أن اشتريت واحدة عادية فأتى لي بهذه الدراجة... و قلت له ممازحا هل يمكن أن أمنحك سيارتي مقابل هذه الدراجة؟ فقال: دراجتي أغلى ولا يمكن أن أقايضها فهي حياتي ... فقد اتخذت من الرحلة مصدر إلهامي، وَوَحْيي، ورمزا للبحث عن الذي يأتي ولا يأتي، وفي الجنوب أحس بالراحة والأمن، وكلما اقتربت من أكادير أخاف حتى أمر وكلما اقتربت من آزرو أخاف لكن في الجنوب الشرقي الحمد لله فهو الأمان والقلوب الرحيمة والمعطاءة. الزين عبد السلام رجل غامض لا يتخذ بلدًا مُسْتقرًا حتى يُغادره، ولا يمرّ بأحدٍ من الناس إلا ويتركه متسائلا الغربة معشوقته ودراجته عمره وحياته وتحية لكل الرحالين. أخذت صورة مع دراجته لأسافر بها عبر الخيال والوهم وأجريت معه الحوار التالي: