رغم أن بنكيران وعد بترميم اغلبيته الحكومية في غضون أيام، إلا أن مخاضها دام شهورا، ليس ارتباطابالبرنامج الحكومي وإنما اصطداما بعراقيل دار المخزن و شركائه الطامعين في الكثير من الحقائب، وأخذا بعين الاعتبار التوازنات داخل حزبه و شركائه في التحالف الحكومي. ربما حقيبة الجالية المغربية التي أضيف لها ملف الهجرة لم تكن محط صراع وشد وجذب والتي رست في مرفأ حزب التجمع الوطني للأحرارالذي عين فيها وزيرا يغرد خارج السرب لا علاقة له بالجالية وكأن لا أطر لها رغم توفر الحزب على فروع في كل من فرنسا وايطاليا. استلمالوزير الجديدحقيبةمتراكمةبمشاكل مغاربة الخارج فعلاقتهم بالوطن أضحت متأزمة لتخبطهم في مشاكل هم في منأى عنها، نتيجة لحروب أهلية و أزمات اقتصادية وحتى تعامل المغرب مع الهجرة لا يرقى إلى التطلعات لكونه لا يعدو إلا أن يكون دركيا يوقف زحف مهاجري الجنوب وفق أملاءات الغرب. على حكومة بنكيران ووزيرها المنتدب المكلف بهذا الملف التسلح بكل وسائل الصبر لمواجهة التراكماتالتي تزداد حموضة مع مرور الزمن وتفاقم الأزمة الاقتصادية في أوروبا،كل تلك الرحلات السياحية التي قام بها من سبقوه في تحمل هذه الحقيبة أظهرت أنها ليست إلا مضيعة للوقت والمال العام وعليه ابتكار طريقة جديدة للتحاور مع شركائه و رسم خارطة طريق تكون جديدةتجعل من التنسيق بين مؤسسات مغاربة العالم أساسا مرجعيا لن تنفع معه نكث بنكيران الحامضة في حل المشاكل الحامضة للمغاربة المقيمين بالخارج وعلى من يتحمل هذه المسؤولية أن يبحث عن حلول مستعجلة لما تراكم من حيف وإقصاء وتهميش. في تقديري الخاص أن السيل وصل الزبى وسياسة النعامة لم تعد تجدي وعلى هذه الحكومة في نسختها الثانية، أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة في مواجهة ثلاثة مشاكل مستعجلة بعد أن ترقدت وتخمرت حتى احمضت بفعل الزمن ولامبالاة الحكومات المتعاقبة . المشكلة الأولى، تتعلق بمجلس الجالية الذي انتهت صلاحياته ولكن بعد دسترته في دستور 2011حيت أصبح لزاماإصدار قانون تنظيمي للمجلس في أقرب وقت وفق مقاربة تشاركية تنعقد على إثرها مشاورات موسعة مع إطارات وجمعيات المجتمع المدني بالخارج من خلال تنظيم ندوة دولية و ورشات دراسية يتم فيها صياغة مسودة للقانون التنظيمي للمجلس الذي يعتبر مكسبا للجالية بعد نضال طويل للجمعيات الديمقراطية في الهجرة وفي نفس الوقت الخروج بالتصور المستقبلي لهيكلة المجلس وكيفية اشتغاله وماهية مهامه وإعادة بناءه بشكل يتماشى مع تطلعات المغاربة الخارج ويكون مرآة خارج الوطن، المشكلة الثانية، تتعلق بمؤسسة الحسن الثاني التي أضحت في خبر كان و ما عدنا نعرف عنها و لا عن هياكلها شيئا و لا حتى مجلسها الإداري الذي لم يجتمع مند القرن الماضي ولم تتجدد هياكله .فقط هناك توظيفات وهميةو تمديدات لعقود عمل عرضية لبعض الموظفين الذين وصلوا سن التقاعد و كأن الدولة لاتتوفر على كفاءات شابة تعوضهم.إن هذه المؤسسة التي تعرف السخاء في تمويل الحفلات الفلكلورية وغيرهاوجبت إعادة هيكلتها لتتماشى مع متطلبات الأجيال الجديدة من أبناء مغاربة العالم. والمشكلة الثالثة المستعجلة جدا انها بنك العمل الذي أنشئ في عهد الملك الراحل لدعم استثمارات المهاجرين المغاربة ومبادراتهم الاقتصادية والتنموية ، وواقع الحال جعلهيتحول لمصدر ربح بعض الانتهازيين ومعقلا لنهب المال العام وتمويل المشاريع الوهمية التي لا علاقة لها بالمهاجرين.ملف خاص يتطلب من الحكومة الحالية جرأة كبيرة لما قد يفجر من فضائح نظرا لارتفاع درجة الحموضة فيه. الخلاصة، موضوعنا حامض ومعقد ومُتشابك وعلى الحكومة ورئيسها صاحب النكث الحامضة أن تتفاعل معه بجدية وأن تستثمر صلاحياتهابالتنسيق في هذا الملف وبالوصاية على المؤسسات والادارات المعنية والمُتدخلة فيه وأن تنظر إلى العلاقة مع مغاربة الخارج وكفاءاتهم وإطاراتهم الجمعوية بشكل جدي يعتمد إشراكهم المباشر في تدبير هذا الملف بتكييف و تحيين السياسة المغربية المتعلقة بالهجرة عنإشراككل مغاربة الخارج في السياسة الداخلية والمؤسسات المنتخبة و الهيئات الاستشارية وغيرهابغية التفعيل الحقيقي لدستور 2011. إن وعود رئيس الحكومة لا من خلال نقاشات غرفتي البرلمان ولا من خلال لقاءاته مع فعاليات المجتمع المدني لمغاربة العالم لم ترى النور بعدورغم أن حزبه لما كان في المعارضة كان سباقا لطرح مشاكل الجالية لكن ما ان استلم زمام الأمور تبخرت الشعارات و أبان من خلال وزيره المكلف بالعلاقة مع المجتمع المدني عن الإقصاء الكامل للمجتمع المدني لمغاربة العالم من المشاركة الفعلية في لجنة الحوار الوطني للمجتمع المدني الذي أشرف على تعيين أعضائها, أملي أن تكون النكتة المقبلة حلوة تزف خبرا سارا على الجالية.