النظام الجزائري في مواجهة الأزمات: أكاذيب مصطنعة وهروب إلى الأمام يبدو أن النظام العسكري الجزائري لا يزال عالقًا في دوامة الأكاذيب والمناورات الإعلامية، حيث يعتمد بشكل ممنهج على فبركة الحقائق وتضليل الرأي العام، بدلًا من مواجهة الأزمات الحقيقية التي تهدد استقراره الداخلي. في ظل تراجع اقتصادي خطير، واحتجاجات شعبية متكررة، وعزلة دبلوماسية متزايدة، يواصل هذا النظام اتباع سياسة الهروب إلى الأمام، محاولًا إلقاء اللوم على "أعداء وهميين" بدلاً من البحث عن حلول حقيقية لمشاكله المتفاقمة. أزمة شرعية تدفع إلى الأكاذيب يواجه النظام الجزائري أزمة شرعية متجذرة، إذ ترفض قطاعات واسعة من الشعب الواقع المفروض عليه، وتطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية جذرية، غير أن السلطة الحاكمة، بدلاً من الاستجابة لهذه المطالب، تلجأ إلى سياسة التغطية على فشلها عبر خلق قضايا جانبية، وصناعة أعداء خارجيين، في مقدمتهم المملكة المغربية، التي تتعرض لحملات تشويه متواصلة من الإعلام الجزائري الرسمي والموجه. هذا التكتيك ليس جديدًا، فقد اعتاد النظام على توجيه الأنظار بعيدًا عن مشاكله الداخلية من خلال ضخ الأكاذيب حول "المؤامرات الخارجية"، في محاولة لإقناع الشعب بأن أزماته الاقتصادية والاجتماعية ليست سوى نتيجة "تدخلات خارجية"، وليس بسبب سوء التسيير والفساد المستشري في مفاصل الدولة. منصات التواصل: أداة للتضليل والتزييف تحولت وسائل التواصل الاجتماعي في الجزائر إلى سلاح فعال في يد النظام، حيث يتم توظيف مئات الحسابات الوهمية لنشر معلومات مغلوطة، وفبركة أخبار تهدف إلى تشويه الحقائق. هذه الحسابات، التي تُدار بشكل منظم، تروج لمحتوى يستهدف ضرب استقرار المنطقة، خاصة عبر نشر معلومات مضللة عن المغرب، وإثارة النعرات بين الشعوب، في محاولة لصرف الأنظار عن الأزمات الداخلية المتفاقمة. التضليل لا يقتصر فقط على وسائل التواصل، بل يتعداه إلى وسائل الإعلام الرسمية، التي أصبحت بوقًا لنشر الأكاذيب الممنهجة. يتم تقديم هذه الأكاذيب في شكل "حقائق رسمية"، يروج لها المسؤولون والإعلاميون التابعون للنظام، حتى أصبحت جزءًا من الخطاب اليومي للسلطة، وكأنها حقيقة لا جدال فيها، رغم تناقضها الواضح مع الواقع والمنطق. خلق "واقع موازي" داخل الجزائر الأخطر في هذه الاستراتيجية هو أن الأكاذيب المروجة لم تعد مجرد أدوات للدعاية المؤقتة، بل أصبحت جزءًا من العقلية العامة التي يحاول النظام ترسيخها داخل المجتمع. يتم تلقين هذه المعلومات عبر القنوات الرسمية، حتى يقتنع المواطن العادي بأن بلاده مستهدفة من "مؤامرات خارجية"، وأن كل الانتقادات الموجهة للنظام ليست سوى "حملات مدفوعة" من أطراف تسعى إلى زعزعة استقرار الجزائر. هذا النهج خلق ما يشبه "الواقع الموازي"، حيث يصدق المواطنون الكثير من الأكاذيب التي يتم ترويجها بشكل ممنهج، مما يعزز عزلة المجتمع الجزائري عن الواقع الدولي، ويبقيه أسيرًا لخطاب عدائي تجاه الجيران والشركاء الإقليميين. العزلة الدولية: نتيجة حتمية للسياسات العدائية إن السياسة التي يتبعها النظام الجزائري لم تمر دون تبعات، إذ باتت الجزائر تعاني عزلة دبلوماسية متزايدة، نتيجة نهجها العدائي تجاه جيرانها، ودعمها للحركات الانفصالية، وخطابها المليء بالمغالطات والأكاذيب. الدول الكبرى باتت تنظر بقلق إلى سياسات الجزائر، التي تعرقل الاستقرار الإقليمي، وتغذي التوترات عبر نشر معلومات مضللة، ودعم أجندات مناهضة للسلم في المنطقة. هذه العزلة تتجلى في غياب الجزائر عن العديد من الفعاليات الدولية المهمة، وضعف تأثيرها في القضايا الإقليمية، وتراجع علاقاتها مع دول الجوار، خاصة بعد أن أصبح خطابها الإعلامي والسياسي مرتكزًا على افتعال الأزمات، بدلاً من بناء شراكات استراتيجية حقيقية. إلى متى يمكن أن تستمر الأكاذيب؟ السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو.. إلى متى يمكن للنظام الجزائري أن يستمر في هذا النهج؟ فالأكاذيب، مهما تكررت، لا تستطيع تغيير الواقع، والشعوب دائمًا ما تمتلك القدرة على التمييز بين الحقيقة والتضليل. الشعب الجزائري، الذي عانى طويلًا من سياسات النظام، يدرك أن مشاكله الداخلية لا علاقة لها بالمؤامرات الخارجية، بل هي نتيجة مباشرة لفشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية. وعليه، فإن استمرار هذا النظام في صناعة الأكاذيب لن يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة، ومزيد من السخط الشعبي، الذي قد يتحول يومًا ما إلى قوة تغيير حقيقية. هذا، وتبقى الحقيقة واحدة.. الأكاذيب قد تخدع البعض لبعض الوقت، لكنها لا يمكن أن تصمد أمام وعي الشعوب وتطلعاتها نحو مستقبل أفضل.