تعتزم وزارة الداخلية إرسال لجان مركزية للتحقيق في شبهات الفساد التي تحيط بصفقات التأهيل الحضري للمدن، وذلك بناءً على تقارير وأبحاث إدارية حديثة تم التوصل بها من ولاة وعمال. وتشير هذه التقارير إلى تورط مقاولات ومكاتب دراسات، مرتبطة بمسؤولين ومنتخبين بينهم وزراء سابقون وبرلمانيون وأعضاء في مكاتب سياسية لأحزاب تنتمي إلى الأغلبية والمعارضة. التحقيقات المرتقبة: نطاق شامل وملفات حساسة اللجان المركزية التي من المنتظر أن تباشر أعمالها خلال الربع الأول من عام 2025، ستُركّز على التدقيق في صفقات عمومية جارية ومنتهية، بالإضافة إلى تلك التي تخضع لمنازعات قضائية. وستشمل التحقيقات علاقات المنتخبين بمقاولات ومكاتب دراسات استحوذت على صفقات التأهيل الحضري على مدى سنوات، مع تدقيق شامل في وثائق التنفيذ ومحاضر التسليم. ومن أبرز النقاط التي ستُسلط عليها الأضواء: 1. جودة المواد المستخدمة: ستُراجع التقارير الإدارية التي تفيد باستخدام مواد ذات جودة متدنية، خاصة في مشاريع الطرق والإصلاحات، بما في ذلك الزفت. 2. مشاريع الإنارة والتشجير: ستشمل التحقيقات مشاريع الإنارة العمومية ومسارات التشجير والمساحات الخضراء، التي أثيرت حولها شبهات بخصوص طرق تنفيذها أو تغيير وظائفها. ارتباطات مصالح تُثير الشبهات تكشف التقارير عن ارتباطات وثيقة بين مستفيدين من طلبات عروض ورؤساء جماعات ترابية، ما يثير الشبهات بشأن وجود مصالح مشتركة قد أثرت على شفافية هذه الصفقات. وتتضمن هذه الشبهات تحويل مساحات خضراء ومرافق اجتماعية وثقافية إلى مشاريع استثمارية لصالح مستفيدين على صلة بمسؤولين محليين. برامج التأهيل الحضري: رؤية تنموية أم فرصة للريع؟ منذ إطلاق برامج التأهيل الحضري عام 2005، كانت الرؤية المعلنة هي تقوية جاذبية المدن وتحسين محيط عيش السكان، من خلال مشاريع شمولية تُدمج الأبعاد المجالية والاقتصادية والاجتماعية. غير أن التقارير الواردة تكشف عن قصور في تنفيذ هذه البرامج بالشكل المطلوب، حيث تحوّلت بعض المشاريع إلى فرص للربح غير المشروع بدلاً من تحقيق أهداف التنمية. أدوار المؤسسات الرقابية مهام لجان التفتيش ستعتمد على تقارير المجلس الأعلى للحسابات، التي أشارت إلى تلاعبات بتنطيق المشاريع واستخدام مساحات عامة لأغراض خاصة. وسيكون الهدف من هذه الخطوة هو التأكد من صحة هذه المعطيات واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المتورطين. خطوة نحو الشفافية إيفاد لجان مركزية للتحقيق في هذه الملفات يمثل خطوة هامة نحو تعزيز الشفافية والمحاسبة في تدبير الشأن المحلي. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في ضمان عدم إفلات المتورطين من العقاب، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة كأداة لتقويم العمل الجماعي وتفادي تكرار الأخطاء في المستقبل. هذا، وتفتح هذه التحقيقات الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل تدبير مشاريع التأهيل الحضري، وحول مدى قدرة الجهات الرقابية على معالجة مظاهر الريع والفساد التي تحيط بها. وبينما ينتظر المواطن نتائج هذه التحقيقات، يبقى الأمل معقودًا على إرادة حقيقية لإحداث تغيير جذري يعيد الثقة في المؤسسات ويحقق العدالة.