استعرض والي جهة سوس ماسة أحمد حجي، التدابير المعبأة من أجل تقديم المساعدة للأسر والمواطنين المتضررين من الزلزال في افتتاحه للدورة الاستثنائية للمجلس الجهوي التي تنعقد في الأثناء بتارودانت. و أعرب والي الجهة عن اعتزازي الفائق بمشاركته في أشغال للمجلس الموقر في دورته الاستثنائية هذه ، والتي تنعقد في ظرف أليم تعرضت فيه بلادنا مساء يوم الجمعة 8 شتنبر 2023، لزلزال مدمر هو الأعنف من نوعه منذ قرن من الزمان، والكارثة الأكبر منذ زلزال أكادير سنة 1960، والذي ضرب جهة سوس ماسة، ولاسيما إقليمتارودانت، على غرار العديد من جهات وأقاليم المملكة، متسببا في خسائر بشرية جسيمة ودمار مهول في القرى والدواوير، وتضرر واسع في النسيج المعماري والبنيات التحتية الأساسية والممتلكات العامة والخاصة وقطع للطرق في المناطق الجبلية. و أكد حجي بأن الشعب المغربي قاطبة يقف اليوم من جديد، بكل مؤسساته وقواه الحية ووسائله وموارده المادية والبشرية، وبكل شرائحه وأفراده حيثما تواجدوا، داخل الوطن وخارجه، مجندا كرجل واحد خلف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، من أجل التنزيل الفوري لتعليمات جلالته حفظه الله في جلسة العمل التي ترأسها غداة الفاجعة لمواصلة جهود إغاثة المنكوبين وانتشال الضحايا والتكفل بذويهم، وإنقاذ المصابين وإجلائهم لتلقي العلاج وتأمين الرعاية الطبية لهم، وفك العزلة عن المناطق المتضررة، ورفع الأنقاض وتأمين استمرار تقديم الخدمات العمومية، والإسراع بتعبئة كل الإمكانيات اللازمة لمواجهة هذه المحنة ومعالجة آثارها المؤلمة، في صبر واحتساب، معززا بما يتوفر عليه من إمكانيات ومؤسسات وما راكمه من خبرات وتجارب في تدبير الأزمات والكوارث، مستندا إلى طاقات أبنائه البررة وتكاثفهم وتآزرهم. وذلك في إطار من الحرص الكامل على دعم ومواكبة المواطنين في المواقع المتضررة وتلبية حاجياتهم الملحة، والعمل السريع على إعادة بناء ما دمر، وتعويض من فقدوا مساكنهم، وإيجاد الحلول العاجلة للإيواء، ريثما تنتهي عملية إعادة البناء. وأضاف الوالي حجي، بأن المجلس الحكومي، المنعقد يوم الأحد الماضي، صادق على مشروع المرسوم المتعلق بإحداث حساب مرصود لأمور خصوصية يحمل اسم "الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته المملكة"، يخصص لتلقي المساهمات التطوعية التضامنية للهيئآت العمومية والخاصة وعموم المواطنين، بما في ذلك تحمل نفقات التكفل بالأشخاص في وضعية صعبة، خصوصا اليتامى والأشخاص بدون مأوى جراء الزلزال، ولاسيما في ما يرتبط بالتغذية والإيواء وكافة الاحتياجات الأساسية وكل النفقات الأخرى المرتبطة بتدبير أثار الزلزال. وأوضح أحمد حجي، بأن العاهل الكريم، قام يوم الثلاثاء الماضي بزيارة المركز الاستشفائي الجامعي "محمد السادس" بمراكش، حيث تفقد جلالته الحالة الصحية للمصابين، ضحايا الزلزال الأليم، وتفضل جلالته فتبرع بالدم، في التفاتة نبيلة تجسد العناية المولوية السامية وتعبر عن تضامن جلالته الكامل وعطفه على الضحايا والعائلات المكلومة. وامتدادا للتدابير التي أمر بها جلالته، والهادفة إلى تعبئة كافة الوسائل بالسرعة والنجاعة اللازمتين من أجل تقديم المساعدة للأسر والمواطنين المتضررين، ترأس، أيده الله، يوم الخميس الماضي ، اجتماع عمل خصص لتفعيل البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المنكوبين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من الكارثة، وتهم النسخة الأولى من برنامج إعادة الإيواء نحو خمسين ألف مسكن انهارت كليا أو جزئيا على مستوى الأقاليم الخمسة المتضررة. وتشمل ، من جهة، مبادرات استعجالية للإيواء المؤقت، من خلال صيغ إيواء ملائمة في عين المكان وفي بنيات مقاومة للبرد وللاضطرابات الجوية، أو في فضاءات استقبال مهيأة وتتوفر على كل المرافق الضرورية، في إطار من الحرص على إنجاز العملية، لما تكتسيه من أهمية قصوى، في احترام للشروط الضرورية المتعلقة بالإنصاف والإنصات الدائم لحاجيات الساكنة المعنية. ومن جهة ثانية، ستمنح الدولة مساعدة استعجالية بقيمة 30 ألف درهم للأسر المعنية. كما يتمثل البرنامج في اتخاذ مبادرات فورية لإعادة الإعمار، تتم بعد عمليات قبلية للخبرة وأشغال التهيئة وتثبيت الأراضي. ومن المقرر لهذا الغرض، تقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم للمساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا، على أساس دفتر للتحملات، وبإشراف تقني وهندسي في انسجام مع تراث المنطقة ومراعاة للخصائص المعمارية المتفردة. وكل ذلك في إطار من الاستجابة قوية والسريعة والاستباقية واحترام تام لكرامة الساكنة وعاداتها وأعرافها وتراثها، فالإجراءات لا يجب أن تعمل فقط على إصلاح الأضرار التي خلفها الزلزال، ولكن أيضا على إطلاق برنامج مدروس، مندمج، وطموح من أجل إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة بشكل عام، سواء في ذلك على مستوى تعزيز البنيات التحتية أو الرفع من جودة الخدمات العمومية. كما حرص جلالته، حفظه الله، على التطرق إلى موضوع يحظى بالأولوية وبالأهمية لدى جلالته، ويتعلق بالتكفل الفوري بالأطفال اليتامى الذين فقدوا أسرهم وأضحوا بدون موارد. وبهدف انتشالهم من هذه المحنة وحمايتهم من جميع المخاطر وكل أشكال الهشاشة، أعطى أيده الله أمره المطاع للحكومة من أجل الاعتماد العاجل لمسطرة المصادقة على مشروع القانون اللازم لهذا الغرض. مباشرة بعد حدوث الفاجعة الأليمة، تمت تعبئة ترسانة لوجستية بالغة الأهمية من مختلف السلطات والقطاعات والمؤسسات العمومية المعنية لضمان تسريع وتكثيف عمليات التدخل والإنقاذ وتوفير كافة الوسائل اللازمة من أجل التعامل مع تداعيات الكارثة، وتقديم المساعدة العاجلة والمواكبة الطبية والنفسية والاجتماعية للمنكوبين وذويهم وحمايتهم، ونشرت القوات المسلحة الملكية، بتعليمات من قائدها الأعلى صاحب الجلالة، الوسائل الهندسية واللوجيستية، الجوية منها والبرية، ووحدات التدخل المتخصصة من فرق البحث والإنقاذ ، فضلا عن إقامة المستشفيات الطبية والجراحية الميدانية، بتواصل وتنسيق مع السلطات المحلية. كما تدفقت مساعدات وتبرعات المواطنين بكل مكوناتهم وفئاتهم وهيئاتهم ومجتمعهم المدني من مختلف أنحاء المغرب ومن مغاربة العالم، على مختلف المناطق المنكوبة ، في تعبير متجدد وأصيل عن روح التضامن والتعاضد في السراء والضراء التي تجمع بين أفراد هذا الشعب العظيم بقيادة عاهله المفدى، في إطار من الوحدة الوطنية والانخراط الشامل الذي يهدف إلى مد يد العون إلى الساكنة المتضررة وإسعافها والتخفيف من معاناتها، بموازاة الاجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية، في إطار من التنسيق التام بين مصالح وزارة الداخلية والقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والوقاية المدنية ومؤسسة محمد الخامس للتضامن والسلطات المحلية، لضمان تنظيم تدخلات فرق الإنقاذ وإيصال المساعدات العينية المجلوبة من مختلف الروافد وتوزيعها بالوسائل الملائمة وبصورة مستعجلة وناجعة بما يلبي الاحتياجات الملحة. وفي هذا السياق التضامني الوطني في مواجهة هذه الظروف العصيبة، وما تبين عنه بلادنا، بفضل رؤية وجهود ملكها الهمام وقوة مؤسساتها وتآزر شعبها وسخائه ، من قدرة على الصمود في وجه المحن والتحديات بكل قوة وحكمة وعزم وتبصر ، تنعقد اليوم هذه الدورة الاستثنائية لمجلس جهة سوس ماسة بمدينة تارودانت العريقة حاضرة هذا الإقليم العزيز على قلوب المغاربة جميعا، مع ما يحمله ذلك من رمزية مشحونة بدلالات التعاضد والتكافل والتضامن مع سكانه في هذا المصاب الجلل، والتي يتمحور جدول أعمالها حول نقطتين: – النقطة الأولى : دراسة الإجراءات المستعجلة لتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته الجهة. – النقطة الثانية: الدراسة والتصويت على التحويلات المالية وإعادة البرمجة برسم السنة المالية 2023. وبالمناسبة. أعرب الوالي عن خالص الشكر وصادق التقدير لمجلسكم الموقر، رئيسا ومكتبا ومستشارين، على أبانوا عنه من وطنية صادقة وما تتحلوا به من قيم إنسانية راقية، من خلال الإنخراط الميداني والتعبئة الشاملة، منذ اللحظات الأولى لوقوع هذه الكارثة الطبيعية، في استجابة عالية لنداء الواجب الوطني والإنساني، والوقوف في الخطوط الأمامية لمواجهة هذه المحنة، وبذل الجهود الحثيثة للمساهمة في تأمين مختلف أشكال الدعم والمساعدة والإسناد اللازمة للتخفيف عن الساكنة المتضررة ورعاية وإنقاذ المنكوبين، متحدين الصعاب التي تفرضها طبيعة هذه الفترة العصيبة. هذا و تضرع إلى المولى جلت قدرته أن يتغمد ضحايا هذه الفاجعة برحمته الواسعة، وأن يمن بالشفاء العاجل على الجرحى والمصابين، وأن يربط على قلوب المكلومين ممن فقدوا أحباءهم فيها، مثمنين التوجيهات الملكية السديدة لتجاوز هذه المحنة، مشيدين بالهبة التضامنية للمغاربة قاطبة والتي زادتهم تماسكا وقوة وثباتا وجعلت منهم قدوة ومثالا يحتذى بين الأمم، كما كانوا على مر الأزمان والعصور.