ان مشكلة الكلاب الضالة هي افة عالمية و تحاول كل دولة معالجة الوضع وفق تصورها و مبادئها و ما تسمح به قوانينها. فأمريكا مثلا لا تجد حرجا في قتل الكلاب الضالة اذا تفاقمت أعدادها، ذلك انهم يرون القتل الرحيم هو انجع وسيلة للقضاء على هذه المشكلة، و هم لا يبالون بجمعيات حماية الكلاب و يرونهم يكيلون بمكيالين، فبينما يغضون الطرف عن قتل الخنازير البرية و الجرذان، فإنهم يقيمون الدنيا حينما تمس الكلاب و كأنها أحق بالحياة من غيرها. فأمريكا لا تقبل بهذه العنصرية اتجاه حيواناتها و تعاملهم على قدم المساواة. أما في أوروبا حيث تنشط جمعيات الرفق بالكلاب و حيث الإعدام ممنوع بشتى صوره، فقد وفرت هذه الدول ملاجئ للكلاب و جعلت فرقا من أمهر المتخصصين و الأطباء يسهرون على خدمهم و توفير أفضل الرعاية لهم، و هي تقدم لهم الغذاء و الدواء و لوازم العيش الكريم حتى يتوفاهم الموت أو يتبناهم أحدهم فيتحولون من كلاب ضالة الى كلاب مستأنسة. أما تركيا فقد تعاملت مع الموضوع بمقاربة مختلفة، فهي لا تقتلهم و لا تأويهم و إنما تجمعهم من الشوارع و تعمقهم و تلقحهم حتى لا يتكاثروا ثم تضع في آذانهم شريحة GPS لتتبعهم ثم تطلقهم ليعيشوا مع الناس. فالكلب المعقم الملقح لا يشكل خطرا بل يتحول إلى صديق يلعب معه الأطفال. اما في بلدنا، فالمقاربة خليط من كل هذا. كانت الكلاب تقتل في الماضي إما بالرصاص أو السم إذا تكاثرت اعدادها، لكن المغرب قد وقع اتفاقيات دولية تمنعه من قتلها اليوم. فكان لابد من توفير بدائل، و لكن أي ملاجئ ستسع كل هذه الكلاب؟ و كيف ستعيش فيها بكرامة و قد رأينا الظروف الكارثية لملجأ العرجات قرب الرباط، في غياب تام للنظافة و الغذاء. فلم يبق أمامنا سوى النموذج التركي الذي يبدو أكثر واقعية. المشكلة هنا هي غياب الوسائل اللوجستية لجمع الكلاب و تعقيهما و تلقيحها. فتتبع هذه الأعداد المهولة من الكلاب يتطلب فرقا كاملة من الشاحنات و جامعي الكلاب و الأطباء البيطرين. و بينما تفكر الحكومة في حل لهذه الورطة، تتكاثر الكلاب بكل راحة، فالكلبة الواحدة قد تلد 3 مرات في السنة و قد تنجب عشرة جراء في الولادة الواحدة. بل و اصبحت الكلاب تسيئ لسمعة المغرب السياحية بعدما بدأت بمهاجمة السياح الأجانب. امام هذا المعطى، تم تفويض معالجة هذ الملف للمواطن. فرغم أنه لا يستطيع قتلها و إلا دخل السجن بقوة القانون و لا توجد ملاجىء لجمعها، فالحل هو تعليم الناس كيفية التعامل مع الكلاب الضالة عن طريق دورات تكوينية و وصلات اشهارية و تدريب الأطفال على قتال الكلاب إذا ما تعرضوا للهجوم و إخبارهم بما ينبغي فعله اذا عضهم كلب مسعور. و إلى حين تقارب وجهات النظر و تحقق التعايش المنشود بين الكلب و المواطن يبقى المشكل قائما. الحاصل، أن الكلب كان ذئبا في الماضي، و لكن أجدادنا هم الذين حولوه الى حيوان أليف، فلابد أن يدفع المواطن ثمن خطيئة اجداده القدامى.