ترأست السيدة وفاء شاكر مديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين سوس ماسة يوم الخميس فاتح يونيو 2023 لقاء جهويا يندرج في إطار العمل على تنزيل مشروع "مؤسسة الريادة"، وذلك قصد تقاسم مستجدات هذا المشروع الإصلاحي المندمج بمؤسسات التعليم الابتدائي، والمتعلق بمؤسسات الريادة، هذا اللقاء حضره أطر التفتيش التربوي للتعليم الابتدائي بجهة سوس ماسة. السيدة وفاء شاكر في كلمتها التوجيهية للقاء دعت الجميع لتكثيف الجهود والانخراط الجماعي لإنجاح ورش الإصلاح التربوي الهادف الى تحقيق التزامات خارطة الطريق 2022-2026. وفي سياق انطلاق دينامية تنزيل هذا المشروع ، لم يخفي بعض الفاعلين في الحقل التربوي، الذين استقت آرائهم أكادير24، توجسهم من مآلات هذا المشروع ، إسوة بكل المشاريع السابقة الفاشلة أو التي لم تقدم إجابات علمية وموضوعية حول نتائجها، أو حتى تكلفتها المالية أو شفافية أوجه صرف ميزانياتها، فالفاعلون التربويون الأساسيون مصابون اليوم بإحباط جماعي وخيبة أمل جماعية نتيجة توالي الإصلاحات وفشل المشاريع السابقة ( البرنامج الاستعجالي – بيداغوجيا الإدماج – التدابير ذات الأولوية – تعدد الكتاب المدرسي – تدريس اللغة الأمازيغية – برنامج جيني – مشروع المؤسسة…). فأول مايسجل عن المشروع استثناء المدارس الخصوصية من المشروع وهو ما يكرس مظاهر التمييز داخل المجتمع المغربي، وكأن المدارس الخصوصية فوق تجريب مشاريع الوزارة ، أو أن زمنها المدرسي لا يحتمل هدره في هذا التجريب. المشروع اعتمد منهاج الخبرة في حين أن الإصلاح العميق يقتضي اعتماد منهاج الإشراك ( إشراك جميع الفاعلين التربويين على غرار منتديات الإصلاح واللقاءات التشاورية …)، كما أن فكرة مشروع الدعم وفق المستوى المناسب ( TaRl) فكرة مستوردة سيتم استنباتها في بيئة مخالفة للبيئة التي نشأت فيها..وهو لحد لم يقدم جوابا أو تصورا بخصوص نظام التقويم والامتحانات. فرغم الهالة الاحتفالية الإستعراضية التي تسوق به الوازرة للمشروع، فهي لم توضح طبيعة النموذج البيداغوجي المعتمد وفلسفته، فهو يركز على الجوانب المعرفية للعملية التعليمية مستلهما فلسفته من بيداغوجيا الأهداف في حين انه لم يقدم تصورا واضحا بخصوص مداخل المنهاج المعتمدة في الميثاق الوطني، الكفايات والقيم والتربية على الاختيار. فالمشروع مثلا، لم يقدم تصورا بخصوص بعض الجوانب الأساسية في التربية ومنها التربية الصحية والغذائية والبدنية وتنمية الذوق الفني والجمالي ومحاربة كل مظاهر وأشكال العنف العنف المادي والرمزي داخل الفضاءات العمومية، الشيء الذي يسجل عليه قصورا بخصوص علاقته أو مدى التقائيته بالمشاريع القائمة حاليا ومن ضمنها مشروع التربية الدامجة وتكييف التعلمات لفائدة التلاميذ في وضعية إعاقة. جزء كبير من هذه التخوفات والملاحظات لمسناها أيضا لدى بعض الفاعلين النقابيين بخصوص مؤسسة الريادة ، إذ يبدو حاليا، في نظرهم، أنه منفصل تماما عما بات يسمى بإصلاح النظام الأساسي وما يتعلق به من الحقوق الأساسية للموظفين كالحركة الانتقالية والتحفيز المادي والمعنوي. مع ما قد يرافق أجرأة المشروع من تجاوزات مبنية على تأويل سلبي لبنود التنزيل ، يمكن أن تطال تدبير الموارد البشرية وذلك بمنح امتياز التكليف بمناطق الجذب دون وجه حق، أو بالإخلال بمعايير التنظيم التربوي الجاري بها العمل وضرب الحقوق المكتسبة لنساء ورجال التعليم ، خصوصا وقد تم الترويج لجانب من هذه التجاوزات، بحماس زائد، من طرف بعض المشرفين على المشروع في بعض مديريات الجهة. وسجل أيضا هؤلاء الفاعلين النقابيين على المشروع ضبابية تصوره بخصوص تدبير الزمن المدرسي وما يرتبط به من إشكالات وعلى رأسها ساعات العمل الأسبوعية واعتماد نظام التخصص من عدمه. وجدير بالذكر أن المشروع لم يضع تصورا واضحا بخصوص التكوين المستمر الذي ينطلق هذا الاسبوع ، وسط مخاوف من إعادة مسلسل هدر المال العام (التغذية في الدورات التكوينية) وهو ما يذكر بالكوارث التي رافقت البرنامج الاستعجالي… فإذا كانت مديرة الأكاديمية السيدة وفاء شاكر بدت صارمة وحازمة في تعبئة جميع المتدخلين لانجاح مشروع مؤسسة الريادة خلال لقاء الخميس الماضي حسب مصادر من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين سوس ماسة حضرت اللقاء ، فإن نساء ورجال التعليم والأطر الإدارية والتربوية يعقدون عليها آمال كبيرة لتتبع هذا المشروع عن كتب ومواكبة تنزيله داخل المديريات، بسبب فقدان الثقة في جدية بعض المديريات التي على رأسها من سماهم مصدر نقابي بالحرس القديم ، مخافة تكرار مآسي تجارب سابقة ، أفرزت فئتين، فئة تجار المشاريع وفئة ضحاياها، خصوصا أن بعض مديريات الجهة قد تجعل من مشروع مؤسسة الريادة مناسبة للتلاعب بالموارد البشرية بتكريس التمييز بين الأساتذة بناء على الانتماء لمدرسة الريادة من عدمه أو منح هوامش انعاش الريع النقابي ومحاباة جهات نافذة تجد في مثل هذه السياقات مناسبة مواتية لاقتناص الفرص ولقضاء اغراضها ومصالحها . دون إعفال تأثير مدد التكوين الطويلة او حتى المشروع نفسه على حقوق المتعلمين الثابتة في زمن التعلم، وكل هذا بسبب مشروع يجمع المتتبعون للشأن التربوي بالجهة أنه بغض النظر عن الهالة الإستعراضية التي يتم بها تسويقه، لايعدو أن يكون مصيره كباقي المشاريع السابقة بمآلاتها وأخطائها، وبتجارها وضحاياها ..فهل ستترك مديرة الأكاديمية السيدة وفاء شاكر "للبنيات السرية البيروقراطية" بالمديريات مجالا واسعا للمناورة واستثمار المشروع خدمة لمصالحها وأجندتها، أم ستواكب بكل يقضة إدارية تفاصيل مشروع مؤسسة الريادة ؟! هذا ماستجيب عليه الأيام القادمة ووقائعها في سوس.