د. فاتح عبدالسلام[عن الكاتب] للمغرب أن يفخر بالمنجز الكبير لمنتخبه الكروي من دون الشعور بالإحباط لعدم الوصول الى المباراة النهائية التي قد يقال فيها من مظالم التحكيم أكثر مما قيل في المباراة التي سبقتها مع فرنسا وشابها ما شابها. ولايزال للمغرب مباراة لاستعادة الثقة وتكريس المنجز، إلا انّها في النهاية لعبة مدتها تسعون دقيقة تخضع لشروط السباق وإمكانات كل فريق مع مفاجآت الحظ والمصادفات والتحكيم وامور أخرى يتمنى الجمهور عدم حدوثها من تضييع فرص وضعف تسديد الكرات ضد مرمى الخصم لكنها تحدث مهما قيل من كلام. بالرغم من انّ زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية الى المغرب كانت معدة التوقيت مسبقاً الا انّ انجاز الزيارة في موعدها كان له دور سياسي، وسط أجواء متفاقمة من الحماس والإحباط لدى المغاربة الذين استحضروا تاريخاً كبيراً من العلاقات بين البلدين تخللتها فترة الاستعمار ونضال المغاربة من أجل التحرر، فضلاً عن أجواء محتقنة عابرة بين الطرفين لأسباب اقتصادية وسياسية تخص ملفات، ربما تتشارك فيها المنطقة ايضاً، وأهمها ملف الهجرة والتأشيرات. في الحسابات الاستراتيجية، يكون المغرب وفرنسا حليفين ينظران بواقعية الى الخلافات الناشئة ولا يذهبان أبداً الى سياسة حافة الهاوية التي قد تحدث غالباً بين الدول المختلفة على قضايا بينية معينة. اللافت في زيارة وزيرة الخارجية هو تركيزها على الأفق المستقبلي وليس المرحلي للعلاقة بين البلدين، لاسيما حين افصحت عن افق زمني يمتد الى عشرين سنة مقبلة، وهي فترة ذات قيمة عالية في التأسيس لمسارات جديدة من العلاقات لتجنب اية انتكاسات محتملة. ان مباراة المنتخبين المغربي والفرنسي ، كانت فرصة كبيرة لإظهار المغاربة امام التظاهرة العالمية الرياضية الأكبر على الكوكب، لعناصر التمسك بالهوية العربية الإسلامية ، بالرغم من ازدياد التركيز في الاعلام الغربي على الهوية الافريقية للمغرب، رفي محاولة للتقليل مع بصمات رائعة لأبطال المغرب حين كانوا يسجدون سجدة الشكر التي تدمع لها عيون الملايين في ملعب المونديال بعد كل هدف يحرزونه وكان يصطحبون امهاتهم ويتلقون الدعاء والابتهالات الى السماء من أفواههم، في حين انَّ لاعبي الفرق الاوربية الذين يصطحبون معهم زوجاتهم وصديقاتهم في احسن الأحوال يفتقدون ذلك الملمح الاجتماعي العميق في تكوين الهوية، تلك الهوية الباقية اذا أحرزنا البطولة أو لم نحرزها. ذلك ان البطولة في هذا المحفل العالمي العظيم هي الهوية، وقد نجح المغاربة في حمل لوائها نيابة عن مليار ونصف مليار عربي ومسلم.