خلال ترشحه لرئاسة فرنسا عام 2017، قام ماكرون بزيارة للجزائر للظهور أمام الفرنسيين كرجل دولة قادر على رئاسة فرنسا. خلال هذه الزيارة قام ماكرون بتوزيع تصريحات جعلت جنيرالات الجزائر يعتقدون أن العلاقات الجزائرية الفرنسية ستدخل منعطفا جديدا، يصب في مصلحة الجزائر ويُقوي موقفها العدائي للوحدة الترابية للمملكة المغربية. لكن بعد انتخابه رئيسا لفرنسا، لم يقع شيء من هذا وحصد حكام الجزائر كل الخيبات بعد أن اكتشفوا أن ماكرون استغلهم فقط في حملته الانتخابية. الأمر الذي انعكس سلبا على العلاقات بين البلدين. وخلال حملته الانتخابية للظفر بولاية ثانية، استقبل ماكرون في خطوة استفزازية، الجنود الجزائريين الذين قاتلوا إلى جانب الجيش الفرنسي في حرب التحرير. لم يكتف الرئيس الفرنسي بهذا الاستفزاز للجزائر، بل صرح خلال هذا اللقاء أن الجزائر لم تكن موجودة قبل الاستعمار الفرنسي لها سنة 1830. هكذا إذا، تجرأ ماكرون على استعمال الجزائر مرة أخرى وكيفما يحلو له في حملته الانتخابية لكسب أصوات اليمين المتطرف. وبعد انتخابه رئيسا لفرنسا لولاية ثانية، دأب الرئيس الفرنسي على توظيف علاقة بلاده مع الجزائر بما يخدم مصالح فرنسا على حساب مصالح الشعب الجزائري. بعد كل هذا الاستهتار بالنظام الجزائري، يقوم الرئيس الفرنسي بزيارة للجزائر من أجل تأمين الغاز للفرنسيين خلال فصل الشتاء علما أن فرنسا لم تقدم أي اعتذارا للشعب الجزائري على تصريحات رئيسها. هكذا إذا بدت فرنسا تتعامل مع نظام عسكري ضعيف لا يبحث سوى على زيارة رؤساء الدول ليثبت للجزائريين أنه نظام لا يعاني من عزلة إقليمية ودولية. لو تحلى جنيرالات الجزائر بحِكمة العاهل المغربي، وحَكَّموا لغة العقل التي دعاهم إليها ملك المغرب، لكانوا في أفضل حال ولكان موقعهم الإقليمي أكثر قوة، لا تستطيع معه فرنسا التطاول على الجزائر كما تفعل الآن. العداء المفرط لحكام الجزائر اتجاه المغرب لم يجني منه هؤلاء سوى خيبة الأمل التي أضعفت موقفهم إقليميا ودوليا، رغم الأموال الكثيرة التي يصرفونها وهي أموال يحتاجها الشعب الجزائري. إذا كانت استراتيجية العداء التي ينهجها حكام الجزائر لتصدير أزمتهم الداخلية قد أضعفت بلادهم إقليميا ودوليا، فإن استراتيجية اليد الممدودة، والاهتمام بالمشاكل الداخلية، قد جعلت من المغرب قوة إقليمية وديبلوماسية صاعدة دوليا. هذا الأمر يتجلى بكل وضوح في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 63 لثورة الملك والشعب والذي جاء فيه:" لذا ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن تُوضح مواقفها، وتُراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل". قوة الديبلوماسية المغربية المبنية على اليد الممدودة والبناء الداخلي، جعلت المغرب يسير نحو كسب رهان وحدته الترابية ويُقوي موقعه في المنتظم الدولي. لذلك نقول بأن جنيرالات الجزائر، لم يبق أمامهم من خيار سوى نهج ديبلوماسية جديدة ووضع يد الجزائر في يد المغرب لكسب رهان خدمة مصالح بلدهم. وإلا، فإن مُنحنى السقوط والمزيد من الضعف هو مآل الافراط في العدوانية ضد المغرب، وهو ما سيجعل حكام الجزائر في أسوء ضعف في تاريخ البلاد سيجعل من الجزائرلقمة سائغة في يد أصحاب المصالح. وما زيارة ماكرون المقبلة للجزائر رغم أنه شكك في وجودها قبل الاستعمار الفرنسي، واستغل الجزائر في حملاته الانتخابية، إلا بداية السقوط إن لم يتدارك حكام الجزائر الأمر قبل فوات الأوان.