شهدت أسواق العملات المشفرة تقلبات كبيرة خلال الأسابيع الماضية، حيث انخفضت قيمة معظم العملات الرئيسية والكبرى متأثرة بقرارات المجلس الفدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة، والتي بدورها كانت نتيجة موجة الركود والتضخم التي يشهدها العالم. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية للكاتب هاميش ماكراي فإن الأسابيع الماضية كانت قاسية على كل من يملك عملة البيتكوين التي كانت تُتداول فوق 30 ألف دولار في 9 يونيو الماضي، لكنها انخفضت لأقل من 18 ألف دولار، ثم حققت بعدها انتعاشا جزئيا، ووصلت الآن إلى ما يزيد عن 19 ألفا. وأشار الكاتب إلى أن أفضل ما يمكن فعله في مثل هذه الأوقات المضطربة هو التفكير بهدوء، والبحث عن أفضل مصادر للمعلومات الجديدة والتي من شأنها أن تساعد على اتخاذ الأحكام المناسبة. واعتبر الكاتب أن هناك 5 حلول يمكن العمل بها خلال فترة التقلبات التي تشهدها سوق "الأموال الرقمية"، لتفادي أي خسائر يحتمل أن تلحق المتعاملين بهذه العملات. التعامل مع التقلبات الشديدة يرى الكاتب أن سوق البيتكوين ضيق للغاية نظرا لقيمته السوقية الهائلة، فعند حوالي 19500 دولار، تبلغ القيمة السوقية لهذه العملة الرقمية 370 مليار دولار، متجاوزة بذلك شركة النفط العملاقة "شل" التي تبلغ قيمتها حوالي 200 مليار دولار. وفي ظل وجود أصل بهذا الحجم، يتوقع الكاتب أن يكون هناك الكثير من المتداولين على المدى القصير، الذين يسعون للشراء عند انخفاض قيمة العملة الرقمية والبيع عند الارتفاع، وهو ما يساعد على موازنة سعر السوق، بحيث تحدث تحركات كبيرة في الأسعار فقط عندما تأتي معلومات جديدة. لكن في المقابل، لا يحدث هذا الأمر مع البيتكوين نظرا للتقلبات الكثيرة التي تعرفها، ذلك أنها تظل وفق الكاتب ورقة مالية غير سائلة، ما يعني أن محاولة بيع أو شراء كمية كبيرة من هذه العملة قد يتسبب في خسارة كبيرة للمستثمرين، وبما أن هذا الأمر ينطبق على عملة البيتكوين، فإنه ينطبق أيضا وبشكل أكبر على العملات المشفرة الأخرى التي تكون أكثر تقلبا. معرفة حقيقة العملات المشفرة يرى الكاتب هاميش ماكراي أن العملات المشفرة ليست مفيدة كوسيلة للمعاملات، إذ لا يمكن الاحتفاظ بها كأصل، ما يعني أن استخدامها محدود فقط إذا كان المستثمر يرغب في شراء شيء ما. وتعتبر عملة البيتكوين قانونية في دولتين هما السلفادور وجمهورية أفريقيا الوسطى فقط، ولكن التقارير التي صدرت الشهر الماضي أثبتت أن قيمة ممتلكات السلفادور انخفضت بنسبة 50%، ويبدو أن استخدامها في المتاجر أصبح محدودا. انتظار رحلة الصعود يتوقع مايك نوفوغراتز المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "غالاكسي ديجيتال هولدينغز" (Galaxy Digital Holdings) أن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى تعود عملة البيتكوين والإيثريوم إلى مرحلة صعودية. وتبعا لذلك، اعتبر ماكراي أن الشخص الذي يبحث عن استثمارات آمنة في العملات الرقمية، يجب عليه الانتظار حتى ترتفع قيمة هذه الأخيرة مجددا. وفقا للكاتب ماكراي، فإن المقاييس العادية المعمول بها في مجال الاسثمار لا تنطبق على العملات الرقمية، وهو ما يزيد من حالة عدم اليقين. وبناء عليه، أوضح الكاتب أن مسيرة عودة العملات الرقمية إلى أوجها ستستغرق وقتا ربما يكون طويلا، مشيرا إلى أن الأمر سيتطلب عامين أو ثلاثة قبل أن يتكيف العالم مع نهاية "الأموال المجانية"، وبعده سيتضح ما إذا كان للعملات الرقمية مستقبل أم لا.