المرجع : http://www.youtube.com/watch?v=aNLrx1fzNIY لم أجد أحسن تقديم لهذه الورقة البسيطة أحسن من الدعوة إلى الإطلاع على تسجيل اليوتوب المرفق و المشار إليه في المرجع قبل قراءة الموضوع . و كالعادة ,أدخل في الموضوع مباشرة : لم ير وزيرنا المحترم أي ضرورة لتحية المديرين أولا (ربما كانوا آلات في نظره و لم يكونوا آدميين فحتى رجال الشرطة و الدرك يحيون المخالفين لقوانين السير قبل أي مراقبة لأوراقهم و عرباتهم ) يسأل بعد ذلك أحدهم عن توفره على مرحاض مما دفع أحد مرافقي الوزير إلى الضحك و حق لهذا المرافق ان يضحك على اعتبار أن السؤال شخصي في ظاهره و يحتمل أكثر من معنى: ربما قصد وزيرنا المحترم مرحاضا خاصا بالمدير و صاحبتو(و هذا اكتشاف آخر للوزير سبق أن صرح به في تسجيل سابق ) إذ يفترض وجود مثل هذا المرحاض في مكتب المدير أو ربما كان الأمر يتعلق بمرحاض المدير و امراتو في منزلهما و الذي يفترض أنه مسكن وظيفي و يحق بالتالي للوزير أن يسأل عنه . ولحسن حظنا لم يلبت الوزير أن يوضح معيدا السؤال عن المراحيض بصيغة الجمع لنفهم (أو هكذا نظن أننا فهمنا) أنه يقصد مراحيض المؤسسة التعليمية . ليس لسؤال الوزير أي وجه من أوجه الغرابة في هذه الحالة الأخيرة فيما عدا ترتيبه قبل السؤال عن عدد التلاميذ , لكن المستغرب في كل ما حصل هو أن يشكك الوزير في تصريح المدير مكررا عليه قوله “واش متأكد” .فكيف يمكن أن نبني تعليما جيدا و تربية جيدة على مثل هذه الدرجات من عدم الإحترام التي تذهب إلى حد معاملة الناس معاملة الآلات و الشك المرضي في تصريحاتهم و في عملهم لدرجة يجعلهم أدنى من الآلات (لم نسمع قط أحدا سأل حاسوبا أو روبوتا “هل أنت متأكد مما تقول ؟”بل العكس هو الحاصل ) فشكرا لوزيرنا على اكتشافه الجديد لترتيب الكائنات : الناس ثم الحيوانات ثم النباثات ثم الجمادات ثم رجال التعليم و نسائه في أسفل السلم . سيدي وزير التعليم لن أوقع هذه الورقة باي إسم ما دمت قد أبديت امتعاضك من ذكر أسماء هؤلاء المديرين من طرف الموظف الذي كان يشرح لك أهمية وسائل الإتصال الحديث و كنت تستعجله للمرور مباشرة إلى التجربة لأنك إنسان عملي للغاية وتحبد دائما الدخول في صلب الموضوع دون مقدمات . أنا أستاذ بمعنى لا شيء . أنا أستاذ يشك في كونه قدعلم يوما أي تلميذ أو تلميذة أنا أستاذ يشك في كونه بشرا أنا أستاذ يشك في وجوده اصلا أنا أستاذ يتمنى عودة سقراط و ديكارت قبل عودة المسيح عليه السلام أنا أستاذ يتمنى لو كان بإمكانه الرحيل عن القسم أو عن الوطن أو عن الدنيا سيان فلم يعد للمقام من معنى لولا تقاسم الكلمة و للكلمة قداسة ففي القرآن “إقرأ” و في الإنجيل “في البدء كان الكلمة ” فيا سيادة الوزير : معذرة لإطالتي الكلام ولكم مني جميعا ألف سلام أمر الآن إلى أكتشاف الأستاذ و هو و إن أوردته مع اكتشاف الوزير إلا أن الفرق بينهما كالفرق بين السماء و الأرض و حاشا أن يقترب مستوى الاستاذ من مقام الوزير أو حتى أن يحلم به : منذ زمن و المغاربة يتسائلون عن سبب تخلفهم و تبوئهم لآخر المراتب في كل مجالات التنمية فمنهم من أرجع ذلك إلى سنوات الإستعمار ومنهم من أرجعها ألى اختلاس المال العام من طرف أشخاص و يقال أن للعفاريت أيضا يدا في ذلك و منهم من أرجعها إلى الإختيارات اللاشعبية للحكومات السابقة بينما الأمر ,فيما بدا لي بعد تفكير عميق في المسألة,جد بسيط و سأشرح لكم : فكرت جيدا ولاحظت أن المغرب كان يسير على خطى حثيثة نحو مستقبل زاهر و مشرق إلى أن ولدت فبدأ بالتراجع منذ ذلك الحين ,ثم فكرت في المنظومة التربوية للبلد فلاحظت مرة أخرى أن جميع أمورها كانت تسير بنظام و انتظام نحو تحقيق الرقي و الإزدهار إلى أن عينت أستاذا مبرزا للتدريس بالثانوي فبدأت حالة التعليم تسوء من جديد مما زاد من سرعة إنحدار المغرب في سلم التنمية . ماذا نستنتج من كل هذه الملاحظات المؤكدة ؟ كأستاذ للعلوم الفيزيائية يعتمد المنهج التجريبي كأساس للوصول إلى الحقائق العلمية ,لا يسعني إلا أن أربط النتائج بالمسببات و أعترف لكم بأنني السبب في كل ما جرى للمغرب من نكوص و تراجع . هذا من جهة ,أما من جهة أخرى فلا تنتظروا مني الإستقالة من منصبي رغم كل ما ذكرت ,بل إنني لن أعتذر لكم بالمرة لسبب بسيط جدا وهو أنني منذ ولادتي في هذا البلد الكريم لم تر عيناي أحدا يعتذر إلا إذا كان مكرها . و إلى أن تكرهوني على الإعتذار ,أقول لكم تصبحون على وطن . سعيد براتك