تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بشأن التصعيد في مجمع آزوفستال في ماريوبول؛ ففي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الدفاع الروسية أن قواتها وقوات دونيتسك ستوقف إطلاق النار خلال الأيام الثلاثة القادمة لإخراج المدنيين من مصنع آزوفستال للصلب، اتهمت كييف القوات الروسية باستهداف المجمع في سعي لاقتحامه، وأشارت إلى أن القتال في محيط المصنع ما يزال مستمرا. كما اتهم نائب قائد كتيبة آزوف المتحصنة بمجمع آزوفستال الصناعي في مدينة ماريوبول روسيا بعدم الالتزام بأي قواعد أو أعراف أو قوانين أخلاقية أمام العالم بأسره، حسب تعبيره، وناشد المجتمع الدولي -في فيديو نشر عبر حسابه على موقع تليغرام- التدخل لإجلاء المدنيين والجنود الجرحى المحاصرين داخل المجمع. وكشف الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش عن عملية ثالثة تجري حاليا لإجلاء من تبقى من المدنيين المحاصرين في المجمع الصناعي، مؤكدا أنها محاطة بالسرية "لتجنب تقويض أي نجاح ممكن"، حسب تعبيره. وقال غوتيريش إن ما وصفها بالدبلوماسية الصامتة التي تنتهجها المنظمة الدولية ساعدت في إجلاء المدنيين المحاصرين في مدينة ماريوبول ومجمع آزوفستال الصناعي في عمليتين ناجحتين تحت مظلة اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وكانت روسيا تعهدت بوقف إطلاق النار وإنشاء ممرات إنسانية يوم الخميس، ولكن لم تحدث أي عمليات إجلاء، وقالت إيرينا فيريشوك نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إن من المقرر تنفيذ محاولة إجلاء جديدة يوم الجمعة. ووصف ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الوضع الإنساني في مجمع آزوفستال الصناعي بالمزري للغاية بالنسبة للمدنيين، مضيفا أن "ما نراه من الناس الذين خرجوا هو حاجتهم إلى المساعدة الطبية، إنهم يعانون من الجفاف ويفتقرون إلى الطعام وتعرضوا للصدمة ويحتاجون إلى دعم فوري". يذكر أن المصادر الأوكرانية تشير إلى وجود نحو 200 مدني محاصرين داخل مصنع آزوفستال، إضافة إلى مقاتلين لا يعرف عددهم، بعد أن تم نقل 500 شخص تقريبا خلال عمليتين سابقتين بوساطة الأممالمتحدة والصليب الأحمر إلى زاباروجيا، التي لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية. وكان أوليكسي أريستوفيتش مستشار الرئيس الأوكراني ذكر أن القوات الروسية تنوي الاستيلاء على مجمع آزوفستال الصناعي في الذكرى 77 للانتصار على ألمانيا في الحرب العالمية الثانية في التاسع من مايو/أيار الجاري الذي يوافق الاثنين القادم.
تطورات ميدانية وفي تطور ميداني آخر، أفاد مراسل الجزيرة بسماع دوي انفجارات عنيفة في مدينة كراماتورسك الأوكرانية، وصفارات الإنذار تدوي في عموم مدن إقليم دونباس، وأن منطقة ميكولاييف تتعرض لقصف روسي عنيف براجمات الصواريخ، ودعت سلطات المدينة السكان للبقاء في الملاجئ. وقال مراسل الجزيرة في كراماتورسك إن 25 مدنيا أصيبوا جراء قصف صاروخي روسي استهدف أحياء في وسط المدينة، وأشار إلى أن هذا القصف يعد الأكبر الذي تتعرض له المدينة، والأوسع من حيث الأضرار. وكان الجيش الأوكراني أكد أن القوات الروسية استخدمت في القصف صواريخ بعيدة المدى من طراز "كاليبير"؛ مما خلف دمارا كبيرا في الأبنية. وكانت هيئة الأركان الأوكرانية أعلنت أمس الخميس أن "العدو خسر السيطرة على قرى عدة قرب منطقتي ميكولاييف وخيرسون". وفي الوضع الإنساني، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن القوات الروسية دمرت أو ألحقت أضرارا بما يقرب من 400 مؤسسة للرعاية الصحية، وترك الأطباء من دون أدوية لمعالجة السرطان أو قدرة على إجراء الجراحات. نفي أميركي ونفت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أمس الخميس تقديم معلومات استخبارية مكنت القوات الأوكرانية من استهداف كبار الضباط الروس بالقرب من الجبهة. وأكد المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي أن بلاده ترسل إلى كييف معلومات استخبارية لمساعدتهم "في الدفاع عن بلادهم"، مشددا على أنهم لا يقدمون "معلومات عن أماكن وجود كبار القادة العسكريين في ساحة المعركة، ولا نشارك في قرارات الاستهداف التي يتخذها الجيش الأوكراني". وكانت صحيفة نيويورك تايمز نقلت أمس الأول الأربعاء -عن مصادر داخل الاستخبارات الأميركية- أن المعلومات التي تقدّمها الولاياتالمتحدة للجيش الأوكراني أتاحت استهداف كثير من الجنرالات الروس قرب الجبهة. ونقلت الصحيفة عن عدد من كبار المسؤولين الأميركيين أنه من بين الجنرالات الروس الذين قُتِلوا بأيدي القوات الأوكرانية تم استهداف "كثير" منهم بمساعدة الاستخبارات الأميركية. وتعليقا على ذلك، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن "الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وحلف شمال الأطلسي برمته تتقاسم على نحو دائم معلومات استخباراتية مع الجيش الاوكراني. وبإضافة ذلك إلى إمدادات الأسلحة (...) فإن هذه الأنشطة لا تتيح إنهاء (الهجوم الروسي على أوكرانيا) سريعا". لكنه أضاف أن هذا الأمر "لن يحول" دون تحقيق أهداف التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا. عقوبات ودعم وقال وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالينبيرغ -في تصريحات للجزيرة- إن العقوبات على روسيا تستهدف القطاع الصناعي العسكري والطاقة، وأكد التزام بلاده بالاتفاقيات النفطية مع روسيا، وأنها لن تدفع ثمن الواردات بالروبل. حيث أوضح شالينبيرغ أن الاتحاد الأوروبي لديه 3 جوانب في العقوبات على روسيا: أولا سنستهدف القطاع المالي وبعض أكبر البنوك التي ستستثنى من نظام سويفت؛ وثانيها استهداف القطاع الصناعي العسكري برمته، بالإضافة إلى النفط والنفط الخام والنفط المكرر، ومع الوقت سنرى أن هذا القطاع ستناله العقوبات أيضا. موقفنا واضح ونلتزم بالاتفاقيات الموجودة، ولن ندفع بالروبل وليست لدينا نية في ذلك. وفي حزمة أوروبية سادسة من العقوبات على روسيا، اقترح الاتحاد الأوروبي استبعاد 3 مصارف روسية إضافية -بما فيها سبيربنك؛ أكبر مؤسسة روسية- من النظام المالي الدولي (سويفت)، في حين قال الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء الماضي إنه سيناقش هذا الأسبوع مع دول مجموعة السبع الأخرى عقوبات "إضافية" محتملة ضد موسكو. كما أوصت المفوضية الأوروبية أيضا بمعاقبة رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية البطريرك كيريل الذي ضاعف خطبه الداعمة للتدخل العسكري في أوكرانيا. تزامن ذلك مع إعلان مؤتمر المانحين المنعقد في العاصمة البولندية وارسو تقديم 6 مليارات دولار مساعدات إضافية لأوكرانيا في حربها ضدّ روسيا. وفي كلمته عن بعد خلال المؤتمر طلب الرئيس الأوكراني جعل انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي حقيقة وليس مجرّد وعود. من جهته، شدّد رئيس المجلس الأوروبي على ضرورة إطلاق "خطة مارشال" لدعم أوكرانيا في الحرب وإعادة الإعمار. وسط أجواء الدعم، هذه أطلق الرئيس الأوكراني أمس الخميس حملة عالمية لجمع أموال لأوكرانيا عبر منصة خاصة أنشئت لهذا الغرض. وقال في رسالة مصورة بالإنجليزية -نشرها على حسابه على تويتر- "بنقرة واحدة يمكنكم التبرع بأموال لحماية المدافعين عنا وإنقاذ المدنيين وإعادة بناء أوكرانيا، معلنا عن منصة "يونايتد24′′، مؤكدا أن "كل تبرع مهم للنصر". دعوات لوقف الحرب ودعت الأممالمتحدة ودول عدة أمس الخميس إلى إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، من دون ذكر محادثات السلام المتوقفة على ما يبدو، وكرر الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش خلال اجتماع مع مجلس الأمن أن "غزو أوكرانيا من جانب روسيا انتهاك لسلامة أراضيها ولميثاق الأممالمتحدة". وأضاف "هذا يجب أن يتوقف، لما فيه خير الشعب الأوكراني و(الشعب) الروسي والعالم أجمع"، ودعا معظم أعضاء مجلس الأمن -بما في ذلك الصينوالولاياتالمتحدة وأيرلندا وفرنسا والمكسيك- إلى "إنهاء الحرب". وقال السفير الصيني تشانغ جون إن "الحوار والمفاوضات وحدهما سيسمحان بوقف المعارك"، منتقدا إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، في حين دعا نظيره الكيني مارتن كيماني إلى "وساطة" من جانب غوتيريش. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالينبيرغ إن بوتين أبعد كل جيرانه عنه، وجعل الناتو أقوى من ذي قبل. وفي تصريح للجزيرة أضاف وزير الخارجية النمساوي أن هناك شكوكا في مساعي روسيا الدبلوماسية؛ مؤكدا أن الروس يستخدمون كل الوسائل العسكرية لتحقيق المكاسب على الأرض.