“انتظارات المغاربة من القضاء في ضوء رهانات المرحلة” هو محور الندوة العلمية التي شهدتها رحاب كلية الحقوق التابعة لجامعة إبن زهر بأكادير يوم السبت الماضي. الندوة التي نظمها المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب باكادير و كلية الحقوق التابعة لجامعة إبن زهر، وهيئة المحامين لدى محكمتي الإستئناف بأكادير والعيون بحضور جمع غفير من الجامعين والمحامين والقضاة والطلبة، أكد الدكتور الحسين بلوش نائب عميد كلية الحقوق على أهميتها و راهنية موضوعها سيما في ظل الدستور الجديد والتغييرات الكبرى التي يشهدها المغرب، وشدد الأستاذ عثمان نواروي نقيب هيئة المحامين لدى محكمتي الإستئناف بأكادير والعيون على تداخل إصلاح القضاء مع إصلاح مهنة المحاماة مركزا على تخليق جميع المهن القضائية، وأبرز الأستاذ ياسين مخلي رئيس نادي قضاة في كلمته بالمناسبة تقاطع أهداف نادي قضاة المغرب مع انتظارات المغاربة ممثلا لذلك بمجموعة من مواقف نادي قضاة المغرب، وعند تلاوته للورقة التقديمية بإسم اللجنة المنظمة أشار الدكتور المهدي شبو رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب باكادير إلى أن المنظمين يتوخون من هذه الندوة المساهمة العلمية الفعالة في النقاش المجتمعي حول إصلاح منظومة العدالة بالمغرب بعيدا عن إكراهات المبادرات الرسمية. وشهدت الجلسة العلمية الأولى التي ترأسها النقيب عثمان نوراوي حول محور الانتظارات السياسية والحقوقية من السلطة القضائية أربع مداخلات، افتتحها الدكتور محمد كولفرني أستاذ بكلية الحقوق بقراءة سيوسيودستورية في إصلاح القضاء تناول فيه منهجية الاصلاح والجانب الدستوري من خلال الباب السابع من الدستور واكراهات الإصلاح من خلال الواقع السيوسيو تنظيمي للجهاز القضائي وغياب معرفة موضوعية علمية حول كيفية اشتغلال الجهازالقضائي، وتطرق الدكتور المهدي شبو لدور القضاء في دعم الديمقراطية ومسلسل الانتقال الديمقراطي بالمغرب وخلص في مداخلته إلى أن الخيار الديمقراطي بالمغرب لارجعة فيه، وأن دور القضاء مرشح للتنامي بالتوازي مع التغييرات السياسية التي يشهدها المغرب بما يكفل مساهمة القضاء في حماية الديمقراطية وحراسة قيمها، وتساءلت الأستاذة الغالية الهرجاني رئيسة منتدى المحامين الشباب باكادير عن علاقة القضاء بمصلحة المجتمع، متتبعة هذه العلاقة من خلال تطبيقات من القوانين الشكلية والموضوعية، وركز الدكتور محمد موساوي الأستاذ بكلية الحقوق باكادير في مداخلته عن إصلاح القضاء ورهانات حماية حقوق الإنسان على الصعوبات التي يعرفها تطبيق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بالمغرب ودور القضاء في تفعيلها. وعرفت الفترة المسائية جلستين انعقدت أولهما برئاسة الدكتور مولاي أبراهيم كومغار في محور الأمن القضائي وخلالها تدخل الأستاذ مصطفى يخلف المحامي باكادير ورئيس الجمعية المغربية حوار ليبسط الانتقادات الموجهة لأداء الجهاز القضائي دوليا ووطنيا وقطاعيا مستحضرا في ذلك بعض النقاشات التي يعرفها الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، وفي مداخلته حول إصلاح منظومة العدالة وسؤال استقلال النيابة العامة ركز الدكتور عبد الإله أمين على مظاهر تبعية النيابة العامة في القانون المغربي مستشرفا آفاق استقلاليتها، في مفهوم الأمن القضائي، وتدخل تباعا الأستاذ فيصل لعموم المستشار بمحكمة الاستئناف باكادير والدكتورة حليمة بن حفو الأستاذة بكلية الحقوق باكادير فأبرز الأول دلالة المفهوم وأساسه في الشريعة والقانون، فيما ركزت المتدخلة الثانية على أهميته ودوره كعنصر طمأنة للمرتفق الوطني والأجنبي على السواء، وفي مداخلة إصلاح العدالة وسؤال الأخلاق، طرح الأستاذ الحبيب عنان القاضي بالمحكمة الابتدائية بانزكان مجموعة من التساؤلات حول تخليق القضاء والمهن القضائية المرتبطة به منتهيا إلى التأكيد على أهمية التخليق كعنصر أساسي في الاصلاح القضائي. وعقدت الجلسة العلمية الأخيرة برئاسة الأستاذ ياسين مخلي رئيس نادي قضاة المغرب في محور الانتظارات القطاعية، وفي نطاقها طرح الدكتور عبد الرزاق أيوب الأستاذ بكلية الحقوق باكادير المقاربة التشاركية في إصدار الحكم القضائي في أفق تعديل قانون المسطرة المدنية والسماح بمساهمة أطراف الخصومة في إدارة الدعوى لاصدار أحكام قضائية يقبل بها الأطراف، وطرحت الأستاذة عالية شباطي القاضية بالمحكمة الابتدائية بانزكان مفهوم النجاعة القضائية بإعتباره من المطالب الأساسية التي يجابه بها القضاء اليوم ويطرح عليه رهان الاشتغال بفلسفة المردودية شأنه شأن المقاولات الاقتصادية، وعاد الدكتور رشيد كديرة الأستاذ بكلية الحقوق باكادير بالحاضرين لأجواء سوسيوجيا التجمعات من خلال مداخلته حول دور الهيئات المهنية في إصلاح القضاء حيث ركز على تجربة نادي قضاة المغرب في مقارنتها ببعض تجارب الجمعيات المهنية بالمغرب وخصوصا المهندسين، و اختتمت الأستاذة نعيمة بناني المحامية باكادير المداخلات بموضوع تطرقت فيه لإنتظارات هيئات المهن القضائية من ورش إصلاح منظومة العدالة والتي مثلت لها بهيئات المحامين. وقد شهدت الندوة تفاعلا كبيرا بين المتدخلين والطلبة في نقاش حاد وصريح أعاد الجميع إلى أجواء العصر الذهبي للجامعة المغربية، ومن أقوى لحظات الندوة الانتقادات الحادة التي وجهها الطلبة لأداء الجهاز القضائي بالمغرب، حيث طرحوا أسئلة تهم الاستقلالية عن السلطة التنفيذية والتعليمات وقسوة الأحكام القضائية في المحاكمات السياسية وعدم مساهمة القضاة في الحراك المجتمعي، مع التركيز على قضية ميدلت وتداعياتها السلبية على صورة القضاء، وقد انبرى رئيس نادي قضاة المغرب للدفاع عن القضاء في جو تفاعلي مباشر استمر إلى حدود التاسعة ليلا.