وفجأة، تراجع الفساد في صفوف الشرطة في مختلف مناطق المغرب، وبدأ بعض رؤساء مفوضيات الأمن في مدن البلاد يراجعون لوائح “الباراجات” نقط المراقبة. ويأتي هذا القرار خوفا مما قد يترتب عن محاكمة الشرطي الذي قتل ثلاثة من زملاءه في العمل في مدينة بلقصيري احتجاجا على “الحكرة” وعدم استفادته من العمل في مناطق تدر “أرباحا” مثل “الباراج”. و كان الشرطي حسن البلوطي قد أطلق النار على ثلاثة من زملاءه الأحد الماضي في مشروع بلقصيري انتقاما مما تعرض له من تهميش. وأكد، وفق ما يتسرب من معلومات تنشرها الصحافة، أنه فضل عدم الانتحار بل التنديد خلال المحاكمة بالفساد المنتشر في صفوف الشرطة وكيف يعامل بعض رؤساء المفوضيات أفراد الأمن كما هو الشأن في القنيطرة أو في مشروع بلقصيري. و عمليا، فرغم بشاعة الجريمة، فقد بدأ البلوطي يكسب نوع من التعاطف بسبب تنديده بالفساد، وتزخر شبكات التواصل الاجتماعي بالتضامن معه دون تبرير جريمته. و نظرا لحجم هذه الجريمة المهولة والبشعة والتي تحدث لأول مرة في صفوف الشرطة المغربية، فقد بدأ يترتب عنها نتئاج غير مرتقبة. في هذا الصدد، تؤكد مصادر سياسية رفيعة لألف بوست أن هناك حركة غير عادية في العديد من المدن التي يتحدث الرأي العام فيها عن الفساد في صفوف الشرطة. وهذه الحركة تهم أساسا محاولة خلق توازن في العمل في المناطق التي تدر أرباحا مثل نقط المراقبة عند مداخل المدن. و يحاول بعض المسؤولين الأمنيين في إرضاء أفراد الشرطة لتفادي الانتقادات خاصة بعد تسرب الكثير من الأخبار في مدن ومنها شمال المغرب تتحدث عن تسعيرة العمل في الباراجات وعند نقط الحدود في سبتة ومليلية المحتلتين. و يدرك رؤساء مفوضيات الشرطة ومختلف الأقسام الأمنية أن جريمة من حجم ما وقع في مشروع بلقصيري قد دفع أجهزة مراقبة الشرطة والمخابرات بجميع أنواعها لتحرير تقارير تقييمية حول بؤر الفساد في الكثير من مراكز الشرطة. في الوقت ذاته، بدأت مديرية الشرطة في مراجعة الرسائل الموقعة أو المجهولة الصادرة عن أفراد الأمن ضد ما يفترض أنه تعسف صادر عن رؤسائهم. و من المحتمل جدا بعد هدوء عاصفة جريمة بلقصيري، والتي تحاول الدولة التقليل منها إعلاميا وسياسيا، بدء وزارة الداخلية عملية تنقيل الكثير من ضباط الشرطة الذين تحوم حولهم شبهات الفساد.