أفاد تقرير بيئي صادر عن جمعية بييزاج بخصوص ظاهرة نفوق أسماك البوريMULET بواد ماسة، بأن هذه الظاهرة هي ناقوس خطر بيئي مرتبط أصلا بالتغيرات المناخية ووقعها الحاد على منطقة سوس ماسة ككل والتي من خلالها تحول الوادي الى مجموعة مستنقعات راكدة نتيجة تركد المياه في عدة مقاطع إلى ما يشبه بركة آسنة، و أكد التقرير الذي توصلت أكادير24 بنسخة منه، أن لجانا تنتمي لعدة مؤسسات بزيارات وتسجيل محاضر واخذ عينات لمياه الوادي والسمك النافق لأجل تحليلها ودراستها. وفيما يلي النص الكامل للتقرير، و الذي يتضمن حيثيات و أسباب هذه الكارثة البيئية بامتياز: شهد واد ماسة المتواجد في دوار أملالن، الكائن بالجماعة القروية لسيدي واساي التابع لمنطقة ماسة في الفترة الأخيرة ظاهرة نفوق أعداد من أسماك البوري Mulet) ( والتي تعيش ما بين المياه العذبة والأجاجة. وقد كانت جمعية بييزاج خلال 2016 وقفت على حالات مشابهة لنفوق أعداد من سمك البوري بمصب نهر سوس المتصل بدلتا البحر الأطلسي، ومعلوم أن أنواع أسماك وطيور مهاجرة عديدة تعيش بهذه المناطق الرطبة ما بين مياه البحر والنهر التي توفر تنوعا وسلسلة غذائية لهذا التنوع البيولوجي. وقد استفسرت جمعية بييزاج للبيئة عن هذه المشكلة والكارثة البيئية، عديد أطراف ومصادر محلية عليمة، ومختصين في مجال المناخ والأحياء، عن هذه الظاهرة ببلدة (أملالن) الواقعة جنوبأكادير على الضفة اليسرى للوادي، وكذلك من خلال متابعة ومعاينة من الخرائط الجوية لمحرك البحث (غوغل ماب) لتحديد المنطقة المعنية بظاهرة نفوق عدد من الأسماك بإحدى مجاري الوادي في البرك التي تركدت فيها مياه الوادي يوم الخميس الماضي. وعزت مصادرنا الاكيدة الى كون الظاهرة هي ناقوس خطر بيئي مرتبط أصلا بالتغيرات المناخية ووقعها الحاد على منطقة سوس ماسة ككل والتي من خلالها تحول الوادي الى مجموعة مستنقعات راكدة نتيجة تركد المياه في عدة مقاطع إلى ما يشبه بركة آسنة عبارة عن مستنقعات تفتقد لدورة الحياة اللازمة لعيش بعض الأنواع خصوصا الأوكسجين، مؤكدة أن إنعدام حركة وجريان المياه بشكل طبيعي بالوادي التي تمكن من تفاعل طبيعي ينتج معه حركية ودوران سلس وتبادل للغازات اللازمة لحياة مجموعة من الأنواع الأحياء مثل أسماك (البوري Mulet)، تفضي الى موتها التدريجي او بشكل جماعي، بالإضافة إلى الارتفاع المهول والكبير لدرجة الحرارة بالمنطقة وهو العامل الأساسي لنفوق الأسماك بينما تفر الضفادع لقدرتها على التأقلم خارج الماء، وليس السبب التلوث بمواد سامة أو سوائل قاتلة وهذه الحالات تكون عادة في المياه الراكدة التي تنخفض فيها نسبة الاوكسجين بشكل حاد ويتغير لون الماء وتتكاثر أنواع جديدة من البكتيريا وبالتالي تقضي على الحياة تدريجيا إلى أن تجف البركة بفعل الحرارة والجفاف. واستنادا لذات المصادر فإن إنعدام جريان المياه بشكل متواصل بالوادي نتج عن انعدم تدفق المياه من سد يوسف بن تاشفين المتواجد بالأطلس الصغير وهو المزود الأساسي والرئيسي للمياه الصالحة للشرب بمناطق تزنيت واشتوكة ايت بها وباقي المناطق المجاورة، ولكن بفعل الجفاف الحاد هذه السنة فإن حقينة السد أصبحت جد متدنية وتكفي فقط لسد الاحتياجات الاساسية للماء الصالح للشرب بينما الفلاحة ستصبح هي الأخرى اول ثاني المتضررين حيث لا تتعدى الاحتياطيات 15 بالمئة، وهي أدني النسب من المسجلة بهذا السد، مما يدل على ثقل مشكلات الماء المطروحة بحدة بجهة سوس ماسة، التي تلقي بظلالها في القادم من الشهور في حالة لا قدر الله توالت سنة أخرى من الجفاف الحاد وتتحول بالتالي منطقة سوس ماسة إلى مناطق صحرواية جافة نتيجة توالي سنوات القحط والجفاف الحاد، مما يستوجب التعامل مع ندرة الماء والتكيف مع وقع التغيرات المناخية على المنطقة ككل، والتي افرزت أول ضحاياها فقدان أنواع من التنوع البيولوجي للأسماك التي تعيش في الوادي، وهو ما دفع القائمين على الحوض المائي الى الاحتفاظ بما هو موجود لسد الخصاص والحاجيات الأساسية للماء الصالح للشرب، فمعلوم انه عند ارتفاع الحقينة أو خلال الفترات الماطرة التي تعرف إحتياطات كبيرة يتم خلال بعض الفترات السماح بتدفق مياه السد التي تمر في الوادي وهو ما يسمح لعديد كائنات منها الأسماك والطيور المهاجرة بدلتا الوادي من التكاثر والعيش. وقد اكدت مصادرنا ان ظاهرة نفوق هذه الأسماك ليست وليدة اليوم بل عاشت المنطقة في أماكن مختلفة من الوادي نفس الظاهرة خلال 2013 و2016 والآن 2019 وهو ما يؤكد أنها ظاهرة تتكرر كل ثلاث سنوات. الأسماك النافقة والتي تم معاينتها بوادي ماسة هي من فصيلة البوري الذي يعيش بين المياه العذية والمالحة. واستنادا الى دراسة نوع وفصيلة الأسماك النافقة، فقد أكدت مصادرنا إلى أن النوع الذي تمت معاينته بوادي ماسة ينتمي لهذه لفصيلة البوري Mulet التي تعيش في المياه العذبة والمالحة كذلك وبالتالي تتكاثر من خلال التوالد والتأقلم مع المحيط العذب، وتتغذى على العوالق والطحالب بقعر الوادي، ويتميز هذا الصنف بوجود زعنفتين منفصلتين على الظهر، وفم صغير مثلث، وبعدم وجود عضو للخط الجانبي، وهو يتغذى على الفُتَات، ومعظم أنواعه لديها معدة عضلية غير معتادة وبلعوم معقد للمساعدة في الهضم. وتنتشر هذه الفصيلة في جميع أنحاء العالم في المياه الساحلية المعتدلة والمدارية، كما تعيش بعض أنواعه في المياه العذبة وسمك البوري يعتبر مصدرا مهما للغذاء في دول حوض البحر الأبيض المتوسط منذ العصور القديمة. وتضم الفصيلة حوالي 80 نوعاً من سمك البوري موزعة على 17 جنساً، يعتبر البوري المخطط إلى حد بعيد من أنواع السمك الساحلية النهارية التى غالبا ما تدخل مصبات الأنهار وفروعها القريبة من الساحل. وعادة البوري المخطط يسبح في مجموعات على الرمال أو طين القيعان، ويتغذى على العوالق الحيوانية. الأسماك البالغة تتغذي عادة على الطحالب في المياه العذبة. وقد يصل طول البوري المخطط إلى حد الأقصى يبلغ حوالي 120 سم، بوزن أقصى يصل لحوالي 8000 غرام (8 كغ). البوري المخطط (بوري الرأس المفلطح) من أنواع السمك المتكيفة للملوحة بمعنى أنه يمكنه أن يتأقلم مع مستويات مختلفة من الملوحة، مما يعطيه ميزة انتقائية جنبا إلى جنب مع تأقلم الأسماك الصغيرة لهذا النوع لدرجات حرارة المياه العالية،كما أنه يمكن تربيته في المزارع العذبة كما هو الحال في المزارع السمكية بمناطق الدلتا. السلطات المختصة قامت بزيارات متتالية لمكان الظاهرة للقيام بأخذ العينات واجراء التحاليل المختبرية لتتبع ودراسة المشكلة البيئية ووفق نفس المصادر فقد قامت عدة لجان تنتمي لعدة مؤسسات بزيارات وتسجيل محاضر واخذ عينات لمياه الوادي والسمك النافق لأجل تحليلها ودراستها، ونخص بالذكر الفرقة البيئية للقيادة الجهوية للدرك الملكي باكادير، والمكتب الوطني للصيد البحري، والمديرية الجهوية للتنمية المستدامة والسلطات المحلية والمنتخبة، حيث تم جمع الأسماك النافقة والتخلص منها بدفنها درئا لكل خطر قد يهدد الصحة العامة، عبر تعفن أو تناول هذه الأسماك من طرف الانسان أو الحيوانات، مما قد يؤدي إلى كوارث أخطر، وبالتالي عملت السلطات المختصة على تنقية وتخليص الوادي من هذه المعضلة البيئية والتخلص منها، ومن جهتنا ومن أجل الوصول الى المعلومة البيئية، وتقاسمها مع مختلف وسائل الاعلام في مجال الاختصاص، انجزنا هذا التقرير، مؤكدين انه في هذه الحالات يجب منع استعمال هذه الأسماك لأية أغراض، وجمعها والتخلص منها وفق شروط تحفظ السلامة والصحة العامة للمواطنين ومراقبة جودة مياه الوادي، ومعلوم أن هذه المياه تستعمل لاغراص زراعية بالمنطقة وهي ما يقتضي تتبع مستمر مخافة الاصابة بأوبئة في صفوف المواطنين بالمنطقة. كما لا يفوتنا من موقعنا كجمعية بيئية أن ندق ناقوس الخطر ووقع وتأثير التغيرات المناخية على منطقة سوس ماسة، والتي تهدد التنوع البيولوجي المحلي، واشكالية ندرة الماء التي تلقي بظلالها على الجهة وضرورة الإسراع بإنجاز محطة تحلية مياه البحر. رشيد فاسح