"حزب الله" يؤكد مقتل 17 جنديا إسرائيليا الخميس في معارك الجنوب    رسميا: فيفا يعلن عن موعد انطلاق مونديال كرة القدم سيدات تحت 17 في المغرب    وزارة الأوقاف: فاتح شهر ربيع الآخر 1446ه بعد غد السبت    الحكومة تُحدد نظام البذلة الرسمية لموظفي الجمارك    قلعة أربعاء تاوريرت بالحسيمة.. معلمة شاهدة على تاريخ الريف    طنجة.. توقيف شخص لتورطه في حيازة وترويج 7 كيلوغرامات و800 غرام من الكوكايين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الحسيمة.. عائلة من افراد الجالية تتعرض لحادثة سير خطيرة على طريق شقران    "الماكلة واللعنة".. جزائريون مقيمون في المغرب يرفضون الانخراط في الإحصاء    المنظمة العالمية للملاكمة تقرر إيقاف الملاكمة الجزائرية إيمان خليف مدى الحياة    إسبانيا على وشك خسارة استضافة مونديال 2030 بعد تحذيرات الفيفا    "مجموعة العمل من أجل فلسطين": الحكومة لم تحترم الدستور بهروبها من عريضة "إسقاط التطبيع" ومسيرة الأحد تؤكد الموقف الشعبي    نقابات الصحة تكشف تفاصيل اجتماع تنفيذ الاتفاق مع الوزارة    أسعار النفط العالمية ترتفع ب 5 في المائة    الملك يهنئ رئيس الحكومة اليابانية الجديدة    مومن: قائمة المنتخب المغربي منطقية    موظف شرطة ينتحر بسلاحه في الرباط        "درونات" مزودة بتقنية الذكاء الاصطناعي لمراقبة جودة البناء    بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان    مشروع هام لإعادة تهيئة مركز جماعة "قابوياوا"    الركراكي: الانتظام في الأداء أهم المعايير للتواجد في لائحة المنتخب المغربي    الركراكي يساند النصيري ويكشف هوية قائد المنتخب    بايتاس يلوم الجفاف على عدم تحقيق نسبة نمو كبيرة للاقتصاد المغربي    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    أخبار الساحة        عبد اللطيف حموشي يستقبل المستشار العسكري الرئيسي البريطاني للشرق الأوسط وشمال إفريقيا    أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    مهرجان سيدي عثمان السينمائي يكرم الممثل الشعبي إبراهيم خاي    قراصنة على اليابسة    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية    استدعاء وزراء المالية والداخلية والتجهيز للبرلمان لمناقشة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات    جائزة نوبل للسلام.. بين الأونروا وغوتيريس واحتمال الإلغاء    "جريمة سياسية" .. مطالب بمحاسبة ميراوي بعد ضياع سنة دراسية بكليات الطب    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    تقييم "أوبن إيه آي" مطورة "تشات جي بي تي" ب157 مليار دولار بعد تبرعات طائلة    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مؤتمر علمي في طنجة يقارب دور المدن الذكية في تطوير المجتمعات الحضرية    القطب الرقمي للفلاحة.. نحو بروز منظومة فلاحية رقمية فعالة    سفير إسرائيل بالأمم المتحدة:الرد على هجمات إيران سيكون قريبا    مندوبية طنجة تعلن عن منع صيد سمك بوسيف بمياه البحر الأبيض المتوسط    كيوسك الخميس | ودائع المغاربة لدى الأبناك تتجاوز ألفا و202 مليار درهم        الرئيس الإيراني: "إذا ردت إسرائيل سيكون ردنا أقسى وأشد"    وقفة أمام البرلمان في الرباط للتضامن مع لبنان وغزة ضد عدوان إسرائيل    إطلاق مركز للعلاج الجيني في شيفيلد برئاسة أستاذ مغربي ببريطانيا    المغرب يشرع في فرض ضريبة "الكاربون" اعتبارا من 2025    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    دراسة: التلوث الضوئي الليلي يزيد من مخاطر الإصابة بالزهايمر    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتطاع من أجور المضربين عن العمل بين نظرية مول الحانوت و غياب السند الدستوري و القانوني
نشر في أكادير 24 يوم 17 - 12 - 2012

لقد كان من غرائب الصدف أن يكون السيد وزير العدل و الحريات في مغرب دستور2011 و بعدما أضيفت الحريات إلى وزارة العدل هو صاحب نظرية مول الحانوت التي اختصرها في كون العلاقة بين الدولة و الموظف العمومي هي كالعلاقة بين مول الحانوت و زبنائه ,فإذا كان هذا الأخير يقدم السلع مقابل دفع الزبون لثمنها فإن الدولة تقدم الأجر للموظف مقابل أداء هذا الأخير لعمله .
و انطلاقا من هذه المعادلة البسيطة و بناء على اليمين الغليظة و الوعد و الوعيد بالإقتطاع و ربط عدمه باستقالته اقتنعت الحكومة بنظرية مول الحانوت و تبنتها كأساس للإقتطاع من أجور الموظفين العموميين المضربين على العمل .
و بعد الإقتطاعات التي طالت أجور موظفي العدل و الصحة و الجماعات المحلية دخلت نظرية مول الحانوت حيز التطبيق ,مما يفتح المجال أمام النقاش القديم الجديد حول شرعية و مشروعية الإقتطاع ؟ وما مدى تقبل النقابات للقرار الذي أجمعت على رفضه مع اختلافات طبعا في المواقف بين القوة و الليونة لا سيما أن السيد رئيس الحكومة أكد أن الإقتطاع لا رجعة عنه و لو أدى ذلك إلى إسقاط الحكومة الحالية .
و بالرجوع إلى المذكرة التي عزز بها السيد الوزير نظريتة و المنشورة على الموقع الإليكتروني للوزارة, يتبين أنها مبنية على ثلاث مراجع :
أولا : المرجعية الدستورية :
حيث اعتبر السيد الوزير أن ممارسة حق الإضراب و إن كان حقا دستوريا بموجب الفصل 29 يجب أن يمارس بمراعات ما نص عليه الفصل 37 من تلازم بين ممارسة الحق و أداء الواجب وكذا في تناغم مع مبدأ استمرارية المرفق العمومي المنصوص عليه في اافصل 154 مع مراعات مبدأ المصلحة العامة المنصوص عليه في المادة 155.
حيث استنتج السيد الوزير في الأخير “أنه، لئن كان الدستور قد كفل حق الإضراب للعاملين بمختلف فئاتهم، فإن ممارسته مقيدة بضرورة عدم الإخلال بأي مبدا من المبادئ المذكورة، حفظا لحقوق المرتفقين، وضمانا لاستمرارية المرافق العمومية في تقديم خدماتها لهم”
و يبدو للوهلة الأولى أن تواجد نص دستوري صريح الذي هو الفصل 29 الذي ينص فى في الفقرة الثانية على أن “حق الإضراب مضمون .و يحدد قانون تنظيمي شروط و كيفيات ممارسته .” يفنذ كل المزاعم المثارة بناءا على فصول دستورية تنظم مجالات أخرى .
فمن يجب عليه السعي إلى ضمان استمرارية المرفق العمومي و مراعات مبدأ المصلحة العامة و أداء الحقوق قبل المطالبة بالواجبات هي الحكومة المشرفة على الإدارة والمكلفة بالسعي إلى تحقيق المصلحة العامة و ذلك بفتح باب الحوار الجاد مع التمثيليات النقابية و تحسين أوضاعها المادية و المعنوية وليس إلقاء العبئ على الموظف أثناء ممارسته لحق مضمون دستوريا , فإن كان الموظف مخاطبا بالفصول السالفة الذكر فإن ذلك يكون أثناء ممارسته لعمله بصفة نظامية و ليس أثناء ممارسته لحقه في الإحتجاج من أجل استفاء حقوقه العالقة بذمة الإدارة التي تصبح و الحالة هاته هي المخاطبة بذات الفصول من خلال أداء حق الموظف قبل مطالبته بأداء الواجبات .
ثانيا : المرجعية الدولية و التشريعات الأجنبية :
اعتمد السيد الوزير على المواثيق الدولية التي تشدد على الحق في الإضراب كحق لا يجب التضييق عليه و ركز على الإستثناءات الواردة لا سيما فيما يخص بعض الأصناف التي يمكن استثناءها من ممارسة حق الإضراب بناءا على التشريعات المعمول بها في كل دولة على حدى .
وليسمح لنا معالي الوزير مرة أخرى أن
نثير انتباه سيادته إلى أن النقابات و معها الشعب المغربي ما زالت تنتظر صدو ر القانون التنظيمي للإضراب و قانون النقابات إذاك سيكون الجميع على بينة من أمره مع أن القانون التنظيمي المرتقب و بقوة الفصل الدستوري أعلاه سينصب و فقط على إظهار شروط و كيفيات ممارسة الحق في الإضراب أما الحق كحق فهو مصون دستوريا لا يجوز للقانون التنظيمي المساس بجوهره .
و عليه فلا مجال لمقارنة المغرب مع الدول الأجنبية التي تتوفر منذ مدة على قوانين متقدمة تنظم النقابات و ممارسة أشكال الإحتجاج , كما أننا نريد قانون تنظيمي مغربي مغربي مبني على ظروف الشغيلة و ليس استنساخ التجارب الأوربية في هذا المجال إلا إذا كانت الحكومة مستعدة لإستنساخ قانون الوظيفة العمومية وجميع القوانين التي لها علاقة بالمسار المهني للموظف بمكاسبها المادية و المعنوية للموظف العمومي بالدول الأجنبية المستدل بها و ليس الوقوف على ويل للمصلين .
ثالثا : الأساس القانوني
من بين الأسس القانونية التي اعتمدها السيد الوزير لنظريته القانون رقم 81-12 الصادر بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة حيث حدد المرسوم 1216-99-2 الصادر في 10 ماي 2000، شروط وكيفيات تطبيق أحكام القانون السالف الذكر بالإظافة هذا بالإظافة إلى الفصل (41) من المرسوم الملكي رقم 60-330 الصادر في 21 أبريل 1967 بسن نظام عام للمحاسبة العمومية، حيث لا يتم أداء الأجرة إلا بعد تنفيذ العمل.
و مايحز في النفس و في مغرب الديمقراطية و حقوق الإنسان قبل أي مناقشة قانونية للمراسيم المعتمدة هو أن يعتمد السيد الوزير على مرسوم 1967 الذي جاء في ديباجته و حيثيات إقراره “بناء على المرسوم الملكي رقم 136.65 الصادر في 7 صفر 1385 (7 يونيه 1965) بإعلان حالة الاستثناء ” و ما أدراك ما حالة الإستثناء التي علق فيها الدستور و صفدت فيها القوانين .و هو الشيء نفسه بالنسبة لمرسوم 10 ماي 200 الذي جاء في ديباجته ” وبناء على المرسوم الملكي رقم 330.66 الصادر في 10 محرم 1387 (21 أبريل 1967) بمثابة النظام العام للمحاسبة العمومية” هذا الأخير الذي بني على حالة الإستثناء السيئة الذكر ,حيث وجدنا أنفسنا كمغاربة أمام حكومة تعود بنا إلى تشريعات سنوات الجمر و الرصاص في وقت ننتظر فيه التنزيل السليم للدستور الجديد بحمولته الحقوقية .
اما من حيث سعي السيد الوزير من خلال هذه المراسيم إلى اعتماد مبدأ الأجر مقابل العمل فهو مردود عليه لأن هذه القاعدة ترعرعت في مجال القانون المدني و انتقلت إلى قانون الشغل وفي ظل العلاقة التعاقدية بين المشغل و الأجير أما العلاقة التي تربط الموظف العمومي بالإدارة فهي علاقة نظامية يحكمها قانون الوظيفة العمومية و ليس قانون الشغل و لا مجال فيها للتعاقد .
زد على ذلك أن ممارسة الحق في الإضراب لايعتبر تغيبا عن العمل بصفة غير مشروعة و إنما هو ممارسة لحق مصون دستوريا .فحالات التغيب الغير مشروع عن العمل مدرجة على سبيل الحصر في ظهير 24 فبراير 1958 , الظهير بمثابة قانون الوظيفة العمومية و لا يعتبر الإضراب من ضمنها ,كما أن نفس الظهير لم يشير في الفصل 66 الذي عدد على سبيل الحصر و بالترتيب العقوبات التأديبية- التي تطبق على الموظف العمومي أثناء الإخلال بواجباته – إلى الإقتطاع كعقوبة تأديبية جزاء على ممارسة الحق في الإضراب.
لكل هذه الأسباب يتبين أن نظرية مول الحانوت غير مبنية على أساس قانوني و بالتالي فهي تفتقد الشرعية و تضرب في العمق دولة الحق بالقانون و دولة المؤسسات وتجعل السلطة التنفيذية تترامى على اختصاصات السلطة التشريعية في خرق سافر لمبدأ فصل السلط في محاولة للتشريع عن طريق التفسير المغرض لنصوص قانونية واضح .فما الذي سيكون ياترى رد المؤسسة القضائية لاسيما و أن من ثم تجويعه بالإقتطاع من راتبه سيكون مدعيا على الإدارة الغاشمة ؟ و كيف سيكون رد فعل النقابات القطاعية ؟ .إن من الواضح أن سكوت النقابات على تمادي الحكومة في قمع الحريات النقابية لا سيما بالإقتطاع من أجور المضربين في غياب سند قانوني سيكون له اثرين لا غبار عليهما :
الأول :أن القانون التنظيمي الذي سيصدر وجوبا قبل استكمال الحكومة الحالية لولايتها سيرسخ قاعدة الأجر مقابل العمل في القطاع الخاص تنزيلا لنظرية مول الحانوت .
الثاني : إن إقرار الاقتطاع من أجور المضربين سيعتبر بداية نهاية العمل النقابي لا سيما مع ضعف لموارد المالية للنقابات التي ستعجز عن تعويض منخرطيها عن الأيم المقتطعة من أجورهم كما هو معمول به في الدول التي تقر تشريعاتها الإقتطاع من أجور المضربين عن العمل .
لقد كان من غرائب الصدف أن يكون السيد وزير العدل و الحريات في مغرب دستور2011 و بعدما أضيفت الحريات إلى وزارة العدل هو صاحب نظرية مول الحانوت التي اختصرها في كون العلاقة بين الدولة و الموظف العمومي هي كالعلاقة بين مول الحانوت و زبنائه ,فإذا كان هذا الأخير يقدم السلع مقابل دفع الزبون لثمنها فإن الدولة تقدم الأجر للموظف مقابل أداء هذا الأخير لعمله .
و انطلاقا من هذه المعادلة البسيطة و بناء على اليمين الغليظة و الوعد و الوعيد بالإقتطاع و ربط عدمه باستقالته اقتنعت الحكومة بنظرية مول الحانوت و تبنتها كأساس للإقتطاع من أجور الموظفين العموميين المضربين على العمل .
و بعد الإقتطاعات التي طالت أجور موظفي العدل و الصحة و الجماعات المحلية دخلت نظرية مول الحانوت حيز التطبيق ,مما يفتح المجال أمام النقاش القديم الجديد حول شرعية و مشروعية الإقتطاع ؟ وما مدى تقبل النقابات للقرار الذي أجمعت على رفضه مع اختلافات طبعا في المواقف بين القوة و الليونة لا سيما أن السيد رئيس الحكومة أكد أن الإقتطاع لا رجعة عنه و لو أدى ذلك إلى إسقاط الحكومة الحالية .
و بالرجوع إلى المذكرة التي عزز بها السيد الوزير نظريتة و المنشورة على الموقع الإليكتروني للوزارة, يتبين أنها مبنية على ثلاث مراجع :
أولا : المرجعية الدستورية :
حيث اعتبر السيد الوزير أن ممارسة حق الإضراب و إن كان حقا دستوريا بموجب الفصل 29 يجب أن يمارس بمراعات ما نص عليه الفصل 37 من تلازم بين ممارسة الحق و أداء الواجب وكذا في تناغم مع مبدأ استمرارية المرفق العمومي المنصوص عليه في اافصل 154 مع مراعات مبدأ المصلحة العامة المنصوص عليه في المادة 155.
حيث استنتج السيد الوزير في الأخير “أنه، لئن كان الدستور قد كفل حق الإضراب للعاملين بمختلف فئاتهم، فإن ممارسته مقيدة بضرورة عدم الإخلال بأي مبدا من المبادئ المذكورة، حفظا لحقوق المرتفقين، وضمانا لاستمرارية المرافق العمومية في تقديم خدماتها لهم”
و يبدو للوهلة الأولى أن تواجد نص دستوري صريح الذي هو الفصل 29 الذي ينص فى في الفقرة الثانية على أن “حق الإضراب مضمون .و يحدد قانون تنظيمي شروط و كيفيات ممارسته .” يفنذ كل المزاعم المثارة بناءا على فصول دستورية تنظم مجالات أخرى .
فمن يجب عليه السعي إلى ضمان استمرارية المرفق العمومي و مراعات مبدأ المصلحة العامة و أداء الحقوق قبل المطالبة بالواجبات هي الحكومة المشرفة على الإدارة والمكلفة بالسعي إلى تحقيق المصلحة العامة و ذلك بفتح باب الحوار الجاد مع التمثيليات النقابية و تحسين أوضاعها المادية و المعنوية وليس إلقاء العبئ على الموظف أثناء ممارسته لحق مضمون دستوريا , فإن كان الموظف مخاطبا بالفصول السالفة الذكر فإن ذلك يكون أثناء ممارسته لعمله بصفة نظامية و ليس أثناء ممارسته لحقه في الإحتجاج من أجل استفاء حقوقه العالقة بذمة الإدارة التي تصبح و الحالة هاته هي المخاطبة بذات الفصول من خلال أداء حق الموظف قبل مطالبته بأداء الواجبات .
ثانيا : المرجعية الدولية و التشريعات الأجنبية :
اعتمد السيد الوزير على المواثيق الدولية التي تشدد على الحق في الإضراب كحق لا يجب التضييق عليه و ركز على الإستثناءات الواردة لا سيما فيما يخص بعض الأصناف التي يمكن استثناءها من ممارسة حق الإضراب بناءا على التشريعات المعمول بها في كل دولة على حدى .
وليسمح لنا معالي الوزير مرة أخرى أن
نثير انتباه سيادته إلى أن النقابات و معها الشعب المغربي ما زالت تنتظر صدو ر القانون التنظيمي للإضراب و قانون النقابات إذاك سيكون الجميع على بينة من أمره مع أن القانون التنظيمي المرتقب و بقوة الفصل الدستوري أعلاه سينصب و فقط على إظهار شروط و كيفيات ممارسة الحق في الإضراب أما الحق كحق فهو مصون دستوريا لا يجوز للقانون التنظيمي المساس بجوهره .
و عليه فلا مجال لمقارنة المغرب مع الدول الأجنبية التي تتوفر منذ مدة على قوانين متقدمة تنظم النقابات و ممارسة أشكال الإحتجاج , كما أننا نريد قانون تنظيمي مغربي مغربي مبني على ظروف الشغيلة و ليس استنساخ التجارب الأوربية في هذا المجال إلا إذا كانت الحكومة مستعدة لإستنساخ قانون الوظيفة العمومية وجميع القوانين التي لها علاقة بالمسار المهني للموظف بمكاسبها المادية و المعنوية للموظف العمومي بالدول الأجنبية المستدل بها و ليس الوقوف على ويل للمصلين .
ثالثا : الأساس القانوني
من بين الأسس القانونية التي اعتمدها السيد الوزير لنظريته القانون رقم 81-12 الصادر بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة حيث حدد المرسوم 1216-99-2 الصادر في 10 ماي 2000، شروط وكيفيات تطبيق أحكام القانون السالف الذكر بالإظافة هذا بالإظافة إلى الفصل (41) من المرسوم الملكي رقم 60-330 الصادر في 21 أبريل 1967 بسن نظام عام للمحاسبة العمومية، حيث لا يتم أداء الأجرة إلا بعد تنفيذ العمل.
و مايحز في النفس و في مغرب الديمقراطية و حقوق الإنسان قبل أي مناقشة قانونية للمراسيم المعتمدة هو أن يعتمد السيد الوزير على مرسوم 1967 الذي جاء في ديباجته و حيثيات إقراره “بناء على المرسوم الملكي رقم 136.65 الصادر في 7 صفر 1385 (7 يونيه 1965) بإعلان حالة الاستثناء ” و ما أدراك ما حالة الإستثناء التي علق فيها الدستور و صفدت فيها القوانين .و هو الشيء نفسه بالنسبة لمرسوم 10 ماي 200 الذي جاء في ديباجته ” وبناء على المرسوم الملكي رقم 330.66 الصادر في 10 محرم 1387 (21 أبريل 1967) بمثابة النظام العام للمحاسبة العمومية” هذا الأخير الذي بني على حالة الإستثناء السيئة الذكر ,حيث وجدنا أنفسنا كمغاربة أمام حكومة تعود بنا إلى تشريعات سنوات الجمر و الرصاص في وقت ننتظر فيه التنزيل السليم للدستور الجديد بحمولته الحقوقية .
اما من حيث سعي السيد الوزير من خلال هذه المراسيم إلى اعتماد مبدأ الأجر مقابل العمل فهو مردود عليه لأن هذه القاعدة ترعرعت في مجال القانون المدني و انتقلت إلى قانون الشغل وفي ظل العلاقة التعاقدية بين المشغل و الأجير أما العلاقة التي تربط الموظف العمومي بالإدارة فهي علاقة نظامية يحكمها قانون الوظيفة العمومية و ليس قانون الشغل و لا مجال فيها للتعاقد .
زد على ذلك أن ممارسة الحق في الإضراب لايعتبر تغيبا عن العمل بصفة غير مشروعة و إنما هو ممارسة لحق مصون دستوريا .فحالات التغيب الغير مشروع عن العمل مدرجة على سبيل الحصر في ظهير 24 فبراير 1958 , الظهير بمثابة قانون الوظيفة العمومية و لا يعتبر الإضراب من ضمنها ,كما أن نفس الظهير لم يشير في الفصل 66 الذي عدد على سبيل الحصر و بالترتيب العقوبات التأديبية- التي تطبق على الموظف العمومي أثناء الإخلال بواجباته – إلى الإقتطاع كعقوبة تأديبية جزاء على ممارسة الحق في الإضراب.
لكل هذه الأسباب يتبين أن نظرية مول الحانوت غير مبنية على أساس قانوني و بالتالي فهي تفتقد الشرعية و تضرب في العمق دولة الحق بالقانون و دولة المؤسسات وتجعل السلطة التنفيذية تترامى على اختصاصات السلطة التشريعية في خرق سافر لمبدأ فصل السلط في محاولة للتشريع عن طريق التفسير المغرض لنصوص قانونية واضح .
فما الذي سيكون ياترى رد المؤسسة القضائية لاسيما و أن من ثم تجويعه بالإقتطاع من راتبه سيكون مدعيا على الإدارة الغاشمة ؟ و كيف سيكون رد فعل النقابات القطاعية ؟ .
إن من الواضح أن سكوت النقابات على تمادي الحكومة في قمع الحريات النقابية لا سيما بالإقتطاع من أجور المضربين في غياب سند قانوني سيكون له اثرين لا غبار عليهما :
الأول :أن القانون التنظيمي الذي سيصدر وجوبا قبل استكمال الحكومة الحالية لولايتها سيرسخ قاعدة الأجر مقابل العمل في القطاع الخاص تنزيلا لنظرية مول الحانوت .
الثاني : إن إقرار الاقتطاع من أجور المضربين سيعتبر بداية نهاية العمل النقابي لا سيما مع ضعف لموارد المالية للنقابات التي ستعجز عن تعويض منخرطيها عن الأيم المقتطعة من أجورهم كما هو معمول به في الدول التي تقر تشريعاتها الإقتطاع من أجور المضربين عن العمل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.