بدأ نزول القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر وكان يومها جالساً يتفكّر في غار حراء، فنزلت أوّل كلمات القرآن الكريم وكانت سورة اقرأ، وهذا على الأرجح في الليلة الرابعة والعشرين من رمضان في العام الثالث عشر قبل الهجرة. كان الوحي قد بدأ بالنزول على محمّد عليه الصلاة والسلام قبل ذلك بقُرابة ستة أشهر في يوم ميلاده الأربعين، وكان بالرؤيا الصادقة، لكن في ليلة القدر نزل الملك جبريل لتبدأ الدعوة بملامحها الواضحة. ونزول القرآن في هذه الليلة، هو الأمر الذي جعلها محطة إسلامية يترقبها المسلمون سنويا تزامنا مع شهر رمضان. ليلة القدر هي إحدى ليالي رمضان وأعظمها قدراً، وهي الليلة التي أمر الله فيها جبريل -عليه الصلاة والسلام- بإنزال القرآن من اللوح المحفوظ، ويؤمن المسلمون بأنها خير من ألف شهر وهي ليلة تكون في العشر الأواخر من شهر رمضان في إحدى الليالي الفردية (21، 23، 25، 27، 29). كما يؤمن المسلمون بأن أول آيات القرآن الكريم نزلت على النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- في هذه الليلة، قال تعالى في سورة القدر: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ*تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ*سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. ولها علامات كثيرة تدل على أنها الليلة المنتظرة، وتعد هذه الليلة ذات أهمية كبيرة وعظيمة عند المسلمين، وأن قيامها يكون من خلال كثرة الصلاة والدعاء وقراءة القرآن. ليلة القدر ليلة مباركة وعظيمة، ومليئة بالثواب والأجر الكبير في ميزان الحسنات، كما أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن فيها، قال تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، ويكتب الله فيها للناس أرزاقهم وآجالهم خلال العام، ويكثر فيها النجاة من العذاب وتحبس الشياطين وتنزل فيها الملائكة والرحمة الى الأرض قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}. ويكثر فيها أعمال الخير والبر والطاعة، وفيها أيضاً الغفران من الذنوب والخطايا، والأجر الكبير عند الله، وتكون هذه الليلة خالية من الشر والأذى، ويسود فيها الأمن والسلامة، ويكون العمل الصالح ذا قدر كبير وعظيم عند الله وخيراً من العمل في ألف شهر أخر. إن لهذه الليلة العظيمة علامات كثيرة فمنها قوة الإضاءة والنور، كما أن هذه العلامة لا يشعر بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار، وكما يشعر المسلم في تلك الليلة بالطمأنينة في القلب، وانشراح الصدر. فقد يجد المؤمن الانشراح في صدره والطمأنينة أكثر مما يجدها في الليالي الأخرى. والرياح تكون هادئة وساكنة ولا لا عواصف فيها، والشمس تشرق من صبيحتها بدون شعاع، حيث دلل على ذلك أبو كعب في حديثه أنه قال: أخبرنا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "أنّها تطلع يومئذٍ لا شعاع لها"، كما يقل فيها نبح الكلاب، ويجد الإنسان لذة ونشاطاً أكثر من غيرها من الليالي للقيام والصلاة.