افتتحت صباح اليوم الخميس أشغال الندوة الوطنية حول الجهوية المتقدمة المنظمة تحت شعار :”الجهوية المتقدمة رافعة للتنمية المستدامة”. و أوضح والي جهة سوس ماسة، عامل عمالة أكادير اداوتنان، أحمد حجي بأن انعقاد هذه الندوة يندرج في اطار النقاش العمومي حول النموذج المغربي للجهوية المتقدمة، و تدبير القطاع العمومي و التفاعل الايجابي الذي بلغه صرح الجهوية الموسعة، و كذا بمناسبة تقديم عرض المعلومات العامة الخاصة بالجغرافيا و التنظيم الاداري و توزيع السكان و معطيات المؤهلات الطبيعية وغيرها…. و أكد والي الجهة، بأن بلادنا دخلت مرحلة تنظيم العلاقة بين الدولة ومجالها الترابي في إطار الملكية العريقة، مؤكدا، بأن ورش الجهوية مر بعدد من المراحل بدء بصدور الميثاق الجماعي سنة 2002، و تنصيب اللجنة الجهوية سنة 2010 وتفعيل مقتضيات دستور 2011، والذي جعل من الجهات أساس التنظيم الترابي، فضلا عن صدور القوانين التنظيمية لتنزيل الجهوية المتقدمة سنة 2015 والتي تهدف إلى صياغة نموذج تنموي نابع من خصوصية البلاد بعيدا عن استنساخ التجارب الاخرى، ما يضفي على هذا الورش المزيد من الديمقراطية، لتحقيق ما يستحقه المواطن من تقدم وازدهار. والي جهة سوس ماسة، شدد على ضرورة الاصلاح المؤسساتي و الحكامة الترابية لتحقيق الجهوية المتقدمة، من خلال تحديد آليات الشراكة بين السياسات العامة والمحلية، و التنسيق بين الفاعلين المحليين و المركزيين و غيرها، و ألح على ضرورة مراعاة عدد من القواعد و منها : مراعاة التوزان مع الأخد بعين الاعتبار المؤهلات الطبيعية وترسيخ مفهوم التضامن بين الجهات لتحقيق التنمية المندمجة و المسؤولة. و وصف أحمد حجي، ورش الجهوية بكونه ” ورشا ضخما” يقتضي انخراط كل الفاعلين من خلال التحلي بروح المسؤولية و مواكبة مختلف مراحله بما يلزم من التعبئة و الاقناع، مع نهج سبل الحوار و التواصل لاستثمار الامكانات الهائلة. وذكر والي الجهة، بان الموضوع يقتضي اعتماد ما سماه “البيداغوجية” القائمة على المسؤولية والتشاركية، مع يستدعي انخراط منتخبي الجهة في دينامية التغيير و اعطاء الاجوبة الناجعة لانتظارات المواطنين. و أشار بأن تفعيل الجهوية مهمة لا تقتصر على القوانين او أنها مجرد عملية لنقل الاختصاصات، بل يتطلب الأمر من المجالس المنتخبة المساهمة في النهوض التنموي الشامل و تحقيق الحكامة الترابية رغم ما يطرحه ذلك من تحديات ومنها، مدى قدرة هذه الجهات على تحمل المسؤولية في تجاوز العقليات القديمة و الانخراط في الدينامية الجديدة و التعالي عن الصراعات و القطع مع أساليب التهاون و كل التصرفات التي كانت السبب في كثير من الاختلالات المسجلة سابقا. من جهته، عبد الجبار القسطلاني نائب رئيس المجلس الجهوي سوس ماسة، أكد بأن اللامركزية ليست وليدة اليوم، ولكن لها جدور تاريخية، معتبرا بأنه ، و منذ الاستقلال اصبح هذا الاسلوب خيارا استراتيجيا لدى الدولة لخدمة التنمية المستدامة و العيش الكريم. واعتبر القسطلاني ، بأن التطورات التي عرفتها الجهوية، جاءت تتويجا للتجارب التي راكمتها قرابة نصف قرن، لدعم استقلال الجماعات الترابية لممارسة اختصاصاتها في اطار التدبير الحر، مؤكدا بأن ورش الجهوية هو تكريس لهذا المسلسل، لكن الرهان _يضيف القسطلاني_، اصبح كبيرا لبلوغ السرعة القصوى للتجسيد الفعال لهذا التحول ، وأكد بأن تقييم الجهوية في صيغتها الجديدة أمر صعب، و بالتالي لا يمكن ان نكون ايجابيين بالوفرة، و لا سلبيين بالمرة. في المقابل، أكد القسطلاني، بأن ثمة عراقيل و حواجز تجابه طموح الجهوية كما نص عليها الدستور، ومنها عدم تفعيل اسلوب اللامركزية، و تدقيق بعض الاختصاصات تجنبا للتأويلات، فضلا عن عدم كفاية الموارد المالية المرصودة من طرف الدولة اعتبارا لانتظارات المواطنين الكثيرة. القسطلاني أكد أيضا بأن الجهوية المتقدمة ليست غاية في حد ذاتها، ولكن وسيلة لتحقيق التنمية و بلورة استراتيجية تنموية لخلق الثروة و ضمان التنمية وتقوية جاذبية المجال الترابي و تقوية تنافسيته و تشجيع توطين الانشطة الاقتصادية، لكن هل توفرت الشروط لتحقيق الرهان يتساءل القسطلاني. وبالتالي، فهذه الندوة تأتي لتطرح اجوبة لبعض التساؤلات المطروحة من خلال التداول و التشاور حول اسلوب الحكامة و ملامسة الموضوع كل من زاويته و أبعاده. عمر حلي رئيس جامعة ابن زهر، أكد على ضرورة الاصرار على تنزيل الجهوية و اعتبرها مسألة أساسية، مبنية على الاصرار المرتبط بمحاربة الانتظارية. واعتبر حلي بأن سقف الانتظارات كبير، و أن المواطن ينتظر لمس الاشياء و ان يرى نعمة الجهوية عليه في الأشياء البسيطة و البينات و في خلق فرص الشغل لدى الشباب، واعتبر ب”اننا في مجتمع له اكراهاته وتحدياته….. وأكد رئيس الجامعة، بأن الأخيرة مدعوة للمساهمة في هذا الورش من خلال التكوين و التفكير، معتبرا بأن الجهوية من الاولويات التي يجب أن تقدم الجامعة بشأنها مقترحاتها، مشيرا بهذا الخصوص، بان جامعة ابن زهر ستنظم ندوة دولية حول الجهوية شهر ماي المقبل، و ختم كلمته بالتأكيد على أن جامعة ابن زهر مستعدة لأن تكون مع الجهوية و ان تستفيد و تفيد في هذا الإطار. محمد عبد الرحمان برادة، مدير نشر دفاتر جهوية، أشار بدوره إلى ان جهة سوس ماسة جهة رائدة، و تحتل الدرجة الأولى في عدد من القطاعات، و أعرب عن اعتزازه بهذه الجهة، مشيرا بأن دفاتر جهوية ضمنه عددا من المعطيات التي تخص الجهة، من خلال التعريف بها و التعريف بما تختزنه من مورثات ثقافية هامة. يذكر أن الندوة الوطنية، الجهوية المتقدمة بأكادير التي ينظمها مجلس جهة سوس ماسة تأتي في سياق تكريس جهود التواصل مع مختلف الفعاليات بالجهة و تماشيا مع ورش تنزيل أمثل للجهوية المتقدمة، كما تأتي ايضا ضمن سلسلة ندوات عبر جهات المملكة تحط الرحال بمحطتها الثانية بجهة سوس ماسة. هذا، و سيساهم في إثراء هذه التظاهرة العلمية نخبة من الأساتذة الباحثين والجامعيين والخبراء فضلا عن المنتخبين للتدارس حول الجهوية بالمغرب على ضوء "موسوعة دفاتر الجهوية" و التي أبرزت تفرد المشروع المغربي في مجال الجهوية لبسط الطريق نحو سن ثقافة ديمقراطية القرب في تسيير الجهات. كما سوف تكون هذه المناسبة فرصة للنقاش وتبادل الآراء و الإقتراحات حول هذا النظام الجديد للحكامة في بلادنا. وفيما يلي برنامج هذه الندوة الهامة: