هو موقع عالمي، يأتيه السياح من أمريكا وأوروبا ودول عديدة؛ لكن قلة من المغاربة من مدن أخرى، غير أكادير ونواحيها، نالوا حظوة زيارة مكان اشتهر ب”وادي الجنة”.Paradise valley اسم أطلقه الزوار الأوائل من ال Hippies الذين قضوا في المنطقة أسابيع طويلة في فترة الستينيات والسبعينيات، ومعهم بدأت قصة هذا الوادي الذي اشتهر عالميا. والوصول إليه يتم عبر أورير ثم الاتجاه يسارا عبر الطريق الجديدة والمرور عبر دواوير مثل تامارووت، تادرين، امقرغن، إنرارن، تامزارڭوت، تاغزوت ن المخلوف ثم الوصول إلى أسيف نتغرات نوانكريم أو وادي الجنة، والمسافة بينه وبين أكادير هي 37 كيلومترا. في منتصف الطريق وادي يسمى وادي العسل “أسيف ن تامنت”، يقول مرشدنا وهو ابن المنطقة إن هذا الوادي يكون دائما جافا، حتى بعد هطول الأمطار يجف مباشرة، وأن العديد من السكان المحليين يؤمنون أن جفاف هذا الوادي مَردّه إلى فقيه ورع، جرفت مياه الوادي تلك العصا التي يعتمدها في تنقلاته، فرفع أكف الضراعة أن يجف الوادي، فاستجاب الله لدعائه. لا علامات ولا إرشادات تحيل الزوار إلى عين المكان، ولا بد لمن يزور المنطقة أول مرة أن يتوقف كثيرا ليسأل عن الطريق التي يجب أن يسلكها ليبلغ وجهته. موقع مُهمل بالرغم من انتشار لافتات تطلب من الزوار أن يحافظوا على نظافة المكان، فإن الأزبال تلوث تلك الصورة الجميلة التي رسمتها الطبيعة في “أسيف ن تغرات نوانكريم”. وإذا كانت الأزبال حاضرة في مكان يلتقي فيه شجر الأركان والنخيل والخروب ومختلف الأعشاب الطبية، فلافتات التشوير أيضا غائبة ليعرف الزوار أي وجهة يولونها. “لهذا المنتجع الفريد مداخيل؛ لكنها لا تستغل في صيانته، وفلا نظافة ولا أمن ولا طرقات جبلية ولا أي شيء.. الجماعة تأخذ 10 دراهم عن كل سيارة تتوقف قرب مدخل وادي الجنة، إلا أن لا أحد اهتم بهذا المكان لصيانته وتأهيله”، يقول مالك أحد الأكشاك التي تبيع المواد الغذائية. ثم يضيف صاحب الكشك، الذي يصر على ألا تُذكر هويته حتى لا يُحرم من مصدر رزقه: ” يقولون إننا نشتغل بشكل عشوائي؛ لكن أين سنذهب ؟ هذه الأرض ورثتها عن أجدادي، ولا يمكن أن أزرع فيها شيئا، ولا بديل أمامي سوى العيش هنا؛ لكن يجب أن يتم تأهيل هذا الفضاء”. جرحى ووفيات! الرأي ذاته يشاركه جمعوي من المنطقة، إذ أكد أن “هذا المنتجع الطبيعي يفتقر لمُنقذين من الوقاية المدنية؛ وهو ما تسبب في حالات وفتيات كثيرة، على الأقل 3 حالات في السنة. أغلبها من تلاميذ المدارس ممن يغامرون بالقفز من علو مرتفع نحو البرك المائية. كما أن المسالك الجبلية الخطرة تتسبب في كسور وجراح، آخرها كسور لشاب منذ أسبوع فقط، تعرض لكسور بليغة في أنفه وفكه”. ثم يزيد الفاعل الجمعوي بأن “المسالك الجبلية، التي يعبر منها زوار المنطقة، تعرضهم للكثير من الحوادث. وباستثناء نهاية الأسبوع حيث توجد سيارة أسعاف تابعة لجماعة أقصري، فإن باقي الأيام تغيب فيه وسائل السلامة؛ وهو ما يجعل السياح المغاربة والأجانب عرضة للإصابات وأحيانا للاعتداءَات”. مشاكل بالجملة يرى مهتمون من منطقة إداوتنان وجماعة أقصري، أن “منطقة وادي الجنة تحتاج إلى تدخل حقيقي من لدن الجهات المعنية للتعريف بهذا المنتوج الفريد وطنيا وعالميا، من خلال إشراك الساكنة المحلية في قطف ثمار التنمية؛ ذلك أن المواطنين لا يستفيدون في الوقت الراهن من المؤهلات التي تتمتع بها المنطقة”. مع إصرارهم على ضرورة “تأهيل هذا المنتجع وتكوين العامل البشري ومراقبة ومواكبة النشاط السياحي بالمنطقة لما في ذلك من فوائد جمة، ليس فقط على الساكنة المحلية بل على المغرب برمته”. من جهته، يرى مالك فندق بجماعة أقصري أن ” الدولة يجب أن تتدخل لحماية مصالح أصحاب الفنادق والمشاريع السياحية المنظمة بالمنطقة، نظرا لأنهم يدفعون الضرائب ولهم تكاليف كثيرة، إلا أن الباعة العشوائيين في الوادي يؤثرون على سلبا على الزبناء”. وتابع المتحدث نفسه بأن “المنطقة تعاني ضعفا كبيرا في التواصل مع العالم الخارجي، من خلال ضعف تغطية الهاتف وغياب الأنترنيت؛ وهو ما يعيق عملنا في عالم يعتمد الآن على التواصل الفوري والدفع بالبطاقة الأتوماتيكية وغير ذلك”. و يزيد هذا المستثمر قائلا: ” نصادف، في كثير من المرات، سياحا يريدون دفع حسابهم عن طريق البطاقة البنكية، إذ لم يتبق معه من سيولة سوى القليل؛ لكن نخبره أننا في عالم آخر، في غياب أي حل آخر ندعه يذهب لعله يقدر ذلك ويرسل إلينا مستحقاتنا”. جماعة فقيرة رضوان واعزيزي، عضو المجلس الجماعي للجماعة القروية أقصري، صرح بأن جماعة أقصري القروية، التي تضم أزيد من 4400 نسمة في منطقة جبلية بدون طبيب، تعد “من أفقر الجماعات بالمنطقة، ومداخيلها السنوية قليلة تغطي بالكاد التكاليف الضرورية”. ويؤكد واعزيزي، أن “مداخيل المربد الجماعي في مدخل وادي الجنة قليلة جدا، وهي بين 15 ألفا و20 ألف درهم سنويا، فما الذي يمكن إنجازه بهذا المبلغ لتأهيل منتجع كبير يحتاج مبالغ ضخمة؟”، يتساءل المتحدث ذاته. وفيما يتعلق بالأزبال المنتشرة، يقول عضو المجلس الجماعي للجماعة القروية أقصري إن “مصالح الجماعة تبذل قصارى جهدها في النظافة وفي التوعية؛ لكن نظافة هذا الفضاء مرتبطة أساسا بعقلية الزائر وتعاون الباعة الذين يستغلون هذا المكان”، لافتا إلى أن “الجماعة لا تتقاسم معهم أرباحهم، بالرغم من أنها تبذل جهدا كبيرا لتنظيفه”. وبخصوص مشاكل السير بمحيط وادي الجنة، أوضح واعزيزي أن “هناك مشكلا مع المياه والغابات؛ لكن السيدة الوالي تدخلت لتوسيع المربد لفسح المجال لسيارات الزوار، وتنظيم ذلك تمت برمجته في دورة ماي لحل هذا المشكل”. وزاد المتحدث نفسه بأن “وزارة السياحة يجب أن تهتم بالسياحة القروية بالمنطقة برمتها، ليس فقط وادي الجنة؛ ذلك أن هذه الفضاءَات هي متنفس كبير لأكادير، ومزار لسياح كثر من العالم”. ثم يستطرد عضو المجلس الجماعي للجماعة القروية أقصري: “نتمنى من الجهة ومختلف المتدخلين في قطاعات أخرى أن يلتفتوا لهذه المنطقة؛ حتى تجد الساكنة مصدرا للرزق ووسائل العيش الكريم من تطبيب وتعليم، كي لا تهاجر الفئات الشابة نحو المدن الأخرى طلبا للعمل والعيش الجيد، في الوقت الذي يمكن أن يعيشوا هنا إذا ما تم الاهتمام بمنطقتهم التي تزخر بإمكانات عديدة”.