لم يكن أهالي دوار عين سيدي بلقاسم جماعة التمسية ضواحي ايت ملول، وهم يحتفلون على نغمات موسيقى كناوة وعيساوة خلال قبل أزيد من أسبوع، يدور بخلدهم وقوع جريمة قتل سيذهب ضحيتها شاب في مقتبل العمر، لم يتجاوز بالكاد 21 ربيعا يزاول مهنة اللحامة، وذلك بعد أن أخطأت ضربة سيف طائشة من يد الجاني (ح.براهيم) الملقب ببوجاج، طريقها لتصيب قلب الضحية الذي سقط مغشيا لتوه إلى الأرض بفعل قوة الضربة، بعدها تعالت صيحات أقارب الضحية ونحيب النساء اللواتي دخلن في نوبة من الصراخ واختلط الحابل بالنابل، قبل أن تحل سيارة إسعاف تابعة للجماعة، أقلت الضحية على وجه السرعة إلى المستشفى انزكان غير أن تدخلات طبيب المداومة لم تفلح في انقاد حياة الشاب الذي لفض أنفاسه الأخيرة بذات المستشفى. دورية روتينية كانت عقارب الساعة قد اقتربت من تمام منتصف الليل يوم الأحد الفارط، حين حلت دورية للسلطة المحلية بدوار عين سيدي بلقاسم بجماعة التمسية، حيث يعيش أهالي الدوار على مدى يومين على إيقاع موسيقي عيساوة وكناوة في إطار (كرنفال) محلي دأب الساكنة على تنظيمه مرة في السنة. كانت حينها دورية القوات المساعدة قد جابت مختلف النقاط السوداء بوادي سوس، تنفيذا لأوامر عامل الإقليم الصادرة بتعقب خطى المجرمين واللصوص بتراب الإقليم، وذلك على خلفية بعض الاعتداءات التي طالت مجموعة من الضحايا الأبرياء كان أخرها الاعتداء الذي طال مؤخرا، احد المسافرين بمحطة انزكان الذي لفظ أنفاسه الأخيرة بالمستشفى الإقليمي. مباشرة وصول الدورية إلى مكان (الكرنفال) أوقف أعوان السلطة سيارة النجدة في الطريق الرئيسية، فيما ترجل عوني سلطة ومخزني إلى مكان الاحتفال، حيث كانت المفاجأة كبيرة والصيد ثمنيا، حين صادف أفراد الدورية الملقب (ببوجاج) في نهاية عقده الثالث ينحدر من دوار اخوربان بجماعة التمسية، يعتبر عنصرا مسجل في درجة خطر لدى الجهات الأمنية، حيث سبق وأن قضى العديد من العقوبات الحبسية لسنوات عديدة تتعلق بالاتجار في المخدرات والسرقة واعتراض سبيل المارة والإحتجاز، حيت لم يمضي على خروجه الأخير من السجن سوى بضعة شهور. كان المعني بالأمر قابعا وسط جمهور الحاضرين في حالة هيسترية وهو في حالة سكر طافح، برفقة صديقه المدلل ذي 21 سنة وبحوزتهما أسلحة بيضاء، وعلى التو تقدم مخزني نحو (بوجاج) محاولا إلقاء القبض عليه، غير أن الأخير أحكم قبضته على المخزني ملوحا بسيفه الطويل تجاهه، مهددا إياه بأوخم العواقب إن لم يتركه لحال سبيله. اقتراف الجريمة بعدما تعذر القبض على (بوجاج)، دخل عوني سلطة بدورهما على الخط وحاولا تكبيله، غير أن الأخير قاوم بشراسة كبيرة، خاصة وأنه كان في حالة هيستيرية، بعد تناوله رفقة صديقه كميات كبيرة من الماحيا الممزوجة بالقرقوبي،وفي هاته اللحظات عمت فوضى عارمة (بالكرنفال) وأوقفت الفرق الموسيقية نشاطها،وخلال هاته اللحظات حاول مجموعة من الشباب مساندة أعوان السلطة الذين استنجدوا بدورهم بعناصر الدرك الترابي لاعتقال (بوجاج)، غير أن الأخير ظل مشهرا سيفه وبدأ يهدد به يمنيا ويسارا كل من حاول الاقتراب منه، قبل أن يوجه طعنة قوية طائشة على مستوى القلب إلى أحد الشباب الذي كان على مقربة منه، سقط على إثرها الضحية أرضا وهو يسبح في بركة من الدماء، وخلال هاته اللحظات تعالت صيحات الحاضرين بعد شيوع خبر سقوط الضحية. في وقت لم تصل فيه بعد دورية الدرك في الوقت المناسب يفيد شهود عيان، وهو الأمر الذي فسح المجال لثلة من الشباب الذين دخلوا في معركة غير متكافئة مع (بوجاج) وصديقه المسلحين بالأسلحة البيضاء، تمكن خلالها شباب الدوار من كسر شوكتيهما وطرحهما أرضا و اشبوعهما ضربا، قبل أن تصل دورية الدرك إلى عين المكان لإجراء المعاينة الأولية،ليتم نقل الضحية على وجه السرعة إلى جانب المتهم وصديقه اللذين أصيبا بدورهما بجروح متفاوتة على مستوى الرأس والوجه أثناء عملية المواجهة مع شباب الدوار إلى المستشفى الإقليمي بمدينة انزكان، عبر سيارة إسعاف تابعة لمجلس الجماعي، غير أن تدخلات أطباء المداومة لم تفلح في إنقاذ حياة الشاب الذي لفظ أنفاسه الأخيرة بذات المستشفى. اعتقال الجاني انتقل عناصر الدرك بدورهم إلى ذات المستشفى لمتابعة الإجراءات المسطرية، قبل أن يتم اقتياد القاتل وصديقه على متن سيارة المصلحة إلى مقر مركز الدرك للاستماع إلى أقوالهما في محاضر قانونية، فيما تم ايداع جثة الضحية بمستودع الأموات في انتظار تشريح الجثة ومعرفة سبب الوفاة، هذا وبعد الانتهاء من إنجاز المحاضر القانونية للظنينين، أحالت عناصر الدرك المكلفين بالقضية على أنظار وكيل العام للملك صباح يوم الثلاثاء الفارط بمحكمة الإستنئاف بأكادير، الظنينان بتهم تتعلق بتعاطي السكر وتبادل الضرب والجرح المفضي إلى الموت.