عندما عدل المغرب دستوره ليطفئ الغضب الشعبي، انطفا الغضب معتمدا على الدستور الجديد لتحقيق الكرامة والعدالة، وعندما انتخب الشعب الاحزاب الحاكمة او المشاركة في الحكم، انطفا الغضب معتمدا على تجربة جديدة واناسا جدد على ما يبدو نزهاء يريدون الخير للعباد والبلاد، ومرت الايام والشهور، فبدا الدستور يغترب بين واضعيه، وبدات الحكومة تغترب عن ناخبيها، وتتخذ قرارات واجراءات ما كان الشعب لينتخبها لو علم بقراراتها. ومن بين القرارات التي اصدر فيها رئيس الحكومة مرسوما، ما يسمى بتحديد الملك الغابوي بقبائل سوس، او بعبارة اخرى تحديد ملك الدولة في افق تحفيظه، وبعبارة اكثر دقة، نزع ملكية ارض الخواص، والامر هنا لا يتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة، بل الاستيلاء على ارض السكان الاصليين بغير وجه حق، وبغض النظر عن لا دستورية المرسوم المذكور ولا قانونيته لأنه خرج عن مدلول القوانين التي اعتمد عليها والتي تعود الى الحقبة الاستعمارية، والامر متروك لأهل القانون لتأكيد ذلك، فان المرسوم المذكور وقعه رئيس الحكومة دون ان يعلم اين توجد تلك الاراضي المراد ضمها الى الدولة ولا تاريخها ولا قاطنيها ومستغيلها، فقط يعلم انها في سوس ليسارع بالتوقيع على المرسوم الاسود المشؤوم، رئيس الحكومة بذلك بدا في اشعال الغضب الذي كان قد انطفا او كاد، فسكان سوس عامة والمناطق المراد الاستيلاء عليها خاصة تنتفض كل يوم، وتسجل اعتراضها الكامل على هذه العملية المجحفة والتي ترمي الى تهجير السكان الاصليين من اراضيهم التي تصرفوا فيها منذ قرون وقرون وورثوها ابا عن جد، تلك الارض التي لم تنفق الدولة درهما واحدا عليها لتشجيع السكان على المكوث بها ومع ذلك تشبتوا بها وجعلوها مصدر عيشهم، ذلك العيش الذي جاءت الحكومة اليوم تريد تجريدهم منه، بقرار ارعن من رئيس حكومة طالما ظننا به خيرا وحلما وحكمة.. بدا الغضب اذن بقبائل سوس، فبالأمس اقامت الدولة محميات للخنزير البري بنفس المناطق رغم ان الامر يتعلق بملكيات خاصة، وحرم خنزيرهم البري السكان من فلاحتهم، وامنهم، واشتكوا ولا من سميع الا الله فوق سبع سماوات، وبعد الدستور والحكومة والمغرب الجديد، قلنا سنسمع شكوانا ، وقبل حتى ان نشرح تذمرنا من خنزيرهم البري، تذكرت الحكومة مناطق سوس، ويا له من تذكر فأنعمت عليه بمرسوم يسلب ارضه من اهله.. بدا الغضب اذن بقبائل سوس، وقد تتحول هذه النقمة الى نعمة، فقد اتحدت كل الجمعيات داخل الوطن وخارجه، وقامت بتحسيس السكان والاحتجاج لدى السلطات، ورفعت عرائض، واتحد السياسيون رغم اختلاف الوانهم، واصدرت المجالس المنتخبة بالمناطق المستهدفة مقررات بالإجماع تدين المرسوم الاسود المشؤوم، ونشر الوعي لدى السكان البسطاء بأهمية الحفاظ على ممتلكاتهم، واسالت اقلام الغيورين مدادها، هي اذن بداية اتحاد قبائل سوس للذود عن ارضهم وممتلكاتهم.. والحكومة فقدت شعبيتها بالمنطقة ان كانت تهمها الشعبية، بل وطالب السوسيون الوزراء المنتمين الى هذه الحكومة والمنحدرين من سوس وما اكثرهم الى الانسحاب من هذه الحكومة التي تريد تهجير السكان الاصليين ودمجهم في باقي المناطق كفقراء كخطة للقضاء على نظرية السكان الاصليين. وان كان المرسوم يهم اقليم شتوكة ايت بها، فباقي مناطق سوس معنية لأنه ان نجح الامر في ايت باها ستليه باقي المناطق، ومناطق الامازيغ خاصة.. بدا الغضب اذن ولن ينطفئ هذه المرة الا بإلغاء المرسوم الاسود المشؤوم وترك الناس يعيشون في ارضهم بسلام، وعلى الحكومة ان تتذكر هذه المناطق في مخططاتها التنموية ان كانت لها مخططات، لا في مؤامراتها ولها مؤامرات.