مع حلول الأعياد الدينية والعطل الموسمية، تعرف المحطات الطرقية بالمغرب أسوأ أيامها؛ بحيث تتعدد مظاهر الفوضى وتعدد مظاهر استغلال رغبة المواطنين في مشاركة الأعياد مع اهاليهم وعائلاتهم لاستنزاف رزقهم بأسهل الطرق. مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، يعود موضوع ارتفاع أسعار التذاكر للنقاش في أوساط وتجمعات المواطنين الى جانب موضوع الأضحية والملابس. فمع حلول كل عيد خصوصا عيد الفطر وعيد الأضحى تشهد مختلف المحطات الطرقية سواء المتعلقة بالحافلات أو التي تخص سيارات الأجرة طيلة الثلاثة أيام الأخيرة أو حتى الأسبوع الأخير قبل حلول يوم العيد (تشهد) فوضى كبيرة بفعل الإقبال الكثيف للمواطنين الراغبين في السفر. أمام هذا الاقبال الكتيف للمواطنين على وسائل النقل لتقلهم الى بيوتهم، تتنامى رغبة أخرى لدى أصحاب وسائل النقل لاستغلال هذا الاقبال الكثيف وهذا الاكتظاظ الكثيف والرغبة الملحة للمواطنين في السفر لقضاء عطلة العيد مع ذويهم لمضاعفة أرباحهم ومن أجل الرفع من قيمة أسعار التذاكر في ظل غياب المراقبة الكافية وفي ظل التسيب الذي تشهده العديد من المحطات الطرقية في مثل هاته المناسبات. وحسب ما نشاهده ونعيشه بشكل موسمي في محطة تارودانت، فقد تشهد الأيام القليلة التي تسبق عيد الفطر وعيد الأضحى وحتى يوم العيد فوضى كبيرة بمحطة تارودانت فضلا عن المضاربة في أثمان التذاكر والتي تفوق الضعف في عدد من المحاور الطرقية. وكمثال عن حالة الفوضى التي تسود محطة تارودانت، فقد يصل سعر التذكرة من تارودانت إلى أولاد برحيل لما يفوق 30 درهم بعدما كان في الأيام العادية لا يتجاوز 15 درهما بالنسبة لسيارات الأجرة. وكل المحاور الرابطة بين تارودانت المركز وتارودانت الشمالية (اولوز، تالوين، أولاد برحيل، الطريق…) تشهد ارتفاعا مهولا في أسعار التذاكر يتجاوز 100% طيلة أيام “العواشر”. وتثير الفوضى والمضاربة في التذاكر بمحطة تارودانت غضب وامتعاض كافة المسافرين الذين لا تجد شكاويكم ولا صرخاتهم مجيبا خاصة أن الأمر يتكرر كل مناسبة عيد. ويجد المواطنون المسافرين أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه بعدما يستحيل عليهم إيجاد بديلا لهذه السيارات واصحابها الذين لا يهمهم المواطن ولا ظروفه. ومن أجل تعميق النظرة إلى الموضوع نقول، أن محطة تارودانت تشهد احتجاجا من طرف المواطنين ضد غلاء أسعار التذاكر بسبب المضاربة وتدخل "الشناقة" في العملية، وكذا عدم التزام بعض شركات النقل وأصحاب الطاكسيات بالشروط المعمول بها في هذا الإطار، في مقدمتها عدم وضع لائحة الأسعار على نوافذ شباكها الخاص ببيع التذاكر وعلى النوافذ الأمامية لسيارات الأجرة، وحتى ان وجدت هذه اللوائح فتبقى مجرد “ديكور” يزين واجهة “الطاكسي”؛ فسبق لي شخصيا أن سألت صاحب طاكسي في تارودانت عن جدوى وضع هذه اللائحة ان لم يتم احترامها، وعن مدى قانونية رفعهم من تذكرة الرحلات؟ وأجاب “نحن نرفع سعر التذكرة لأن ‘الطاكسي” تعود فارغة من أولاد برحيل”. وكان تمن التذكرة ارتفع بالضعف من 15 درهم الى 30 درهم. وهذا ما يفرض على الوزارة الوصية التدخل لوضع حد لهذه الفوضى التي تتكرر كل سنة ويستغل فيها أرباب النقل الفرصة لإنهاك جيوب المسافرين. وسبق أن أكد الوزير بوليف في بيان لوزاته، أن شركات النقل ملزمة بتعليق الأسعار في لوحة خاصة على نافذة شباك التذاكر بالمحطات الطرقية، حتى يتمكن المواطن من معرفة الثمن الحقيقي الذي يجب أن يقدمه مقابل التذكرة، وأنه على المواطنين التشبث بالأسعار المعلقة، وفي حالة وجد المواطنون أن الأسعار غير معلقة وجب إشعار مفتش المحطة بذلك لأن هذا هو أحد أدواره. إن قطاع النقل في المغرب يعد من القطاعات الحيوية والهامة في بلدنا، ويتحمل عبئا كبيرا في توفير خدمات للمواطنين وخاصة في الأعياد الدينية (عيد الفطر وعيد الأضحى)، لأن غالبية المسافرين في هده المناسبات الغالية هم من العاملين والمهاجرين من المناطق الأكثر فقرا الى المدن الكبيرة بحثا عن ظروف عيش أفضل، ونتأسف للطريقة التي تنهجها الوزارة الوصية على قطاع النقل في البلاد وعدم اهتمامها لهذه الفئة المهمة من المواطنين. ونتمنى من الجهات الوصية بإقليم تارودانت (المجلس الإقليمي، بلدية تارودانت، السلطات المحلية..) التدخل العاجل لكبح هذه التصرفات الدنيئة والتي يمكن تصنيفها ضمن خانة النصب والاحتيال أو حتى في خانة “الكريساج” المنظم. كما نتمنى من فعاليات المجتمع المدني بإقليم تارودانت أن تترافع من أجل كسب رهان هذه القضية ودفاعا عن المواطنين الذين يتم استنزاف رزقهم في الطريق، وكذلك تشكيل قوة اقتراحية والدخول في حوارات ولقاءات مع الجهات المسؤولة ومع المهنيين ونقاباتهم للحد من هذه المظاهر الدنيئة.