لوحظ في السنوات الأخيرة انتشار بيع ماء زمزم بالمحلات التجارية عبر جميع التراب الوطني وذلك في عبوات من البلاستيك بمختلف الأحجام والكميات. و المثير أن هذه القنينات لا تحمل أية إشارة لمصدرها أو تاريخ الصلاحية و ذلك ما يعتبر خرقا للقوانين، بحيث يجب على أي منتوج معروض للبيع أن يحمل كل البيانات المهمة و التي تنير المستهلك عن مصدر، تاريخ الإنتاج و تاريخ انتهاء الصلاحية إلى غير ذلك من المعلومات. و الغريب في الأمر أن هذه القنينات عليها إقبال كبير لكثرة استعمالاتها في العلاج بالحجامة، و في العلاج من العين والسِّحر والمس. كما جاء في الحديث الشريف، بحيث قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ((خيرُ ماءٍ على وجه الأرض ماءُ زمزم فيه طعامُ الطعم وشفاءُ السقم)) رواه الطبراني. فهذا الماء فيه بركة، فقد جاء في الحديث أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شرب من ماء زمزم وقال : ((إنها مباركة وإنها طعامُ طُعم وشفاء سقم)) رواه أبو داود. إلا أنه إذا رجعنا إلى قوانين المملكة العربية السعودية مصدر هذا الماء، فإن قرار وزارة الداخلية السعودية يمنع تصدير مياه زمزم للخارج. بحيث صدر أمر سامٍ يقضي بمنع تعبئة ماء زمزم في عبوات خاصة واستغلالها للبيع في الداخل والخارج ومنع تصديره بصفة عامة ومطلقة بأي شكل من الأشكال و يستثنى من ذلك العبوات القليلة التي تستخدم للأغراض الشخصية. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما دام ماء زمزم ممنوع تصديره إلى خارج المملكة العربية السعودية، فكيف تصل كميات وافرة جدا إلى جميع المدن المغربية؟ بل وأغرقت الأسواق خصوصا الشعبية منها بهذا الماء؟ وهل فعلا هذا ماء زمزم؟ الحقيقة الأكيدة والصادمة تكمن في واحد من الجوابين الآتيين ولا ثالث لهما. 1/ ما دامت المملكة العربية السعودية تمنع بصفة قطعية تصدير ماء زمزم إلى خارج البلاد، إذن فقد خرجت هذه المياه الوافرة من البلاد عن طريق التهريب. فهي بهذا النحو مهربة. لكن هل يستطيع أحد أن يعبر الحدود السعودية مع هذه الكمية الكبيرة من الماء؟ ونحن نعرف الحراسة المشددة على الحدود السعودية خصوصا في السنوات الأخيرة و التي تعرف فيها المنطقة توثرا كبيرا بسبب الحروب و النزاعات السياسية. إذن لا يمكن إخراج هذه الكميات الوافرة عبر الحدود دون ضبطها من طرف السلطات السعودية؟؟؟؟؟؟ 2/ هذا الماء ليس بما زمزم بكل بساطة. إنه ماء عادي معبأ في قنينات بلاستيكية بدون معلومات كافية وشافية لتنوير المستهلك المغربي عن مصدرها و تاريخ صلاحيتها. و في هذه الحالة، فإنه يعتبر هذا العمل جريمة في حق المستهلك المغربي، وذلك حسب مقتضيات قانون رقم 10.95 المتعلق بالماء ( ظهير شريف رقم 1.95.154 صادر في 18 من ربيع الأول 1416 و الموافق ل16 غشت 1995 بتنفيذ القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء): * البند 4 من الفصل 76: يعتبر جريمة "الحيازة بغرض البيع أو العرض للبيع أو البيع عن قصد تحت اسم معين، لماء ليس له الأصل المشار إليه" * البند 10 من الفصل 76: يعتبر جريمة "عدم الإشارة على المنتوج إلى تاريخ عرضه للبيع و تاريخ نهاية صلاحيته." هنا يتضح جليا بأن هذا الماء الذي يدعي البعض أنه "ماء زمزم" لا يعدو أن تكون مياها عادية، و لا علاقة لها بماء زمزم الحقيقية التي تأتي من الديار المقدسة. و إلا فعلى كل من يريد استيراد ماء زمزم إن كانت نيته سليمة أن يثبت لنا مصدرها و ذلك عن طريق تقديم "شهادة المنشأ" وهي الوثيقة الرسمية و الإدارية الوحيدة التي من شأنها أن تؤكد بأن هذا الماء قادم من المملكة العربية السعودية. وهذا من المستحيلات لأن كما أكدنا آنفا، فالسلطات السعودية منعت بصفة كلية تصدير ماء زمزم، و بالتالي لا يمكن أن تسلم لأي أحد شهادة المنشأ. هذا فقط لمن يريد أن يفهم، بحيث الأمور الآن واضحة وضوح الشمس في يوم مشمس. فكفى من الغش و التلاعب على المستهلك المغربي و استغلال جيبه لتحقيق ثروة كبيرة على حساب قوته اليومي.