تمكنت جمعية إنرزاف من رفع التحدي رغم ضآلة الإمكانات المادية التي أتيحت لها، من جعل النسخة الثالثة من مهرجان المهاجر الذي حمل هذه السنة شعار “الإبداع الفني في خدمة المهاجر”، يلاقي نجاحا وإقبال فات بكثير ذاك الذي لاقاه في دورتيه السابقتين. وقد عاش جمهور مدينة أكادير وأهله من الجالية و كذا ضيوفه، على وقع فعاليات مهرجان المهاجر في الفترة الممتدة ما بين 10 و 12 غشت الحالي. وقد أبدعت و قادت جمعية إنرزاف هذه التظاهرة بدوراتها الثلاث، بهدف خلق تواصل حقيقي متين بين الشعراء، الموسقيين والمغنيين الأمازيغ، الذين يعيشون في المغرب و في بلاد المهجر، لتبادل الأفكار في شأن تدبير سبل الرقي بالثقافة الأمازيغية. وتهدف الجمعية أيضا بتنظيم هذه التظاهرة الفنية التي لاقت أقبالا جماهيريا كبيرا، خلق جسور التواصل بين فناني المنطقة الأمازيغ والجالية المغربية عامة والمغرية الأمازيغية خاصة، وكذا الإهتمام الفعلي أكثر بالجالية وهي بأغلبها منحدرة من جهة سوس و توطيد علاقتها بوطنها الأم . وقد أكد رئيس جمعية إنزرزاف حميد بايح المعروف بحميد إنزراف إسوة باسم مجموعته الفنية “إنرزاف” و التي يترأسها، أن الفن والفنانين الأمازيغ هما الرباط المتين الذي من شأنه الحفاظ على الهوية في الأصول والثاقافة الأمازيغيتين عند الأجيال التي تولد وتنمو في بلاد المهجر. و الفنان حميد بايح “إنرزاف” لا ينطق عن الهوى فقد ذاق مرارة الإغتراب إذ أنه يعيش في الديار الألمانية، حيث يتنقل بين الحين والآخر بين بلده الأم وألمانيا لتأدية واجبه اتجاه ثقافته وفنه العريق من إبداع فني، ومبادرة تنظيم تظاهرة باتت تقليدا سنويا ينتظره الكل كونه يصادف اليوم الوطني للمهاجر. و قد عرفت هذه الدورة برنامجا جمع بين الثقافة الفن و تمحورت فقراتها بأغلبها حول الهجرة، إذ نظمت خلال أول أيامها ورشات لفائدة أطفال الجالية المغربية وكذا الأطفال المحليين في الكتابة الأمازيغية “تيفيناغ”، اختتمت بتوزيع جوائز وشهادات تقديرية على المتفوقين في الكتابة بالامازيغية، هذا موازاة مع معرض للآلات الموسيقية والكتب الأمازيغية. في حين عرف يومها الثاني تنظيم ندوة فكرية حول الهجرة والإبداع الفني، أطرها عدد من الأساتذة المختصين وعدد من الباحثين، الذين أظهروا من خلال التعريف وسرد مقتطفات من مؤلفات أدبية و شعرية للفنان الأمازيغي، تمظهرات الإغتراب الذي عاشه أو شهده الفنانون الأمازيغ منذ عصور. كما ناقشوا مشاكل الفنان الذي يعيش في المهجر وكذا مشاكل الفنان الذي يعيش في الوطن، حيال الدعوات التي يتلقاها لإحياء حفلات خارج الوطن، واختتمت الندوة بتدخلات الحاضرين و بتوصيات تحث على خلق جسم جمعوي موحد في الوطن وآخر في المهجر تكون مهمتهم الأولى الإهتمام بالفنان وبمشاكله وأزماته في الضفتين. واختتمت الدورة الثالثة من مهرجان المهاجر بحفل فني شهده مسرح الهواء الطلق بأكادير الذي غصت جنباته بجمهور غفير، الذي استمتع مع فرقة احواش اهياض، وغنى بشغف مع الفنان ابراهيم إسلي المغترب أيضا بالديار الفرنسية، والفنان المتميز صالح الباشا الذي ذاع صيته بتمكنه من النظم والشعر والأداء الغنائي الأمازيغي المتميز، وتجاوب الحضور مع أداء الفنانة المتألقة فاطمة تاشتوكت، كما أغنى الحفل بمونولوج متمكن ومتميز الفكاهي بوشعيب أبعمران، و ختم الحفل بأداء مجموعة إنرزاف التي اعطت بسخاء، وكان تجاوب الجمهور معها منقطع النظير حيث شهد الكل بينهما تبادل الحب والعطاء، ولم يستطع الجمهور صبرا حيث صار يلتقط مع الفرقة ومع نجمها الصور التذكارية حتى آخر مقطع صدح به حميد بايح “حميد إنرزاف” يأمسية خالدة تؤرخ لمحطة صلة الرحم بين المهاجر وأهله في الوطن .