يعتبر الفقيد الشيخ الحسن العبادي أحد أبرز الفقهاء الأجلاء الذين أنجبتهم أرض سوس العامرة، دون أن ينسى طلبته ومحبوه الأثر الطيب الذي تركه الرجل قيد حياته. اليوم مر زهاء شهر واحد على وفاة عالم الدين العبادي، الذي وافته المنية بالتحديد يوم الثالث من شهر مارس 2016، ولتذكر مناقب الشيخ الحسن العبادي، الذي توفي عن عمر يناهز 80 عاما، وعزا فيه الملك محمد السادس بأن اعتبر رحيله "رزء لعلماء المملكة"، اتصلت الجريدة بنجله عبد الرحيم العبادي الذي سلط الضوء على جوانب من حياة الفقيد الشخصية والإنسانية والعلمية. والحسن العبادي الهشتوكي، وفق شهادة ابنه عبد الرحيم، رأى النور أول مرة في قرية اوخريب نعلال بإقليم اشتوكة أيت باها، وهو من أسرة معروفة ب"المشارطة" في مساجد المنطقة، والاهتمام بكتاب الله، فكان رحمه الله حريصا على أن يكون له حظ من هذا الإرث العلمي. وقال نجل الفقيد إن الحديث عن والده يجلب إلى الذهن مواقف عديدة، فالرجل كان ذا أبعاد يصعب حصرها، إذ كان المُربي الفاضل لأسرته، والأستاذ الناصح لطلبته، والعالم المجتهد المتنور، لا تأخذه في قول الحق لومة لائم، مع تواضع كبير، ومعاملة الجميع بالطريقة نفسها مهما كان مستواهم العلمي أو المادي. ومن الجوانب المهمة في حياة الشيخ الحسن العبادي، يضيف المتحدث، اشتغاله بالتدريس، فبعد أن أمضى المرحلة الأولى أستاذا للثانوي بالمعهد الإسلامي لتارودانت، عيِّن بمدرسة تكوين المعلمين بأكادير، ليلتحق بعد ذلك بالتعليم العالي أستاذا بكلية اللغة بمراكش، ثم بكلية الشريعة بأكادير. العبادي أشرف خلال كل هذه المراحل على المئات من الأبحاث، سواء منها الإجازة أو دبلوم الدراسات العليا أو الدكتوراه، "حيث لم يكن يبخل على طلبته بعلمه وجهده ووقته وماله، وكان العديد منهم يتوافدون على بيته، من أجل المشورة والنصيحة حتى بعد تقاعده"، يورد عبد الرحيم. جانب آخر من حياة هذا العالم يتمثل في تعلقه الشديد بالمدارس العتيقة لمنطقة سوس، فقد كان يزورها كثيرا، ويكرم فقهاءها وطلبتها بما يجود به من العلم والنصح، بالإضافة إلى إكرامهم بما تيسر من المال، ذلك أنه كان أحد أبنائها، فقد درَس بمدرسة آيت إعزا، ومدرسة سيدي محمد الشيشاوي، ثم بمدرسة ألما، قبل أن يُتم دراسته بجامعة القرويين. ويتابع نجل الشيخ الراحل أن والده عُرف بدروسه الدينية والفقهية القيمة في عدد من مساجد مدينة أكادير، والتي كان يحضرها القاصي والداني من المتعطشين للعلوم الإسلامية، وذلك في مسجد محمد الخامس ومسجد لبنان، إلا أن اسمه ارتبط بشكل خاص بمسجدين هما مسجد السنغال، ومسجد ولي العهد. وبالنسبة لمسجد السنغال، فقد كان يسرد ويشرح الحسن العبادي فيه صحيح الإمام البخاري كل شهر رمضان، وذلك لسنوات عديدة، أما مسجد ولي العهد، فكان يشرح فيه الشيخ الراحل موطأ الإمام مالك كل خميس بين العشاءين إلى أن أعياه المرض، فلم يعد قادرا على الاستمرار. ولفت نجل الشيخ الراحل إلى أن العبادي شغل، قيد حياته، "منصب رئيس المجلس العلمي لأكادير وتارودانت، قبل أن يصبح عضوا بالمجلس العلمي الأعلى، وعضو هيئة الإفتاء، وكان عضوا في اللجنة الملكية لإصلاح مدونة الأسرة"، مضيفا أن "هذه الجوانب من حياته تحتاج إلى بحث عميق لسبر أغوارها، فما ذُكر ليس إلا جزء يسيرا"