كثفت الفضاءات والمؤسسات السياحية بأكادير، اجتهاداتها خلال السنوات الأخيرة لإدراج الشيشة وملحقاتها ضمن خدماتها الجديدة، مستلهمة ذلك من الإقبال الكبير للشباب والشابات على تناولها بالمقاهي. وأبدعت المؤسسات السياحية المصنفة وغيرها، وتفننت في إحداث أماكن خاصة بالشيشة على النمط الشرقي داخل «محمياتها» ، وتأثيثها بطريقة توفر الراحة والجلسة الحميمية المطلوبة و»الرومانسية». كما أدرجت أغلب المؤسسات السياحية المصنفة خمس نجوم بملاهيها وبمراقصها وكاباريهاتها وعلبها الليلية خدمات الشيشة التي تشهد ازدهارا مضطردا، خاصة بين طالبات الجامعات والثانويات، والفتيات والفتيان المتحدرين من أسر ميسورة، إلى جانب بائعات الهوى اللواتي وجدن في تقاسم الشيشة وحميميتها، الجسر السهل للعبور إلى الزبناء. وأصبحت مقاهي الشيشة بحلتها الجديدة تجذب المزيد من مريدي(ات) طقوس الشيشة، إذ تتخذ شكل خيمة على الشاطئ كما هو الحال بقصر الورود وهي مؤثثة على الطريقة العربية وتوحي الموجود داخلها بعزلة شبه تامة عن حياة الحضارة، إذ لا يسمع بداخلها سوى خرخرات مياه قوارير الشيشة أصوات الأمواج الممزوجة بالموسيقى الخليجية. وتستهوي الخيمة رجال المال والأعمال والمقاولين الشباب والسياح الخليجيين، إلى جانب عينة من الفتيات يرتدنها تحت حماية المؤسسة السياحية. فيما اختارت مؤسسة سياحية اخرى مصنفة، فضاء معلقا صمم لتناول الشيشة بكيفية تمكن الزبونات والزبناء من الاستمتاع بلحظات الاعتكاف التي يقضونها وهم يعانقون»النرجيلة» بنهم واسترخاء. يطل على الحوض المائي لامارينا، واتخذ اسم»السماء»، كناية على علوه عن سطح الأرض من جهة، وعلى نوعية علية القوم الذين يرتادونه بحثا عن الشيشة ذات النكهة الجيدة، خاصة بعد أن جددت السلطات الأمنية حربها على أماكن الشيشة بالأحياء الشعبية. وفي إطار التنافس على جلب المولعين بتدخين، أو شرب الشيشة، التي أضحت تدر أرباحا طائلة على مروجيها، عمدت إحدى الإقامات السياحية وسط المدينة بإغلاق ملهاها الليلي، بعد أن أخضعه مالكه إلى إعادة الهيكلة وتكييفه مع أجواء ومتطلبات فضاء الشيشة، إذ تم تأثيثه وتجهيزه بطريقة جديدة تضفى عليه حميمية وجاذبية خاصة، وجهز بأحدث التجهيزات التي تشفط الدخان وترميه بسرعة وبقوة تجعل المكان غير مختنق. واقتصر فضاء»111»على تقديم الشيشة بشتى أنواعها والمشروبات الغازية، مبتعدا عن المشروبات الكحولية التي عرف بها سابقا. أصبحت الشيشة بالنسبة «لبنات الجامعة والليسي» نوعا من التحرر الذاتي، ومجال لتحدى القيم والتقاليد والأعراف، وسلوكا للترويح عن النفس والتسلية، تقول (س-خ) طالبة جامعية، خاصة وأنها لا تترك على الملابس تلك الروائح الكريهة التي تلتصق من تدخين السجائر. غير أنها تحولت تدريجيا بالنسبة للبعض، مع تكرار تناولها والإكثار من استعمالها لمدة طويلة إلى شيء أشبه بالإدمان. وتأسفت طالبة أخرى، من المهووسات بتدخين الشيشة، لأن المجتمع ينظر إلى البنات اللواتي يدخن الشيشة بالمقاهي المخصصة لذلك، بكأنهن من المنحرفات، ويوصفن بالعاهرات، إذ أن بعض الذكور من المدخنين، يعتبرن نفث الدخان في اتجاه ما، بمثابة رسالة أو إشارة أو تلميح إلى الشخص الذي اتخذ الدخان وجهته.