بدأ العد العكسي، وبقدر ما يقترب موعد امتحانات البكالوريا في دورتها الاستدراكية بقدر ما تزداد تساؤلات الفاعلين التربويين عن الإجراءات التي قد تتخذها وزارة التربية الوطنية للحد من ظاهرة الغش الالكتروني و"مشتقاته“ حتى يكون النجاح لمن يستحقه، وتعود الكرامة والمصداقية لمؤسساتنا التعليمية. فمن العيب أن تمر إجراءات وضع، وتسلم، واستنساخ امتحانات البكالوريا في جو من السرية التامة، وتتخذ احتياطات، وإجراءات من المراقبة المشددة. وفي المقابل تترك للمرشحين حرية استعمال الوسائل المتطورة والتكنولوجية الحديثة للنقل داخل قاعات الامتحان مادامت العين المجردة للمكلف بالإجراء تعجز عن ضبط حالات التلبس من هذا النوع، وما دامت جهات أخرى لا تساهم في إنجاح هذا الاستحقاق الوطني لأن الجهل، وغياب الضمير المهني وانعدام الوطنية عند الكثير قد تبوؤوا الصدارة هذه السنة كغيرها من السنوات الفارطة: فهذه مجموعة من مراكز النسخ التي لازالت تعمل على تصغير المواضيع وتغليفها، وتلك فرق من الملخصين للدروس امتهنت حرفة تحضير "عدة الغش“ بأثمنة مناسبة، وآخرون ممن يتبجحون بضرورة الإصلاح ومحاربة الفساد في الوقت الذي تجدهم منهمكين في الإجابة عن أسئلة الامتحانات خارج أسوار المؤسسات لبعثها أو تلوها مباشرة عبر الهاتف النقال لمن لهم علاقة بهم من التلاميذ المرشحين، فضلا عن شركات الاتصالات التي جعلت من هذه الفترة من السنة فترة للتخفيضات عوض المساهمة مجانا في إنجاح هذا الاستحقاق، وذلك بوضع أجهزة التشويش بجميع مراكز الامتحانات. أما بعض المؤسسات التعليمية الخصوصية التي "تبيع“ النقط بل تبحث عن تقديم رشاوى بطرق خاصة لتيسير عملية الغش لفائدة تلاميذها كإجراء للحصول على نسب نجاح تلمع صورتها وتستقطب زبناء جدد. إذا كنا نؤمن بأن الأمم تتقدم بالعلم وبالشباب المتعلم فإن الغش سبب لتأخرها وعدم رقيها. وإلا فكيف لحامل شهادة بالغش أن يساهم في بناء الأمة؟ وكيف له أن يكون عنصرا فاعلا في مجتمعه، حاملا لمشروع تنموي لجهته أو بلد؟ بالرغم من كون إنجاح هذا الاستحقاق الوطني مسؤولية الجميع فإن وزارة التربية الوطنية مدعوة لرفع راية الحزم والشجاعة في اتخاذ القرارات، وعليها أن تعمل على تفتيش المترشحين قبل ولوج قاعة الإجراء لحجز معدات الغش بنوعيه اليدوي والالكتروني في أولى ساعات اليوم الأول من الامتحانات، على أن تتخذ الإجراءات القانونية الجاري بها العمل في حق من لم يلتزم بمقتضيات القانون. الاعتماد على النفس تربية وثقافة وجب نشرها وتفعيلها سواء داخل الأسرة أو من خلال وسائل الإعلام والمناهج والمقررات الدراسية حتى نضمن لبلدنا التقدم الحقيقي ويكون شبابنا أهلا لما قد يتبوأه من مسؤولية مستقبلا.