مرة أخرى،وبعدما سبق لمهرجان تيميتارالدولي بأكَادير،أن احتفل في الدورات السابقة وبطريقته الخاصة بأشعارالشاعرالأمازيغي الراحل علي أزايكو،وبكتابات الكاتب الروائي الأمازيغي المشاكس الراحل محمد خيرالدين،وقام بتكريم الشاعروالكاتب محمد المستاوي ،يعود في دورته التاسعة ليكرم ويحتفي بمجموعة غنائية أمازيغية كبيرة ومشهورة تحظى بحب كبيرلدى الأمازيغ خاصة والمغاربة عامة هي”مجموعة إزنزارن”التي يقودها عازف البانجوالمتميز”إيكَوت عبد الهادي”،وذلك من خلال تقديم وصلات غنائية ومسرحية مجسدة لحياة وأغاني هذه المجموعة الخالدة. وقد أنتج مهرجان تيميتارفي شهرماي الماضي ألبوما جديدا لمجموعة إزنزارن تحت عنوان”أكَال= الأرض”يتضمن آخرأغانيها وألحانها التي أنتجتها مؤخرا بعد غيبة فنية دامت 22سنة،لذلك جاءت الوصلات الغنائية التي أدتها فرق تلاميذية تابعة لمؤسسات تعليمية بإنزكَان وتزنيت وأكَادير،بمسرح الهواء الطلق مساء يوم 26 يونيو2012، لتذكرجمهورتيميتاربلحظات تاريخية استثنائية حين عرضت بإتقان أغاني هذه المجموعة التي شقت طريقها الفني مبكرا في بداية السبعينات من القرن الماضي وبالضبط في سنة 1972. كما تتبع الجمهور،مساء يوم الثلاثاء المنصرم،مسرحية غنائية وشعرية شخصت وجسدت عبرالتمثيل والكلمة باللغتين الأمازيغية والفرنسية حياة هذه المجموعة وأشهر أغانيها الخالدة وخاصة أغنية”إمي حْنّا”التي لقيت شهرة كبيرة ليس بسوس وحدها بل على امتداد التراب الوطني. وما جعل المسرحية التي أخرجها عبد الرزاق الزيتوني ومثلتها نخبة من الممثلين بسوس،هي أنها أتحفت جمهورها بمجموعة من الأغاني التي أنتجتها المجموعة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي،حيث توفقت مجموعة إزم المصاحبة للمسرحية من أداء هذه الأغاني عزفا ولحنا وغناءً وذلك في تناغم كبيرمع الحركات الجسدية والمشاهد واللقطات التي أداها على الركح ممثلون مقتدرون وهم بوبكرأُومولي،خديجة بوكيود،محمد أيت سي عدي،عبد الوافي الولافي،توماس كَوزالي(من فرنسا). هذا ويمكن القول أن حفل التكريم الذي خصصه مهرجان تيميتار الدولي”علامات وثقافات”لهذه المجموعة والإحتفاء بإنتاج ألبومها الأخير”أكال”،هوأيضا تكريم للراحل الحسين بوفرتل العازف على إيقاع”الطام طام”الذي توفته المنية في أواخرسنة2011، وهوأحد العناصرالهامة والمؤسسة للمجموعة في السبعينات إلى جانب كل من إيكوت عبد الهادي ومحمد الحنفي ومولاي إبراهيم الطالب ومصطفى الشاطروعبدرالرحمن بيردا وحسن بايري. وللتاريخ،فمجموعة إنزازرن الأمازيغية،مدرسة فنية وموسيقية وغنائية بكل المقاييس ،حيث جاءت في ظل الموجة الغنائية الجديدة التي ظهرت في بداية السبعينات بالمغرب، بعد التفاف الجمهورالمغربي على أغاني ناس الغيوان وجيل جيلالة ثم المشاهب،وهنا برزت مجموعة إزنزارن الأولى قبل انشقاقها في منتصف السبعينات،وتقسيمها إلى مجموعتين:إزنزارن الشامخ وإزنزارن إيكَوت عبد الهادي،وأصبح لها جمهورها الخاص نظرا لشكلها الموسيقي والإيقاعي والغنائي الجديد الذي ميزها كلية على الشكل الغنائي للروايس. ولعل ظاهرة مجموعة إزنزارن ساهمت كذلك ليس في التميزعن غناء الروايس فقط ، بل في بروزمجموعات غنائية أمازيغية بسوس،حيث مثلت صحوة موسيقية وفنية آنذاك كان لها دوركبيرفي تطويرالأغنية الأمازيغية خاصة أنها كانت تغني عن هموم الشباب وعن القضايا الإجتماعية والمشاكل الأساسية التي تؤرق فئة عريضة من المجتمع، بتعبيرفني وموسيقي راقيين،وهذا هوالسرالذي جعل كلماتها الشعرية الملتزمة الممزوجة بألحان تجديدية تتسرب بدون استئذان إلى قلوب الجمهوربكل شرائحه وتحظى باحترام كبيرلتبقى أغانيها خالدة. وجعلها أيضا تؤثرإيجابيا في بروزمجموعات هنا وهناك لم يعد لها ذكرالآن،مثل مجموعة لَقْدامْ ومجموعة تيفاوينْ ومجموعة تيتارْومجموعة ْلهْمومْ وإزنكادن وأياون وإسعدينْ ومجموعة العْشْرة بأنزا ثم مجموعة أودادن وغيرها من المجموعات التي ظهرت في ظل الموجة الجديدة التي خلقتها مدرسة إزنزارن. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن لماذا استمرت أغاني مجموعة إزنزارن إلى اليوم؟ ولماذا تصرالأجيال الحالية وخاصة فئات الشباب على الإلتفاف على أغاني هذه المجموعة وحفظها وتردادها وتظل تنتظر صعودها إلى وقت متأخرمن الليل في أربع دورات لمهرجان تيمتار؟وما سرهذا الحب الكبيرالذي يكنه الجمهورلهذه المجموعة الخالدة؟. الجواب طبعا في مضامين الأغاني التي لامست هموم الناس ومعاناتهم الفردية والجماعية وعبرت عن الوعي الجمعي،ولامست فنيا وغنائيا وبروح التزامية حقيقية ما يخالج الجمهورداخليا.وفي الكلمات الساحرة المختارة والمنتقاة بعناية وبلمسات فنية وشعرية احتراما للذوق الفني الراقي ولأخلاق المجتمع.وكذلك في الصوت والعزف واللحن والغناء الذي تميزت به المجموعة عن غيرها،زيادة على الصدق فيما تغنيه النابع أصلا من المعاناة الحقيقية التي يقاسمها فيها عدد كبيرمن فئات المجتمع. فلا أحد منا كان ولايزال يستحيي من أن يستمع إلى أغاني مجموعة إزنزارن داخل المنزل أمام والديه وأفراد عائلته،مثلما كان الشأن بالنسبة لمجموعة ناس الغيوان الأسطورية ومجموعة جيل جيالة والمشاهب الخالدتين،لأن الجميع كان يردد بعشق غيرمتناه وانتشاء متكامل أغاني هذه المجموعات التي فرضت نفسها في الساحة الفنية ودخلت قلوب الجماهيروالعائلات المغربية بدون استئذان كما قلنا. هذا وعبرت مجموعة إزنزارن عن عودتها الفنية بقوة في الندوة الصحفية التي عقدتها بأحد فنادق أكَادير،مساء يوم الأربعاء27يونيو2012،في سياق البرمجة الفنية لمهرجان تيميتار،وذلك بعد غيبة دامت 22 سنة كانت فيها تتأمل مسارالأغنية الأمازيغية والمغربية عموما،لتقررفي النهاية هذه العودة بإنتاج ألبومها الأخير”أكال” الذي يذهب في المنحى نفسه لأغانيها القديمة كلمة ولحنا وأداء على أساس أن تتبعه بألبومات أخرى. وبالنسبة لتطويع الأغنية الأمازيغية عالميا على غرارما فعلته وتفعله حاليا مجموعة أودادن من خلال حضورها المتميزفي المهرجانات العالمية بأربع قارات،قال إيكوت عبد الهادي في جوابه على سؤال جريدة الإتحاد الإشتراكي في الندوة الصحفية المذكورة:إن المجموعة لا تتطلع إلى المشاركة في هذه المهرجانات العالمية،بل الذي يهمها أولا وأخيرا هوالجمهورالمغربي الذي من أجله تغني وتعزف وتلحن. وأن المجموعة سبق لها أن قامت في أواخرالسبعينات وبداية الثمانينات بجولات أروبية بدعوة من الجالية المغربية،وغنت أيضا في الأولمبياد بفرنسا…لكن ليس في أجندتها الحالية هذا الطموح الذي سارت فيه مجموعة أودادن التي تختلف،حسب رأي عبد الهادي،عن إزنزارن كثيرا في الأسلوب الغنائي والكلمات المغناة والهدف الفني أيضا.