انتهت مغامرة أفراد شبكة أغرقت صندوق الضمان الاجتماعي وشركات التأمين الخاصة بملفات طبية مفبركة، بإيداع بعضهم خلف أسوار السجن المحلي ومتابعة بعضهم الآخر في حالة سراح، في انتظار ما ستكشف عنه مجريات التحقيق من أسرار وخبايا لازالت طي البحث والتقصي. بداية نهاية اقترافات المتهمين وسقوط الأقنعة عن أفعالهم، انطلقت مع قرار النيابة العامة إحالة ملف القضية على قاضي التحقيق بابتدائية مراكش، وإحالة مساعد صيدلي في حالة اعتقال رفقة مجموعة من الأشخاص، بناء على محاضر الشرطة القضائية التي استمعت للمتهمين وواجهت بعضهم ببعض في إطار تعليمات النيابة العامة نفسها. لم يتطلب الأمر كثير وقت من المسؤول القضائي المذكور، الذي شرع بالتدقيق في تفاصيل القضية، حين جاء قراره بتسييج مجموعة من المتهمين ضمن كوكبة المتورطين رهن الاعتقال الاحتياطي، وفرض كفالة مالية على مجموعة أخرى لمتابعتهم في حالة سراح. التهم التي ووجه بها المعنيون تصب في مجملها في خانة «تزوير وثائق واستعمالها، والنصب والاحتيال»، ويتوزع عناصر الشبكة ال11 الذين تم حشرهم في زاوية المتابعة، بين مساعدة طبيبة ومساعد صيدلي وإداري يعمل بمؤسسة صحية عمومية وعناصر أخرى. تروي تفاصيل القضية أن مستخدما بصيدلة وسكرتيرة طبيبة بالقطاع الخاص إلى جانب الإداري بالمستشفى العمومي، بالإضافة إلى مساعد صيدلي آخر والذين تم إيداعهم أسوار السجن المحلي، أسسوا شبكة للتلاعب بالملفات الطبية، وتوجيهها لصندوق الضمان الاجتماعي وشركات التأمين الخاصة، في شكل ملفات طبية تستوجب تعويضات أصحابها. تعمل مساعدة الطبيبة والإداري بالمستشفى العمومي، على تهييء وصفات طبية مؤثثة بأدوية غالية الثمن ومهرها بخاتم الطبيب والمصلحة، ليقوم بعدها مستخدما الصيدليتين بدمغها بأختام الصيدلية، لتصبح جاهزة لتشكيل ملف صحي متكامل قابل إحالته على مصالح الضمان الاجتماعي أو شركات التأمين بالنسبة للمستفيدين، واستخلاص التعويضات المخصصة للمسجلين. عملية أغرقت المؤسسات المذكورة واستنزفت مبالغ طائلة، ما أثار انتباه مسؤوليها خصوصا في ظل تواتر الملفات الصحية لنفس الأشخاص والمستفيدين، ليفتح الباب أمام التدقيق في تفاصيل هذه الملفات وإحالتها على الشرطة القضائية، حيث انتهت قناعة قاضي التحقيق بتوزيع الأظناء، ما بين متابع في حالة اعتقال ومسيج بالمتابعة في حالة سراح في انتظار ما ستسفر عنه مجريات القضية وما ستفرزه من غث المتورطين وسمينهم. كل المؤشرات تؤكد بأن المتهم الرئيسي قد نجح في نسج علاقات عنكبوتية ومد خيوط ارتباطاته لتشكل شبكة من الوسطاء يلفون حبال عملياتهم حول بعض الصيدليات، مع الاستعانة بخدمات مساعدة الطبيب والإداري بالمستشفى العمومي لتسهيل المأمورية وتهييء ملفات طبية متكاملة قابلة للتعويض من طرف مصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وبعض شركات التأمين الخاصة، على أساس أن لكل عضو نصيب حسب الخدمة التي يؤديها ضمن مسار الملفات المعدة للتعويض، قبل أن يجد الجميع نفسه في مهب رياح التحقيقات القضائية.