لاشك ان مهنة التعليم بالقرى النائية تعد من اصعب المهن على الاطلاق في هذا العالم المتناقض خاصة بالمناطق الجبلية وذلك لما تعرفه من قساوة العيش و صعوبة التأقلم بهذه المناطق المعزولة. والتي لايزورها المعنيون بالأمر إلا اوقات الترشح لنيل مقعد في البرلمان وينسونها كليا بعد الوصول الى الهدف المطلوب . لذلك يبقى المعلم الادرى معرفته بهذه المناطق بعد سكانها وموضوعنا يتعلق بواقع التعليم في هذه القرى النائية او بالأحرى الجزر المعزولة. فكما ان التدريس اصناف تعليم مدني حضري او خصوصي وتعليم قروي نجد المدرسين كذلك اصناف . فهناك اساتذة رسميين مرتبين حسب السلم ومنهم اساتذة الزنزانة رقم 9 ثم هناك الاساتذة العرضيين وأساتذة محاربة الامية بالوسط القروي وأخيرا اساتذة سد الخصاص ومنشطي التربية غير النظامية في التعليم العمومي. وهذه الاخيرة هي موضوع نقاشنا نظرا لمعاناتها وضخامة ملفها وللإشارة فأساتذة سد الخصاص و منشطي التربية غير النظامية باشرت عملها قبل تكوين الحكومة الجديدة الحالية سنة 2012 والتي تحاول اقصائهم من مهامهم التربوية بدل ادماجهم في الوظيفة العمومية ودون أخذا بالاعتبار للدور البطولي الذي يقوم به هؤلاء الاساتذة في سبيل نشر التعليم اثر نقص كبير للأطر التربوية بالمناطق القروية حسب ما قال الاستاذ “مراد” واكذه كذلك مجموعة من الاساتذة الذين زرناهم في مقر تدريسهم. ويضيف اغلب الاساتذة ان المدارس او الفرعيات التي التحقوا بها لا تتوفر على ابسط الشروط التعليمية والمعترف بها دوليا وهي الماء و الكهرباء.فجل المدارس تقريبا ينعدم فيها الكهرباء والماء بل وحتى المراحيض كما اوضح ذلك ألاستاذ مراد” :ان الفرعية التي يتواجد بها وهي فرعية تنمرت التابعة لمجموعة مدارس محمد اكنسوس لاتتوفر على ماء ولا مراحيض شانها شان مدارس اخرى اذ قال متبسما ان التلاميذ او الاستاذ اذا اراد قضاء حاجته يظطر للذهاب بعيدا حتى لا تراه اعين المارة وكذلك للاختباء من البرد القارس الذي تعرفه المناطق الجبلية واضاف ان البحث عن مكان مناسب ليلا هو الاخطر نظرا لبعض الحيوانات المتوحشة { كالخنزير البري } الذي يتجول ليلا وبعض الزواحف ويقول ضاحكا انه اذا خرج الاستاذ ليلا ولم يعد فاسالوا المعنيين بالأمر او مختفون. ويضيف بعض اساتذة هذه الفئة الذين استقينا ارائهم مثل ” الحسين “و” مصطفى “و” جميعة ” انهم يقدمون كل ما في استطاعتهم بل يقومون بجهد كبير يفوق عمل الاساتذة الرسميين في سبيل تعليم ممتاز لتلاميذ وتمليذات القرى المعروف عليهم ضعف نطقهم للغة العربية نظرا للمحيط الامازيغي الذي تربوا فيه. كما ان هؤلاء الاساتذة يعملون بأجور هزيلة لاتصل حتى للحد الادنى للأجور المنصوص عليها ,اذ يبلغ راتب كل واحد منهم {2000 درهم} والذي لم يتلقوه الى حد الان مند بداية مزاولتهم لهذه المهنة الراقية والصعبة في الان معا حسب الاستاذة “جميعة” و” مليكة” و اللواتي اكذن بأن جل اساتذة سد الخصاص يعيشون على الاقتراض، ومع ذلك فهم متخلقين بالصبر و متفائلين، لان هذه المهنة ليس كل من هب و دب يزاولها، لذلك فهم متشبتين بحقهم المشروع وهو تسوية وضعيتهم القانونية بإدماجهم الفوري في سلك الوظيفة العمومية بناء على لسان التنسيقية الوطنية لأساتذة سد الخصاص ومنشطي التربية غير النظامية التي بدأت تخوض نضالاتها ووقفاتها السلمية امام مقر البرلمان ووزارة التربية الوطنية ومديرية الموارد البشرية التابعة لهذه الاخيرة, كما نضموا وقفات محلية و جهوية متكررة امام النيابات و الاكاديميات الوطنية وهو ماعيناه امام نيابة تارودانت واكاديمية جهة سوس ماسة درعة باكادير خلال شهر فبراير ومارس وابريل من اجل تسوية وضعيتهم الادارية والقانونية والمالية { الادماج + صرف المستحقات المتأخرة …} وجدير بالذكر ان نشير هنا الى وفاة احد اساتذة سد الخصاص بإقليم تارودانت داخل مقر سكناه بالمدرسة التي يزاول بها مهامه دون ان تتلقى عائلته اي تعويض حسب ما اكده المنسقين المحليين بتارودانت, وان النيابة تنكرت لهذا الاستاذ باعتباره ليس استاذا رسميا فما كان من عائلته إلا التزام الصمت بعد ماسمعت مثل هذه الاقوال وأوضح الاساتذة ان كل هذا يحذث بعد خروج الدستور الجديد الى حيز التنفيذ. اما بالنسبة للنضالات والوقفات والاضرابات التي بدأها اساتذة سد الخصاص ومنشطي التربية غير النظامية فقد بدات مند شهر يناير من السنة الجارية. واكد حميد العثماني المنسق الوطني للتنسيقية الوطنية لاساتذة سد الخصاص ومنشطي التربية غير النظامية ان التنسيقية ستواصل خوض الاضرابات والاعتصامات امام الوزارة الوصية والوزارات المعنية بعدما نهجت سياسة صم الاذان اتجاه الملف المطلبي. فقد سبق للتنسيقية الوطنية ان وجهت مجموعة من المراسلات لكل من رئاسة الحكومة ووزارات التربية الوطنية والمالية والداخلية والأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية والمجلس الوطني لحقوق الانسان لكن دون ان يتلقوا أي رد من طرف هذه الوزارات، كما أكذ العثماني ان الوعد الذي قطعه وزير التربية الوطنية لم يتم تنفيذه الى اليوم وذلك بإدماج هؤلاء الاساتذة في مراكز للتكوين ويضيف المنسق الوطني ان مناضلي ومناضلات التنسيقية الوطنية عازمون على مواصلة النضال والاعتصامات امام الوزارات المعنية حتى يتم تحقيق المطلب المنشود الا وهو الادماج الفوري دون قيد او شرط، مؤكدا ان هؤلاء الاساتذة التحقوا بالعمل قبل تكوين الحكومة الجديدة ,وانه قد سبق للوزارة ان ادمجت السنة الفارطة اكثر من 1000 من اساتذة سد الخصاص ومنشطي التربية غير النظامية اما الان فهي تمارس سياسة المماطلة وصم الاذان اتجاه تسوية وضعية التنسيقية الحالية والتي يصل عدد اعضائها 600 عضو تقريبا . كما استعرض المتحدث ذاته الاستفزازات التي يتعرض لها مناضلو التنسيقية من طرف نواب وزارة التربية الوطنية في النيابات الاقليمية والتي تصل في بعض الاحيان الى التهديد بالطرد كما وقع مع بعض من المحسوبين على التنسيقية الوطنية, او استفزازات من جانب قوات الامن اثناء المسيرات والوقفات السلمية. وللاشارة فبعض الاساتذة متزوجون ولديهم ابناء فما سيكون مصيرهم اذا لم يتم ادماجهم؟ يذكر ان التنسيقية الوطنية ستخوض اشكالا تصعيدية ابتداء من 21 ماي الجاري وذلك استمرارا لنضالاتها التي قد بدأت بها منذ تأسيسها شهر يناير من السنة الجارية الى حين تسوية وضعيتها القانونية والادارية والمالية وتحقيق مطلبها الشرعي المتمثل في الادماج الفوري في سلك الوظيفة العمومية حسب ما اوضح ذلك المنسق الوطني.