، تسمو على منطق كراهية الشامتين شخصنة القضايا ، قتلها. ملاحظة مهمة قبل البدء: لن أتورط في جر النقاش الى المباني ، بل ساذهب عميقا للمعاني، لن أركب لغة التعيين بل سأنحو نهج الاشارة في العبارة، لن أذكر الاشخاص والاسماء-مهما عرفوا- لانني أراهن على تغيير مواقع حتى الخصم من الموقع والخط والرؤية والمكبدأ، سنظل أوفياء للقضية مهما حيينا. مع التأكيد على أن حجم الجرم الصهيوني ، وطهر الدم الرقراق الزكي النازف، وارتقاء الشداء ودرس الصمود والشهادة في شهر الغفران، وبسالة المقاومة وجسارة أساليبها المبهرة في الصد والمبادئة والاقتحام وارعاب العدو، كل ذلك يجعلني أرتقي على كثير من الصغائر وأسجل للتاريخ قولا وموقفا هي اشارات والماحات للعبرة والذكرى. متن القول وبسط الموقف: لم اشعر بالصدمة من مواقف البعض الذين ابتلعوا ألسنتهم و التزموا الصمت تجاه العدوان على غزة، ولكنني صدمت فعلا من مواقف الآخرين الذين شمتوا بما حدث، وعبروا عن اسوأ مالديهم من مواقف مخجلة، انحازت للقائل، وحملت الضحايا مسؤولية الجريمة واثم الشهداء الذين سقطوا وارتقوا دفاعا عن كرامة فلسطين و نخوة الأمة ايضا. اولئك الذين انحازوا للصمت أو أدانوا على استحياء ما فعله المحتل يمكن فهم مواقفهم في اطار من العجز المستطير الذي أصاب نخب وقادة اقطارنا العربية، أو الصراعات التي اشغلتها بقضاياها الداخلية على حساب قضية فلسطين، أو في اطار التواطئ مع المحتل ضد أية بارقة تحرر أو بصيص انتصار، أما الذين حرضوا و عبروا عن شماتتهم وانحيازهم السافر مع العدوان فهؤلاء لايمكن فهم مواقفهم الا في اطار خطاب ومنطق الكراهية التي أصبحت هي العنوان الذي يتحركون فيه، لا ضد فلسطين و الاهل الصابرين هنالك في غزة، وانما ضد شعوبهم ومجتمعاتهم، وضد القيم الانسانية التي اوهمونا في مرحلة ما بأنهم احرص الناس عليها. ومثلما كان الكيان المحتل بحاجة الى اشهار الحرب على غزة، في مثل هذا التوقيت لاختيار العرب بعد الانتكاسة الظاهرة لثورات والنكوص المعاين لربيعهم، وفحص الموقف المصري تحديدا باعتياره الاقرب الى غزة ، وتأديب الفلسطينيين الذين ثأروا لكرامتهم الوطنية، كنا نحن – ايضا- كعرب بحاجة الى هذه اللحظة لنكتشف ما فعلناه بأنفسنا، وما أهدرنا في صراعاتنا وحروبنا ضد بعضنا البعض، و الأهم هو ان نكتشف بأن العدو الذي تصورنا بأن الطريق الى ( السلام) معه أصبح ممهدا وبأن البحث عن بديل له أصبح واردا قد كشر لنا انيابه مرة أخرى، وهو درس يفنرض ان نتعلمه، لا من أجل نعي التسويات وبث خطاب جنائزي مكرور حولها و استنهاض الذات الجريحة والمنتهكة الكرامة، وانما ايضا من اجل وقف مسلسلات صراعاتنا المقيتة وحروبنا الحقيرة والصغيرة التي بات واضحا انها لا تصب الا في مصلحة عدونا المشترك. المقصود من العدوان على غزة في المرحلة بالذات ليس اجهاض حلم الفلسطينيين بالمصالحة و التحرر وحق المقاومة و الدفاع عن الكرامة فقط، وانما ايضا اثبات عجز الأمة بكليتها عن الرد، و اعلان وفاة ضميرها العام واختبار مخزونها الثوري الموحد والموحد، واقناع العالم بأن يد المحتل ماتزال هي الاقوى والعليا و الاقدر على ضرب كل من يتطاول عليها أو عليهم، لكن أمام هذه الرسائل المغشوشة تقف ارادة المقاومين الفلسطينيين الاحرار في غزة التي تقاوم وحدها في عراء الا من الدعم الشعبي والسند الالاهي، وتقف همجية المحتل التي ايقظت في داخل كل عربي مسلم وانسان مزيدا من الكراهية له ولطبيعته العدوانية. يدرك المجرم نتنياهو – بالطبع- ان الحرب على غزة هي حصتها المقدرة في محفل الاجهاز على الربيع الديمقراطي الذي أنجب انقلابات ونخبا للكراهية والخيانة، وهو مطمئن تماما بأن احدا لن يتحرك في العالم العربي و الاسلامي بل والعالم أجمع لتقديم أية مساعدة للفلسطينيين، فقد انهارت تماما جبهة الممانعة وتحولت الى رصيد استراتيجي للكيان الصهيوني، كما ان العالم المشغول بالحرب على ما يدعونه بالارهاب الاسلامي لن يلتفت الى هذا الارهاب الصهيوني، باعتباره دفاعا مشروعا عن النفس. صحيح ان موازين القوى تبدو مختلة تماما بين المقاومة و الاحتلال، كما أن الضوء الاخضر الذي حصل عليه المجرم نتياهو (لتأديب )غزة ومعها الضفة الغربية سيمكنه من الاستمرار في العدوان، واسقاط المزيد من الضحايا والشهداء، ودك بيوت الآمنين، تماما كما فعل في حربه قبل سنوات، لكن الصحيح ايضا ان هذه الحرب لن تفضي الى اهداف سياسية، ولن تدفع الفلسطينيين الى الاستسلام، على العكس تماما، فاسرائيل ستكون الخاسر الأكبر، لأنها أذكت شعلة المقاومة من جديد واعادت الشعب الفلسطيني الذي اعتقدت انه نام على اوهام التسويات الى دائرة المقاومة و النيل نيلا من المحتل ، والاصرار على الوحدة و الاعتماد على الذات لابداع ما يمكن من وسائل لحماية نفسه وردّ العدوان عنه. يبقى أننا لم نتفاجأ مما يفعله الاحتلال من ارهاب ووحشية، ولا بمواقف العالم المنحاز له، ولا ببعض الذين وعدونا بنجاعة نهج الهدنة والتسوية و لا بغيرهم من الذين اشهروا الحرب على الارهاب باستثناء هذا الذي يمارسه الكيان المغتصب، لكن ما فاجأنا هو امران : احدهما هذا التحريض والشماتة التي سمعناها تتردد على السنة بعض الذين جرفتهم رياح الكراهية فماتت ضمائرهم وتصحرت عواطفهم ، وهؤلاء يستحقون الشفقة حقا ، اما الامر الاخر الذي فاجأنا فهو هذا الصمود الاسطوري لأهل غزة، وهذه المقاومة التي ماتزال حيّة رغم ما فرض عليها من حصار، حيث نجحت في زعزعة ثقة الاحتلال بنفسة وزلزلت الارض من تحت اقدامه ، وبالتالي فإننا نراهن على روح المقاومة في فلسطين بسند كبير من الامة واحرار العالم، المقاومة التي تحرر الشعوب من ظلم المحتل و المستبد…. وتعيد الحقوق لأصحابها، وتخرج شعوبنا من وهدة الغبن و الاحباط الى آفاق الكرامة و الحرية و التحرر