ما زالت حركة التوحيد والإصلاح في غيرما مناسبة تؤكد للخاص والعام أنها حركة مغربية خالصة وأنها تجربة مغربية خالصة .. يجمعها مع الإخوان المسلمين ما يجمع الإخوان المسلمين مع باقي الحركات الإسلامية التي تمتح من بعض الأدبيات المتشابهة، وتستلهم بعض عناصر النموذج العام الذي كان الإخوان المسلمون رواده تاريخيا. وما زالت حركة التوحيد والإصلاح تجتهد وتتواصل مع محيطها في ما يتعلق بعلاقتها بالمجال السياسي بمعناه الحزبي والانتخابي .. مطورة لنموذجها في التمايز بين مجال اشتغالها والمجال السياسي الذي تطرقه الأحزاب السياسية. وما زالت حركة التوحيد والإصلاح تؤكد أن حزب العدالة والتنمية حليفها الاستراتيجي الذي ساهمت فيه يوما بخيرة قادتها وأبنائها .. ولو جاز أن تسعى إلى السلطة وإلى مراكز القرار (وهو ما لا تفتأ تنفيه وتتخذ الاجراءات التنظيمية داخليا ضده) لكان سعيها مع العدالة والتنمية أو -كما يحلو للبعض- "من خلال" العدالة والتنمية وما زالت حركة التوحيد والإصلاح توكد في ادبياتها التي لا تفتأ تطورها وتراجعها بأن رؤيتها للشأن السياسي ولبنية الدولة والمجتمع ولتطويرهما مدخلها الأساس التوافق والتعاون على الخير والتدافع الشرعي المتدرج مدنيا وسياسيا، وكانت صاحبة أطروحة "الإصلاح في ظل الاستقرار" في عز الربيع العربي . اليوم لدى البعض رأي آخر .. ومنزع آخر .. وأكيد هدف آخر .. إنه نوع من العداء والكراهية التي تؤسسها عقليات استئصالية سبق ان عرفناها وذقنا سمومها .. إنها "الميزو-إسلامية" يواجه العقلاء في الغرب ما يسمى بالإسلاموفوبيا، لأنهم يفهمون من جهة انه اختلال منهجي لا يقبله النزهاء، وانحراف سلوكي لا يستسيغه الفضلاء .. أما نحن فعندنا ما يمكن أن نطلق عليه ب"الميزو-إسلامية" (Miso-Islamisme) المتقاطعة مع "الميزو-مساواة"، و"الميزو-ديموقراطية"، و"الميزو-كرامة"، و"الميزو-عدالة اجتماعية" .. مصطلح غير مشتهر يحيل على الكراهية المَرَضية أو الحقد المَرَضي على كل ما له علاقة بما يسمى الإسلام السياسي أو الحركي أو مشاريع التغيير الاجتماعي المعتبرة للمرجعية الإسلامية في نشاطها العام بما فيه المجال السياسي.. تتميز الميزو-إسلامية (خصوصا في سياق تقاطعها مع الميزوهات الاخرى) بأنها لا تتغلغل إلا في البيئات الشحيحة ديموقراطيا والمتضخمة يمينيا وشوفينيا .. كما أنها لا تناسب إلا العقول الضعيفة والنفوس المريضة .. لأن "الميزو-[…]" يعني نوعا من الحساسية المرضية تجاه ما لا معنى للتحسس إزاءه .. كالميزوفونيزم وهو الكراهة المرضية للصوت .. أو الميزوجيني وهي الكراهة المرضية للجنس اللطيف .. أو الميزوغامي وهي الكراهة المرضية للزواج .. وقد تتكئ هذه الحساسية على مختلف المبررات، من المبرر الإيديولوجي والثقافي إلى الشخصي والنفساني مرورا بالمصلحي النفعي .. اليوم لا أجد إلا هذا النحت الثقيل والرطن للتعبير عن هذا السعار الذي يتنفس إيديولوجيا وصحافة تخبط على غير هدى، وتحاول أن تضرب تحت الحزام في نذالة وصفاقة .. وتدوينات بعض المحسوبين على "النخبة" الذين يذكروننا بالنخب المتساقطة في مصر منذ ثلاث سنوات .. سعار منشؤه الأساس ما أطلقنا عليه وصف "الميزو-إسلامية" ولكنه يتبرج ويتفحش بالتنافس الانتخابي المحسوم شعبيا وديموقراطيا لصالح العدالة والتنمية. وعلى الرغم من أن فوز العدالة والتنمية يبقى عموما محدود الأثر فيما يتعلق ببنية الدولة، تتململ بعض مناطق الظل فيها اليوم وتغض الطرف عن خروقات المحسوبين عليها .. وعلى الرغم من أن فوز العدالة والتنمية يبقى محايد الأثر فيما يتعلق بالحساسيات الثقافية التي قد نعتبرها من عقابيل الاستعمار الفكري والثقافي ولكننا نومن بالحرية والاختيار ولا نصادر حقها في الوجود في إطار قانون البلد .. فإن فريقا من حملة شعارات الحداثة اليوم يمارسون العنف بل القتل الرمزي لكل ما له علاقة بهذا المشروع الوطني الديموقراطي الشعبي المسالم والمعتدل .. ويصمون آذانهم عن كل قول رافع للبس ويغضون أبصارهم عن كل دليل يناقض قناعاتهم اليابسة المتقادمة الفاقدة للصحة والوجاهة وفي المقابل، فعلى الرغم من أن فوز العدالة والتنمية يبقى محمود الأثر في التمكين للديموقراطية ويؤسس للتداول النزيه على الحكومة (التي تبقى هي الأخرى بالضرورة ائتلافية وتحمل معها إكراهاتها المعروفة) ويرسخ المكتسبات النضالية صغرت أو كبرت، ويخرج الانتقال الديموقراطي من ثلاجتي التعنت السلطوي والتعنت الجذري .. على الرغم من ذلك فإن فريقا من المشككين في العملية برمتها لا هم خرجوا علينا بمشروع قوي فعال قابل للتنزيل ولا هم ساندونا في مراكماتنا التي تبدو لهم "حقيرة" و"صغيرة"K الرجوع لله يا عباد الله .. خالفونا ولكن أنصفونا .. ناقشوا أفكارنا ولكن لا تطلبوا أعمارنا .. أعملوا سهام النقد فينا ولكن لا تشيطنونا .. أما أنا فلكل مغرض أقول: حسبنا الله ونعم الوكيل .. حسبنا الله ونعم الوكيل .. حسبنا الله ونعم الوكيل .