قدم وزير العدل والحريات أول أمس مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية أمام لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب،والذي تضمن 113 مادة، أناط المشرع من خلالها اختصاصات يسهر بمقتضاها على ضمان احترام الأخلاقيات القضائية والتشبث بها، وإشاعة ثقافة النزاهة والتخليق بما يعزز الثقة في القضاء. و ورد في حيثيات بنوده أن تأديب القضاة لا يتم إلا بعدد من الضمانات، أبرزها عدم تحريك المتابعة التأديبية إلا بعد إجراء الأبحاث والتحريات الضرورية، كما يعطي النص الحق للقاضي المتابع في الاطلاع على كل الوثائق المتعلقة بملفه التأديبي وأخذ نسخ منها، وإمكانية مؤازرته بأحد زملائه القضاة أو بمحام، وتعرض نتائج الأبحاث والتحريات على أنظار لجنة خاصة تتألف، بالإضافة إلى الرئيس المنتدب للمجلس والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، من أربعة أعضاء على الأقل يعينهم المجلس؛ وترفع اللجنة المذكورة إلى نظر المجلس مقترحاتها على ضوء نتائج الأبحاث والتحريات المنجزة، ليقرر المجلس على إثر ذلك إما الحفظ أو تعيين قاض مقرر. ويأتي إحالة هذا المشروع في إطار تنزيل مضامين الدستور خاصة الفقرة الرابعة من الفصل 116 الذي ينص على " يحدد بقانون تنظيمي انتخاب وتنظيم وسير المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمعايير المتعلقة بتدبير الوضعية المهنية للقضاة، ومسطرة التأديب"، وفي إطار توازن السلط وتعاونها، تتويجا لمسار إصلاحي حظي بالرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وذلك في إطار الأوراش الإصلاحية التي يقودها جلالته. وحدد المشروع "توطيد استقلال السلطة القضائية" كهدف رئيسي ضمن الأهداف الاستراتيجية الكبرى الستة لإصلاح منظومة العدالة،ويرمي هذا الهدف إلى ضمان مقومات استقلال القضاء، كفالة لحسن سير العدالة، وتكريسا لحق الأشخاص في الاحتماء بالقضاء المستقل المنصف الفعال. ويلاحظ أن مشروع القانون التنظيمي للمجلس الاعلى للسلطة القضائية استند في صياغته على مصدر من المصادر دستور المملكة الصادر في سنة 2011 والذي صوت عليه الشعب المغربي بالإضافة إلى التوجيهات الملكية ذات الصلة،الواردة في الخطب والرسائل الملكية السامية؛ومضامين ميثاق إصلاح منظومة العدالة؛والمبادئ والمعايير الدولية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية بما يوافق روح دستور المملكة. وعلاقة بذلك تم الاستئناس بمجموعة من القوانين والدراسات والتقارير سواء منها الوطنية (تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة) أو الدولية. وأفادت مصادرنا أن هذا المشروع تم إعداده في إطار منهجية تشاركية واسعة، تقوم على إشراك الجهات المعنية وفتح باب التشاور معها، بدأت بعرض المسودات الأولية للمشروع على أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، وبعد التوصل إلى صيغة متقدمة تم توجيه مسودة المشروع إلى مختلف الجمعيات المهنية للقضاة التي تقدمت باقتراحاتها التعديلية، كما تم نشر المسودة بصفحة منتدى التشريع بالموقع الالكتروني لوزارة العدل والحريات؛ وموازاة مع ذلك عقدت سبعة لقاءات تواصلية جهوية لتدارس مضامين المسودة مع القضاة ونقباء هيئات المحامين ورؤساء مصالح كتابة الضبط على صعيد مختلف الدوائر القضائية للمملكة، كما تم تنظيم يوم دراسي حول الإدارة القضائية؛ وخلال كل هذه المحطات قدمت عدة ملاحظات واقتراحات ضمن بعضها في الصيغة الحالية للمشروع.