في الوقت الذي تصر الجزائر على عدم التزامها بالتعاون الإقليمي والدولي بهدف استتباب الأمن والاستقرار في منطقة شمال إفريقيا ودول الساحل جنوب الصحراء عن طريق مكافحة الإرهاب، وفي الوقت الذي تلح على استمرارها في دعم هذا الإرهاب واحتضانه وتصديره إلى دول الجوار والإقليم والعالم ودعم الكيان المزعوم من الانفصاليين لجبهة البوليساريو في مخيمات تندوف، وجه خبراء أفارقة تحذيرا صارما إلى الجزائر ومن يحاكيها في سياساتها وبرامجها إلى دعم الإرهاب وبالخصوص دعم تكوين دويلة في المنطقة لأهداف لا تخدم إلا مصالح الجزائر وكل من يدور في فلكها أكثر من خدمة مصالح دول المنطقة. وحذر الخبراء الأفارقة من التداعيات الأمنية لخلق دويلة في منطقة الساحل، مشددين على أن هذه الدويلة ستشكل خطرا حقيقيا متنوعا يتعدى التأثير المباشر على الاستقرار السياسي في المنطقة إلى أمن البلدان الإفريقية برمتها. وجاءت مداخلات الخبراء الأفارقة بمثابة إجماع يندد بشكل أو بآخر بدعم الجزائر للبوليساريو في تندوف، مشددين على أن الجزائر تساهم في عدم استقرار المنطقة وانفلات أمنها بهذا الدعم. وأبدى الخبراء أنفسهم في دورة جديدة للقاءات الدبلوماسية بالرباط تخوفهم الكبير من الخطر الكبير الذي يمكن أن يخلقه تكوين دويلة في المنطقة، مشددين على أن مجرد التفكير في تأسيس دولة جديدة تنمو وتتطور في سياق يتسم بالاضطراب وانتشار المجموعات المتطرفة يمثل خطرا حقيقيا على الاستقرار السياسي لمنطقة الساحل والصحراء، فبالأحرى أن يتم خلق هذه الدويلة الذي سيكون سببا مباشرا في اختلال الأمن بالقارة السمراء قاطبة في إشارة إلى النوايا التي تركب عليها الجزائر في علاقتها مع البوليساريو التي ظلت تدعمها. وأشار البنيني أندري كورنيل زانو الذي يشغل مهمة المدير المساعد لمعهد البحث من أجل السلام والأمن الدوليين، خلال هذا اللقاء الذي نظم حول "الاتحاد الإفريقي-المغرب: بين التباين والشرخ"، إلى أن "مثل هذه الدولة ستشكل حصنا جديدا للمجموعات الإرهابية من قبيل القاعدة في المغرب الإسلامي، كما أنها ستصبح ملتقى للتهريب بجميع أنواعه". أما محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، فقد شدد في معرض مداخلته بالمناسبة على أنه لا مكان للدويلات المصطنعة. وعدد الخبير، أمام نخبة من الصحافيين والدبلوماسيين، المخاطر في منطقة الساحل، مشيرا إلى أن الهشاشة الدائمة لدول الجوار في الساحل الصحراوي، وشساعة الحدود، واستغلال يأس شباب مخيمات تندوف، كلها عوامل مغذية للإرهاب في المنطقة. وأكد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية أن البلدان المغاربية لم يعد بإمكانها العيش في منطقة مظلمة ومتوترة، لأن الجهاديين من جميع الأنحاء سيسعون إلى الاستفادة من هذه المنطقة إذا استمر النزاع. ورأى المتدخلون، وهم خبراء من التشاد والسينغال والكامرون وبنين، أن "الاستقلال كما تتصوره جبهة البوليساريو وحلفاؤها لا يمكن أن يكون حلا لهذا النزاع الترابي الذي يجهض جهود الاندماج الإفريقي"، مؤكدين أن "منح الاستقلال في سياق عالمي يتسم بالتكتل في إطار مجموعات سياسية واقتصادية كبرى لا يمكن أن يكون علاجا ناجعا للنزاعات الترابية بإفريقيا التي تهدد القارة بالبلقنة".