قال فرنسوا هولاند، رئيس الجمهورية الفرنسية، أول أمس الثلاثاء بباريس، إن جلالة المغفور له محمد الخامس يعد أحد أبرز الشخصيات الذي حظي بلقب رفيق التحرير من قبل الجنرال دوغول . وأشاد رئيس جمهورية فرنسا ، في خطاب ألقاه بالمسجد الكبير بباريس بمناسبة تدشين النصب التذكاري للجندي المسلم، بالجنود المغاربة الذين شاركوا في معارك تحرير فرنسا من نير النازية والفاشية . واسترسل قائلا "اغتنم هذه المناسبة للإشادة بالجنود المغاربة الذي اضطلعوا بدور هام في تحرير كورسيكا في سنة 1943 "، وأضاف أن هذا الحفل هو تكريم للجنود المسلمين الذين لقوا حتفهم من أجل فرنسا ، ومن بينهم مغاربة. وأوضح أن "الجنود الذين تم تكريمهم اليوم، كانوا محاربين، بواسل وأبطال، وأن هؤلاء الرجال الذين تحلوا بالشجاعة انتزعوا تقدير رؤسائهم" . وفي نظر هولاند فإن هذا التكريم "هو لحظة مؤثرة لإحياء ذكرى مسلمين جاوؤا للكفاح خلال الحرب العالمية الأولى تلتها الحرب العالمية الثانية لتحرير بلدنا". وأفاد هولاند أن "هذه السنة ستحتفل فرنسا بحدثين هامين هما بداية الحرب الكبرى وبدء تحرير بلدنا مع الذكرى ال70 للإنزال مسجلا أنه "طيلة هاتين اللحظتين الجوهريتين والتاريخيتين قدم رجال من مختلف بقاع العالم من أجل إنقاذنا، ومعظم الذين قدموا من إفريقيا كانوا مسلمين". واعتبر فرنسوا هولاند أن الأمر يتعلق بتكريم في مكان حافل بالرموز والدلالات، وهو المسجد الكبير بباريس الذي تم تشييده غداة الحرب العالمية الأولى، مع إيلاء اهتمام خاص لامتنان وعرفان الدولة الفرنسية للجنود المسلمين. ولاحظ أن هذا المسجد "يندرج ضمن المشهد الباريسي، هو مكان للتعبد والثقافة والتبادل، حيث تلتقي جميع الأديان ". وذكر بأن أزيد من 70 ألف جندي مسلم شاركوا في معركة تحرير فرنسا، مشيرا إلى أنه في نهاية الحرب الكبرى، كانت الوحدات العسكرية المغاربية من ضمن الفرق التي حظيت بأكبر عدد من التوشيحات من قبل الجيش الفرنسي. وقال هولاند إنه مع افتتاح هذا النصب التذكاري ، "سيعرف الجميع الجنود المسلمين الذين ضحوا بأرواحهم من أجل بلدنا، لاسيما أطفالهم وأحفادهم الذين سيتعرفون على مسارهم النضالي والمعارك التي خاضوها والانتصارات التي حققوها". وأشار هولاند إلى "أن الإسلام في فرنسا يحمل رسالة الانفتاح وهي متوافقة مع قيم الجمهورية الفرنسية ،ودعا الرئيس الفرنسي إلى احترام الآخر وخاصة المسلمين ونبذ جميع مناحي العنصرية وكل ما من شأنه التأثير على الاندماج المجتمعي في فرنسا. " وفي هذا الصدد نستحضر كلمة جلالة الملك محمد السادس الموجهة للمشاركين في يوم دراسي حول محمد الخامس ودوغول "ما إن لاحت أمام المغرب معالم طريق الكفاح من أجل الحرية والانعتاق، حتى انخرط في نضال تحرري آخر، ألا وهو النضال ضد الهمجية النازية، والهيمنة والتسلطية. وبصرف النظر عما كان يساور السلطات الفرنسية يومئذ، من توجسات وتخوفات، أقدم جلالة السلطان محمد بن يوسف، والشعب المغربي قاطبة، وبدون أي مواربة، على مساندة الحلفاء. ومن ثم جاء نداء الوفاء والصدق، الذي أعلن فيه، أكرم الله مثواه، في الثالث من شتنبر 1939، أنه "من هذا اليوم الذي اتقدت فيه نيران الحرب والعدوان، إلى اليوم الذي يرجع فيه أعداؤنا بالذل والخسران، يتعين علينا أن نبذل لها الإعانة الكاملة، ونعضدها بكل ما لدينا من وسائل، غير محاسبين ولا باخلين، فقد كنا معاهدين لفرنسا ومشاركيها في ساعة الرخاء، ومن الإنصاف أن نشاركها اليوم في ساعة الشدة والبأساء، حتى يكلل النصر أعمالها ويزهو سرور النجاح أيامها...". إن الأمر لم يكن يتعلق بتصرف ظرفي عابر؛ بل كان تجسيدا لموقف مبدئي، وإرادة متجذرة في تاريخ المملكة، مستمدة من قيم خالدة لا يبلوها الزمان، والتي نتقاسمها على الدوام مع العالم الحر. إنها قيم الوفاء للصداقة، والالتزام بالعهد، ونصرة الحرية وحقوق الإنسان، والتحلي بالشهامة والتضحية، والتفاني في الدفاع عنها".