ماذا تريد "بلا هوادة"؟ وإلى ماذا ترمي؟ سؤال يطرحه جميع الاستقلاليين في هذه المرحلة التي يخوض فيها حزبهم ما يمكن تسميته بسباق مع الزمن لترميم صفوفه التي تأثرت بتحركات تيار "بلا هوادة"، رغم أن الحروق لم تصل بعد إلى الدرجة الثالثة، لكن هناك مع ذلك بعض الخدوش التي قد يكون لها مفعولها مع توالي الأيام في حالة استمرار "بلا هوادة" على إصرارها لقلب الطاولة على القيادة الجديدة. تحركات التيار المذكور مازالت حبيسة ردهات المحاكم، حيث يتطلع إلى القضاء من أجل إلغاء انتخاب حميد شباط أمينا عاما لحزب الاستقلال ومعه كامل أعضاء اللجنة التنفيذية، خلال المؤتمر السادس عشر للحزب، بعد الطعن في مشروعيتهم. التيار يعتبر أن شباط "سرق" القيادة وقام بتحريف الحزب العتيد عن المسار والتراث الفكري والسياسي والمذهبي الذي رسمه وتركه الزعيم الرئيس المؤسس علال الفاسي، بينما يرى شباط ومن معه أن القيادة آلت إليهم بواسطة انتخابات "شفافة، حرة، نزيهة.." أمام أعين المؤتمرين ورجال الإعلام والمراقبين، و"القضاء بيننا وبينكم". إزاء هذا الوضع الذي أصبح ظاهرة الأحزاب المغربية يصعب جدا توقع أي طارئ جديد يحدث على هذا المستوى. فحزب الاستقلال "الجديد" ماض في تنفيذ سياسته التي تبناها ويعض عليها بالنواجذ من خلال دفاعه المستميت عن برنامجه الذي بسبب عدم أخذه بعين الاعتبار من طرف رئيس الوزراء عبد الإله بنكيران حين كان حزب الاستقلال شريكا في الحكومة أعلن انسحابه منها وأمر وزراءه بتقديم استقالتهم منها باستثناء الوزير محمد الوفا، المحسوب على تيار "بلا هوادة"، الذي لم يتخل عنه بنكيران في النسخة الثانية من حكومته في الوقت الذي كان يصعب تصور بقائه فيها. في هذا الوقت الذي اختار فيه حزب الاستقلال، بقيادته الجديدة، طريقه، فإن تيار "بلا هوادة" يوجد أمام مفترق طرق لا يعرف أيا منها ستؤدي إلى الوجهة المنشودة. وفي حالة الاهتداء إلى هذه الطريق، فليس من الضروري أن تكون سالكة ومعبدة. وحتى على افتراض أن القضاء طعن في شرعية شباط ومن معه، فكيف سيكون التنفيذ؟ هل بعقد مؤتمر استثنائي؟ وهل الوقت مناسب لذلك؟ بل هل ستقبل قيادة حزب الاستقلال ذلك ومن ورائها المناضلون الذين أعطوا أصواتهم لها؟ الأكيد أن الجدل سيستمر إلى ما شاء الله، وأكثر منه سيبقى "التجرجير" والشد والجذب من هنا وهناك. والمؤكد أن هناك من ينتظر حدوث تصدع كبير يؤدي إلى انشقاق فعلي في صفوف حزب استطاع الحفاظ على لحمته ووحدته منذ الانشقاق التاريخي سنة 1959 الذي تزعمه ما كان يسمى "الخط التقدمي" بزعامة الراحل المهدي بن بركة. لكن السؤال مع ذلك سيبقى مطروحا: ماذا تريد "بلا هوادة" وإلى ماذا ترمي إليه؟