وعلى هذا الأساس, ندعو كافة الفاعلين المعنيين, إلى اعتماد جدولة زمنية مضبوطة, تمكنهم وسائر المواطنين, من رؤية واضحة, لإقامة المؤسسات الدستورية, في الآماد القصيرة والمتوسطة. + فعلى المدى القريب, ينبغي إعطاء الأسبقية لإقرار القوانين الجديدة, المتعلقة بالمؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية. وفي هذا الصدد, تجدر البداية بانتخاب مجلس النواب الجديد, لنتولى بناء على نتائج الاقتراع الخاص به, وطبقا لأحكام الدستور, تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي سيتصدر نتائج انتخاباته, وليتأتى, بإذن الله, تشكيل حكومة جديدة, منبثقة من أغلبية برلمانية, متضامنة ومنسجمة. أما بالنسبة لمجلس المستشارين, فإن إقامته رهينة بالمصادقة على القوانين التنظيمية والتشريعية, المتعلقة بالجهوية المتقدمة وبالجماعات الترابية الأخرى وبالغرفة الثانية ; وكذا بإجراء الاستحقاقات الانتخابية الخاصة بها ; وفق جدولة زمنية محددة, يتم إكمالها بتنصيب مجلس المستشارين, بتركيبته الجديدة, قبل متم سنة 2012 . وفي هذا الإطار, نحث جميع الفاعلين المعنيين, على العمل البناء لتوفير الظروف الملائمة, لجعل هذا المسار الانتخابي المتعدد والمتوالي يتم في التزام بقيم النزاهة والشفافية, والتحلي بالمسؤولية العالية, وجعل المصالح العليا للوطن والمواطنين فوق كل اعتبار. وانطلاقا مما رسخه الدستور, من إقامة سلطة قضائية مستقلة, فإنه يتعين العمل, في الأمد المنظور, على إقرار التشريعات المتعلقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية, وبالمحكمة الدستورية. + أما على المدى المتوسط , فيظل التأهيل التشريعي العام, من أهم الأوراش التي على الحكومة والبرلمان النهوض بها, قبل نهاية الولاية التشريعية المقبلة. وهو ما يقتضي بلورة خارطة طريق مضبوطة, لإعداد واعتماد مختلف القوانين التنظيمية, وإقامة المؤسسات المرتبطة بها, الحقوقية منها والتنموية. وإذا كان من الطبيعي أن يعترض التطبيق السليم للدستور الجديد, كأي مسار تاريخي, بعض الصعوبات, وأن تقف أمامه بعض المعيقات ; فإن على الجميع, كل من موقعه, التعبئة الشاملة, والمشاركة المواطنة والملتزمة, في بناء هذا الصرح الدستوري المتقدم, بروح الثقة والعمل الجماعي ; بعيدا عن نزوعات التيئيس والعدمية, والممارسات التضليلية البالية. شعبي العزيز,إن استكمال بناء الصرح المؤسساتي والتنموي للدستور الجديد, يظل رهينا بالعمل الجاد, من أجل التأهيل العميق والفعلي للمشهد السياسي, واستثمار مناخ الثقة لإعادة الاعتبار للعمل السياسي النبيل في بلادنا. وفي هذا الصدد, فإن الأحزاب السياسية, التي كرس الدستور الجديد مكانتها, كفاعل محوري في العملية الديمقراطية, أغلبية ومعارضة, مدعوة لمضاعفة جهودها لتحقيق مصالحة المواطنين, وخاصة الشباب, مع العمل السياسي, بمفهومه الوطني النبيل, سواء في نطاق الأحزاب, التي أناط بها الدستور مهمة المساهمة في التعبير عن إرادة الناخبين ; أو بالانخراط في المؤسسات الحكومية, الممارسة للسلطة التنفيذية, أو في المؤسسة البرلمانية, ذات السلطات التشريعية والرقابية الواسعة, أو في هيئات وآليات الديمقراطية المحلية, أو التشاركية, أو المواطنة. وفي نفس السياق, فإن المنظومة الدستورية الجديدة, تتطلب من الفاعلين السياسيين التنافس الجاد, في بلورة مشاريع مجتمعية متميزة, وتجسيدها في برامج تنموية خلاقة وواقعية ; وكذا في اختيار النخب المؤهلة لحسن تدبير الشأن العام, وطنيا وجهويا ومحليا. بيد أن التكريس الدستوري لمبدإ ربط القرار السياسي بنتائج صناديق الاقتراع, يلقي على عاتق المواطنات والمواطنين النهوض بالأمانة الجسيمة, لحسن اختيار ممثليهم. فعلى الجميع أن يستشعروا أن الأحزاب والاختيارات التي يريدها الشعب, والمؤسسات المنبثقة عن إرادته, هي التي ستتولى الحكم نيابة عنه, وتتخذ القرارات المتعلقة بتدبير الشأن العام, طيلة مدة انتدابها, باختيار منه. كما أن على المنتخبين استحضار أن تلازم المسؤولية بالمحاسبة قد صار قاعدة لها سموها الدستوري, وجزاؤها القانوني, وضوابطها الأخلاقية الملزمة وبموازاة ذلك, يجدر تفعيل التكريس الدستوري لكل من دور المجتمع المدني, ووسائل الإعلام والاتصال, في البناء السياسي والحقوقي والتنموي ; بما يمكنهما من النهوض بمسؤوليتهما الفاعلة, كقوة اقتراحية, وكرافعة ناجعة, وشريك أساسي في توطيد هذا البناء.