عبد الله البقالي نجحت يومية »أخبار اليوم« في دفع أزمة التصعيد الخطير بين الدولة والصحافيين إلى واجهة الاهتمام من خلال الإقدام على نشر كاريكاتير مثير للدهشة والاستغراب. بداية لا يمكن أن نسلم بردة الفعل الانفعالية للأجهزة الأمنية التي داست القوانين وصاغت الزجر بالصيغة المتخلفة التي أعادت إلى الأذهان تجاوزات الماضي، ولكن أيضا لا يمكن أن نحصر النظر إلى القضية في هذه الزاوية الوحيدة، بل لابد أن نمارس نقدا ذاتيا صريحا وواضحا ونعلن عدم اتفاقنا على ما أقدمت عليه يومية »أخبار اليوم« ليس لأن عملها محظور بحكم القانون، بل لأنه يمثل تصرفا مسيئا لأحد أفراد الأسرة الملكية وللوطن برمته. ومن المؤسف أن يصل الحد بأحد المهنيين إلى المس بالعلم الوطني أحد أهم عناوين السيادة الوطنية. نحن نضع حسن النية في المقدمة، ولكن من المؤسف حقا أن يصادف ما أقدمت عليه يومية »أخبار اليوم« المبادرة المهمة التي أقدم عليها جلالة الملك من خلال التنديد بما تعرض إليه القدس الشريف. وهي مبادرة ترجمت شعور جميع المسلمين الحقيقيين في جميع أنحاء المعمور، بالنظر إلى فظاعة الاعتداءات الإسرائيلية هناك، كما أننا نصر على أن نتسلح بحسن النية في التعاطي مع موضوع في غاية التشابك يرتبط بخلافات يعرف طبيعتها وكنهها من أقدم على نشر هذا الكاريكاتير السيئ، ومن المنطقي بل من الواجب أن يحرص الصحفي المهني المستقل على أن لا يكون ولا يستخدم كذراع لطرف ضد الآخر، إن العائلة الملكية محترمة ليس بقوة الدستور بل بقوة إرادة المغاربة الذين ارتبطوا تاريخيا بالمؤسسة الملكية، وليس من حق أي (مجتهد) أن يصوغ في العلن ما يخرج عن هذا الإطار. إن ما أقدمت عليه »أخبار اليوم« يعود بنا إلى الخلف بكل تأكيد ويزيد في تكريس أجواء انعدام الثقة بين الدولة وصحافة مستقلة ليست راشدة على كل حال، ويعطي الحق والمشروعية للأطراف المحافظة داخل الدولة للمطالبة بتشديد الخناق، بيد أن الظرف يحتم استشعار أهمية المرحلة لإعادة بناء أجواء الثقة بين المعنيين لتمهيد الطريق أمام الإصلاحات الواجب الإقدام عليها في مجال الإعلام بصفة عامة. إننا لا نملك إلا أن نأسف ونرفض أن تتحول المؤسسات والثوابت إلى سلعة يراد منها الربح، ونعيب على من لا قدرة لهم على اختيار الكفاءة المهنية وتأكيدها ويعوضون ذلك بصحافة الإثارة التي تدوس كل شيء مهما كانت أهميته وقدسيته. لذلك نخلص إلى القول إن ما أقدمت عليه »أخبار اليوم« سلوك مرفوض مهنيا وأخلاقيا وسياسيا، وأن ردة الفعل الانفعالية لأجهزة الأمن كانت مسيئة لسمعة البلد ومتجاوزة للقوانين التي تفرض أن يتكلف القضاء بالنظر في هذه النازلة.