احتفت حركة التوحيد والإصلاح بتصريحات يوسف القرضاوي، رئيس الجمعية التي تسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وراشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية، كمن ينقل كلمات رموزه وزعمائه بل إن الحركة تحولت إلى نقل كل ما يصدر عن القرضاوي حتى ضراطه وربما أشياء أخرى يقوم بها وهو الذي يعيش في النعيم. لماذا احتفت الحركة بالرمزين المذكورين؟ ومن يكون الرمزان؟ ولا فرق في هذا الباب بين الرمز و"الزمر" بلغة المغاربة. فيوسف القرضاوي لم ينطق بكلمة واحدة حتى أعطيت له الأوامر من ملجئه المخملي بقطر، التي كانت أول دولة عربية تصدر موقفا مما حدث في تونس، وتحدث القرضاوي، الذي استحيت مذيعة الجزيرة من إيقافه بعد انتهاء وقت النشرة المسائية، عن تونس وهو لا يعرفها ولايعرف الوضع الانتقالي الذي تمر منه ولا يعرف أسباب ومسببات ما وقع لكنه فقط أراد أن يقول نحن هنا حيث يريد أن يبقى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي أسسه أساتذة وطلبة اجتمعوا في الأردن لمناقشة الوسطية في الإسلام، حاضرا في كل الأحداث رغم أنه لا وجود له على أرض الواقع ولا نسمع له حسيسا. لكن لماذا تسارع حركة التوحيد والإصلاح إلى نقل كلماته وحركاته الأخرى؟ لأنها اعتبرته في وقت سابق إمام الأمة وفقيه العصر بلا منازع، ورغم هذه المبايعة التي قام بها التلاميذ في مؤتمر عقد بقطر بقيادة أحمد الريسوني، اللاجئ الاقتصادي بالسعودية، فإن حركة التوحيد والإصلاح تباكت في ندوة بالجديدة وقالت إنها ستواجه التيارات الهدامة عن طريق نشر المذهب السني المالكي، فهل القرضاوي مالكي؟ لا، القرضاوي ليس سنيا ولا مالكيا إنه سلفي مقنع. أما حركة التوحيد والإصلاح رفعت كل هذه التهديدات من أجل السيطرة المطلقة على المجالس العلمية وقد استطاعت جلب عضو بالمجلس المحلي بالجديدة لحضور ندوتها. ولماذا احتفت بكلمات راشد الغنوشي رغم أنه لم يقل كلمة مفيدة في البرنامج الذي استضافه فيه غسان بنجدو على قناة الجزيرة مكتفيا بترديد كلمات من قبيل رحيل الطاغية وعلى التونسيين أن يكونوا حذرين من سرقة ثورتهم؟ لماذا هذا الاحتفاء؟ لأن راشد الغنوشي يعتبر الأب الروحي لمشاركة الإسلاميين في اللعبة السياسية وهو الذي لم يكن يؤمن بها إذ كان يسعى لإقامة الخلافة الإسلامية وكان يسمى مرشدا عاما للجماعة الإسلامية التي خرجت إلى العلن سنة 1981 تحت مسمى "حركة الاتجاه الإسلامي" وأصبحت على عهد بنعلي حركة النهضة. المشروع الديمقراطي للغنوشي ليس حقيقة لأن الرجل سلفي ومن قال عكس ذلك فليعد إلى كتاباته الممجدة لابن تيمية رمز السلفية بكل أطيافها. ولا يمكن للغنوشي أن يكون ديمقراطيا ولا كان إلا بعد أن اشتد عليه الطوق الأمني لا يمكنه أن يكون كذلك لأن فكره واحديا وقصته مع رفاقه شاهدة على ذلك. كانت تعيش وسط حركة الغنوشي مجموعة من الشباب طرحوا قراءات مخالفة للفكر الإخواني وهم الذين سيؤسسون فيما بعد الحركة التي سميت "الإسلاميون التقدميون" الذين طالبوا بضرورة أن تترك لهم الفرصة لتقديم وجهة نظرهم وإذا ما قبلتهم القواعد يتولون تسيير الحركة فتم طردهم شر طردة وتم الطعن في أخلاقهم واعتبارهم تيارا ماركسيا مدسوسا والترويج لعمالتهم للنظام. لكن مع الوقت تبين أن هذه المجموعة كانت لها أفكار طورتها فيما بعد وليس أقلهم صلاح الدين الجورشي وأحميدة النيفر الذي يعتبر حاليا من علامات تجديد قراءة النص الديني. ان فاقد الشيء لا يعطيه أيها التلاميذ.