لم يتجاوز عدد الحاضرين في المسيرة التي دعت اليها أمس بالرباط خمس جمعيات حقوقية من أجل المطالبة بتفعيل التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة بضع المئات، وبالكاد كانت الشعارات المرفوعة تجد من يرددها بعد أن تم تقسيم المسيرة إلى مجموعات متفرقة. وقد استغرب المتتبعون من هزالة الحضور الجماهيري رغم أن اللجنة المنظمة تتكون من 5 جمعيات حقوقية مشهورة هي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومنتدى الحقيقة والإنصاف وجمعية عدالة. وقد لوحظ بجلاء كيف أن الاجراءات الأمنية الاحترازية التي تم اتخاذها كانت أكبر بكثير من الحاضرين في المسيرة الذين لم يتجاوز عددهم حوالي ألف أخذا في الاعتبار المشاركة المكثفة لجماعة العدل والإحسان وحزب الحركة من أجل الأمة (حوالي ثلث المسيرة). وفي معرض جوابهم عن سؤال قلة المشاركة في المسيرة المذكورة، أجمع كثير من الحقوقيين في تصريحات استقتها "النهار المغربية" على أن العامل الأساسي وراء ذلك كان هو تزامن المسيرة مع تهاطل الأمطار فضلا عن عدم وجود رغبة في تكبير المسيرة أكثر مما بدت عليه لأنها رمزية حسب قولهم. ورغم أن التصريحات الحقوقية كانت تسير في اتجاه التعبير عن الرضى بما هو موجود إلا أن كثيرا من الحاضرين رأوا في المسيرة فشلا كبيرا للجمعيات الحقوقية التي تسير على خطى الأحزاب فيما يتعلق بعلاقتها مع الجماهير. فرغم أن المسيرة رمزية إلا أن أهمية الموضوع تفرض نزولا أكبر للشارع، حسب تعبير أحد المشاركين فضل عدم الإفصاح عن اسمه. وقد سمحت المسيرة بشكلها الذي بدت عليه لرجال الأمن باستعراض قدراتهم على ضبط الاحتجاج من خلال التنسيق مع منظمي المسيرة و"محاصرتها" من كل جانب، فضلا عن استخدام أحدث تقنيات التتبع، ومن بينها كاميرا متطورة كانت تسير في مقدمة المسيرة قادرة على تصوير جميع وجوه المشاركين. وقد استمرت المسيرة بشكلها الخافت على امتداد أكثر من ساعة ونصف من الزمن، قبل أن تنتعش عند حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف بعدما التحق بها مواطنون كانوا يمرون في الشارع العام. وقد مكنت هذه المشاركة الاعتباطية من تدارك أخطاء التنظيم خاصة عندما وصلت المسيرة إلى نهايتها أمام محطة القطار بالرباط. وفيما يتعلق بمطالب المسيرة، لخص بلاغ للجمعيات المذكورة المطالب في ضرورة تقديم اعتذار علني من الدولة عن ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب، مع النشر الكامل للائحة ضحايا الاختفاء القسري، وإقرار سمو القانون الدولي لحقوق الانسان على القانون الوطني، وفتح حوار وطني عمومي حول تعديل الدستور، بالإضافة إلى إصلاح المنظومة الجنائية ومناهضة الإفلات من العقاب.