على العديد من المغربيات والمغاربة، الذين لا "شغل" لهم ولا حرفة أو مهنة، أن يحمدوا الله ويجزلوا له شاكرين على "العناية" التي خصتهم بها وزارة الداخلية قبل عام من الآن، ومعها إدارة الأمن الوطني، بعدما تم "الاهتداء" إلى البطاقة البيومترية واعتمادها كورقة هوية رسمية وإعلان القطيعة مع بطاقة التعريف الوطنية التي يعود تاريخ إصدارها والتعامل بها إلى ما بعد حدث المسيرة الخضراء المظفرة بعام واحد تقريبا؛ لأن الأخيرة، البطاقة البيومترية، رفعت من قدر هؤلاء المغاربة والمغربيات وقيمهم وهي تعفيهم من إثبات وضعهم الاجتماعي المتردي الذي يشير إلى عدم شغلهم على ظهر البطاقة وعلى "وجهها" وتصنفهم ضمن فئة ال"بدون"، بدون شغل طبعا، بدون مداخيل رسمية، بدون إسهام في المجتمع، وإضافة إلى تصنيفهم هذا تجعلهم محط أنظار مزدرئة ومحط الشبهات. من المعروف والمتداول في العالم وعند خبراء الهوية والجنسية أن فئة ال"بدون" هي صفة تطلَق على مجموعة من المقيمين بصفة رسمية أو غير رسمية في دولة الكويت لا يحملون جنسية معينة ولا بطاقة تعريف، وبالتالي فهم من دون هوية، وهم ناضلوا ويناضلون إلى اليوم من أجل إثبات هوياتهم قبل إثبات جنسياتهم. لكن فئة ال"بدون" المغربية لا يمكن أن تحصرها وتعدها "رؤوسا" بشرية إلا وزارة الداخلية بناءً على المعلومات المضبوطة في وثائق إنجاز البطائق البيومترية، انطلاقا من المقاطعة بمفهوم الملحقة الإدارية التي ينشط فيها المقدم والشيخ ويرأسها القائد وانتهاءً عند الدائرة الأمنية وولاية الأمن، أي بداية من إنجاز وثيقة عقد الازدياد وانتهاءً عند شهادة السكنى التي تركز على الحالة الاجتماعية والمهنية لكل مواطن؛ لأن الذين من دون عمل ومن دون حرفة أو مهنة كثيرون ظلوا في عهد البطاقة الوطنية السابقة التي أصبحت متجاوزة، متسترين إما وراء خانة "مستخدم" أو "عامل" وذلك في إطار مزدوج يغلِّفه إما التسامح في الإداريين وإما السخاء المادي كثيرا كان أو قليلا و"المفروض" التعامل به بين هذا المتستر وبين إداريي المقاطعات والمقدمين والشيوخ . هكذا نجد أن من حسنات البطاقة البيومترية وهي تخفي مهنة صاحبها توفير الأرق النفسي والمجتمعي الذي يفر منه من لا شغل له أو حرفة أو مهنة، ولو كان افتقاده إلى هذه القيمة ليس له فيه من الذنب شيء، كما ليس له فيه من المسؤولية قسط من التحمل. لقد ظلت فئة ال"بدون" تؤرِّق مضجع وزارة الداخلية لقرابة أربعة عقود قبل الاهتداء إلى البطاقة البيومترية التي تبقى ذكية بكل المقاييس؛ والتي جاءت نعمة في طيها نقمة في إطار تعامل جهاز الأسرار مع المواطنين، إذ تخفي أسرار المواطن من ألفها إلى يائها وتطوي عليها، ولا تبدي منها ما تريد إلا عند الاقتضاء. البطاقة البيومترية كشفت لأجهزة الأمن والداخلية أسرارا أكثر دقة لأصحاب ال"بدون" وهم ينجزون بطاقات هوياتهم الذكية هاته. فعلاوة على رصد فئة ال"بدون" بشكل قويم، تم الوقوف كذلك على بعض الحيثيات الدقيقة والدفينة أثناء الإنجاز، إنجاز البطاقة طبعا؛ إذ أثبتت الوثائق المؤثثة لملف البطاقات البيومترية حقيقة من لا "شغل" له ومن لا "شغل" لها وما أكثرهن، ومع ذلك يكتنزن الذهب والفضة، ويركبن الفاره من السيارات، ويمتلكن الأفخم من الشقق والعقار، وهن في حالة تناقض، بدون عمل، ومقيدات ضمن "المصابين" بالهشاشة والفقر، ولا يصرحن ولن يصرحن بممتلكاتهن ومداخيلهن في المستقبل؛ وفي ذلك أكبر خدمة تقدمها البطاقة البيومترية إلى وزارة المالية كذلك.