قال المدرب الفرنسي سيموندي الذي يشرف حاليا على تدريب فريق الخريطيات القطري، إنه تلقى عرضا لتدريب أسود الأطلس، لكنه اعتذر عن قبول العرض، جواب فيه الكثير من المعاني التي يمكن أن نستخلص منها الدروس والعبر، على وعسى أن نصل إلى إيجاد الدواء الشافي لأسود فقدت القدرة على الزئير، فأن يتلقى مدربا كيفما كان نوعه عرضا لتدريب منتخب ما، فذلك أمر عادي، ويحدث في كل زمان ومكان، لكن أن يعتذر مدرب عادي جدا، عن تدريب منتخب من قبيل المنتخب الوطني، فذلك أمر يحتاج إلى وقفة متأنية، لنعرف الأسباب الحقيقية التي دفعت مدربا مثل سيموندي ليس له وزن عالمي، لرفض تدريب الأسود، ويجعلنا ذلك أيضا نطرح السؤال، هل هناك ما يجعل المدرب سيموندي يرفض تدريب الأسود، مع أننا متأكدون أن العرض المالي الذي توصل به سيكون مغريا، وفي المستوى الذي يجعله يهرول نحو جامعة كرة القدم لتوقيع العقد حتى من دون أن يسأل عن الشروط المالية. هناك سبب أساسي ووجيه يجعل المدرب الفرنسي سيموندي يرفض عرض تدريب المنتخب الوطني الذي قال إنه ىتلقاه من الفاسي الفهري شخصيا، وهو أن العقلية التي تشرف على تسيير شؤون الرياضة الشعبية الأولى في المغرب، لازالت عقلية هاوية، تفتقد إلى مجموعة من الآليات والميكانيزمات التي تجعلها قادرة على ولوج عالم الإحتراف من بابه الواسع، وبالتالي توفير كافة الضمانات التي تجعل أي مدرب يقبل بتدريب المنتخب الوطني، وألا يعتذر عن قبول العرض حتى قبل أن يناقشه، أكثر من ذلك أن الظروف المحيطة بجامعة الفاسي الفهري تتسم بالغموض، وطريقها مزروعة بالكثير من الألغام التي يعود جزء منها للحقبة السابقة، وهي ألغام يمكن أن تنفجر في وجه أعتى المدربين العالميين، ناهيك عن لغة التعليمات التي كانت السبب الأساسي وراء الأزمة التي وصلتها كرة القدم الوطنية، إذ لا يعقل أن يتوفر أعضاء جامعيون على لائحة بأسماء عدد من اللاعبين يفرضونها على مدرب المنتخب الوطني، ويضعونه أمام خياران لا ثالث لهما، فإما أن يقبل التعامل بهذا المنطق، أو أن يرحل إلى بلده، وبطبيعة الحال محملا بالكثير من الأموال زوالهدايا، فهو كان يعمل في بلاد الكرم، والأكيد أن نفس الأمر حصل مع المدربين السابقين، لدرجة أن أحد المدربين الفرنسيين الذي شرب من نفس الكأس نصح زملاءه بعدم قبول مغامرة تدريب أسود الأطلس. هناك أمر ثابت في جامعة الكرة، وهو أن التعليمات تأتي فوق أي اعتبار آخر، ومهما كان حجم المدرب الذي يمكن التعاقد معه، فلا بد أن يضع هذا الأمر في حساباته، ومن سوء حظ الفاسي الفهري، أن عددا من المدربين الأجانب يرفضون مثل هذه السياسة، خصوصا إذا كانوا مطلوبين في دول أخرى مثل دول الخليج. في سنة 2008 وعلى عهد الجينرال حسني بنسليمان، رفض الدكتور حرمة الله عرضا لتدريب المنتخب الوطني، ليس لأنه لا يرغب في أداء الواجب الوطني المفروض عليه، ولكن لأن جامعة الجينرال كان لها رأي آخر، آنداك سألأ الدكتور الذي يعمل حاليا بالكمبيوتر في وضع الخطط التقنية، إن كان سيتحمل مسؤولية المنتخب الوطني كاملة أم لا، لكنه للأسف لم يتلق جوابا مقنعا، من طرف محاوريه، وما كان عليه إلا أن رفض عرض المغرب، وفضل الإستمرار في تطوير الكرة القطرية. نحن إذا أمام معادلة صعبة الحل، وبالتالي فحين نقول بأن أزمة كرة القدم الوطنية ليست أزمة مدرب، فلأن هناك أمورا كثيرة تحدث في مطبخ الجامعة لا علاقة للمدرب بها. حين سرب أحد أعضاء الجامعة خبر التعاقد مع المدرب الهولندي هيدينغ، قامت القيامة، ووصل الأمر بالفاسي الفهري إلى حد القول، أن المغرب مازالت أمامه سنوات لبلوغ الإحتراف المنشود.