ختم علي أنوزلا مقاله الأخير بموقع لكم تحت عنوان ماذا يفعل شباط داخل بيت الحكومة؟ قائلا "إذا كان شباط وحزبه غير راضين عن أداء هذه الحكومة، فليمتلكا الشجاعة والقرار المستقل للخروج منها، وهما يدركان أنهما لا يمتلكان لا قرار المشاركة ولا قرار "المعارضة". فما يقوم به اليوم شباط هو جزء من "الصفقة" التي بموجبها أوتي به إلى رئاسة حزبه حتى يكون شوكة في خصر الحكومة التي يقودها "العدالة والتنمية". فكلاهما جزء من لعبة كبيرة المستفيد الوحيد منها هو القصر والخاسر الكبير فيها هو الشعب". لأن علي أنوزلا وحده المناضل في هذا البلد فهو يرمي وراءه تاريخ ثلاثة أرباع قرن من نضال حزب الاستقلال ويجعله محض دمية يلعب بها صاحب القرار. فمهما تكن ملاحظاتنا على حزب الاستقلال فإنه يبقى حزبا له قراراته المستقلة وله خياراته المجتمعية التي وضحها منذ بداية الستينات ولخصها في الإيديولوجية التعادلية، ومنذ ذاك التاريخ يعتبر حزب الاستقلال واحدا من أكثر الأحزاب من حيث الوضوح الإيديولوجي، أما الملاحظات فهي تتوجه إلى مشروعه السياسي وبرنامجه وأدائه في ميدان التشريع والحكومة. فحزب راكم العديد من التجارب وتحول من حزب الزعيم إلى حزب المجموعة السياسية المنتخبة لم يجد إنصافا من أنوزلا. فحزب الاستقلال كان في وقت سابق يتوافق على أمينه العام قبل الوصول إلى المؤتمر وذلك انسجاما مع طبيعة التسيير الحزبي في أغلب بلاد الدنيا، واليوم أصبح الأمين العام للحزب غير معروف إلى أن تنتهي عملية فرز صناديق الاقتراع، وهي عملية منسجمة مع الدستور الجديد الذي ينص في الفقرة الأخيرة من البند السابع على أن "يجب أن يكون تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها مطابقا للمبادئ الديمقراطية. ويحدد قانون تنظيمي، في إطار المبادئ المشار إليها في هذا الفصل، القواعد المتعلقة، بصفة خاصة، بتأسيس الأحزاب السياسية، وأنشطتها ومعايير تخويلها الدعم المالي للدولة، وكذا كيفيات مراقبة تمويلها". فحزب الاستقلال الذي قاد حملة انتخابية بين مرشحين وهي الأولى من نوعها في تاريخ المغرب السياسي لم ينل رضا أنوزلا. فأصبح انتخاب شباط مجرد صفقة. صفقة مع من؟ وصفقة ضد من؟ فإذا كانت صفقة مع القصر ضد العدالة والتنمية فإن هذا يناقض ما قاله أنوزلا نفسه بأن الحزبين يصبان في مصلحة القصر. لقد نسي علي أنوزلا، الذي يريد أن يعطي دروسا في علم السياسة للأحزاب السياسية، أنه من حق حزب الاستقلال المنتمي لأحزاب الأغلبية الحكومية أن يوجه النقد للحزب الأغلبي إذا تبين له أن الحزب القائد للحكومة حاد عن الطريق، فهل يريد منه أن يسكت عن أخطاء بنكيران باسم الانضباط لميثاق الأغلبية؟