يبدو أن محمد الوفا وقع في ورطة لما قرر تفعيل المذكرة التي أثارت ضجة. ليس لأن المذكرة ليست في محلها ولكن لأن الوفا لم يتمكن من حل معادلة صعبة، معادلة طرفاها تأهيل التعليم الخصوصي والحفاظ عليه لأنه يساهم أيضا في دورة تعليم أبناء الشعب والتعليم يحتاج ميزانية من الدولة والتعليم الخصوصي يريح الوزارة من هذه الميزانية. فهل تساءل الوفا مع نفسه وهو يتخذ هذا القرار ماذا سيقع لو أن مؤسسات التعليم الخصوصي أغلقت أبوابها؟ هل بمقدوره أن يحتضن الوافدين من التعليم الخصوصي على المدرسة العمومية وهل أعد العدة لذلك؟ هل فكر في النتائج السلبية للقرار مع العلم أنه ستكون له نتائج إيجابية؟ فالمعادلة الصعبة هي كيفية الحفاظ على المستوى الجيد للمدرسة العمومية التي يستهلك القطاع الخاص هيئة تدريسها، وكذلك تأهيل المدرسة الخاصة لتلعب دورها في تعليم الأجيال وتشارك في الدورة الاقتصادية باعتبارها بالنتيجة مشروعا تجاريا. تساهم في دعم القطاع الضريبي وإحداث مناصب الشغل لكن دون أن يؤثر ذلك في القطاع العام، وذلك عن طريق تأهيلها لتؤدي واجباتها ويكون لها هيئة تدريس قارة من خارج هيئة التدريس بالمدرسة العمومية. وفك هذه المعادلة ليس بالهين ولن يكون في يوم واحد كما فعل الوفا، القرار صحيح لكن يحتاج في تنفيذه إلى مدة زمنية كافية. فالمذكرة في جوهرها تحمل المسؤولية للمدرسة الخصوصية وأن الاتفاقات الموقعة بين التعليم الخاص والوزارة تم خرقها من قبل مؤسسات القطاع الخاص. لا ننكر أن القطاع الخاص لا يحترم تلك الاتفاقيات ولا دفاتر التحملات. لكن من يتحمل المسؤولية؟ هل هو القطاع الخاص أم الوزارة التي لم تضع أجندة واضحة لمراحل تأهيل التعليم الخصوصي؟ أين كان المسؤولون على القطاع الخاص بوزراة التربية الوطنية منذ إبرام الاتفاق؟ أين هو مدير التعليم الخصوصي ورؤساء المصالح والأقسام بهذه المديرية؟ هل قاموا بدورهم في المراقبة أم كانوا يجاملون لوبيات التعليم الخاص والباطرونا النافذة؟ ولماذا لم يذكروا أصحاب المؤسسات الخصوصية ويبعثوا لهم إنذارات ويحملونهم المسؤولية في تطبيق الاتفاق وتأهيل المدرسة الخصوصية؟ لماذا انتظر الوزير الوفا الدخول المدرسي ليخرج هذه الورقة؟ ومعلوم أن الحكومة مضى على تنصيبها حوالي تسعة أشهر وكان عليه أن يذكر القطاع الخاص بالتزاماته في ملف تأهيل المدرسة الخصوصية حتى يتسنى له دخولا مدرسيا دون أساتذة التعليم العمومي؟ اليوم هل سيحاسب الوفا مسؤولي وزارته الذين أخلوا بالتزاماتهم أم سيحاسب القطاع الخاص مع العلم أن المسؤولية مشتركة؟ وهل للوفا القدرة على احتضان تلاميذ القطاع الخاص في القطاع العام إذا طرأ أي طارئ؟ وهل يعي الوفا أنه افتعل أزمة لن يستطيع المضي فيها إلى النهاية أم أنه فقط أصيب هو الآخر بلوثة الشعبوية التي عرف بها بنكيران؟ أم أنه أشهر السيف كي يظهر أنه الوزير القوي الذي سيحارب رئيس الحكومة وبعض الوزراء من باطرونات وشركاء في القطاع الخاص؟ إن المعادلة أصعب من يد من حديد أو لوبيات بل هي ببساطة قضية تربية وتعليم ومستقبل أجيال وقطاع استثماري يكون ويشغِّل ويمكن أن يدفع ضرائب لأنه مربح وينبغي التفكير فيه بجد وبهدوء.