مازالت تازة العليا ( المدينة القديمة) تطل بكبرياء واعتزاز بمعالمها وحضارتها الضاربة في عمق التاريخ من أعلى ربوة " ذات قرار ومعين " على كل زائر لمدينة تازة٬ مستلهمة ذلك من المآثر التاريخية والمعالم الحضارية التي يحضنها سورها الشامخ ويحميها من غياهب الزمن ومن الإسمنت المسلح والحديد٬ وفية لنذرها في أن تحافظ على حضارتها وهويتها المغربية الأصيلة. فأول مايبهر زائر تازة العليا هو السورالشامخ الذي يحيط بها ويلفظ خارجه كل من تجرأ على المس بكينونتها وهويتها وحضارتها العتيدة٬ حيث تتخلله أبواب عالية تستلهم عظمتها من الهندسة المعمارية التي استخدمت في بنائها ومن أشكالها المتناسقة التي تعبرعن مهارة وإبداع الصانع المغربي عبر الزمن (باب الجمعة وباب طيطي وباب القبور وباب الزيتونة وباب الريح ). ومن المعالم التاريخية التي مازالت أيضا شاهدة على حضارة وعمق تاريخ تازة العليا وتحظى باهتمام الساكنة والباحثين والزوار٬ هناك المسجد الأعظم أو الجامع الكبير٬ الذي يعتبر من أهم المعالم التاريخية التي تزخر بها مدينة تازة٬ حيث تزينه ثريا تزن 32 قنطارا مصنوعة من البرونز ويحيط بها 514 سراجا وهاجا٬ تضاهي جمالا وبهاء وعظمة مثيلاتها في المساجد الحديثة للمملكة٬ وهو مايعكس الغنى الحضاري للمدينة وتنوعها المعماري والثقافي . كما تعد المدارس العتيقة المتواجدة داخل السورالأثري من قبيل مدرسة أبو الحسن المريني المحاذية للمسجد الأعظم٬ التي اضطلعت بدورمهم في تحفيظ القرآن الكريم وتلقين مختلف العلوم الفقهية والحية عبر العصور٬ تراثا إنسانيا نفيسا ورمزا تاريخيا للمعرفة والعلم بالمدينة. إلى جانب المعالم التاريخية المذكورة التي تشد انتباه زوار المدينة العتيقة٬ هناك " البرج الملولب" الذي لايقل أهمية من حيث الدورالذي اضطلع به في مجال دعم باقي المكونات الدفاعية لتازة العليا وقلاعها٬ غير أن ما يزيده تألقا وجمالا هو إطلالته على البساتين والحدائق الخلابة المحيطة بها جنوبا٬ دون نسيان حصن " البستيون " أو كما يسميه البعض "البرج العظيم "٬ وهو منشأة عسكرية شيدت على شكل مكعب طول أحرفه 26 مترا٬ مما أهله ليكون معلمة تاريخية وسياحية بامتياز. من جهة أخرى٬ فإن الحركة التجارية بتازة العليا ( المدينة العتيقة ) تعرف رواجا مهما٬ خاصة في مجال بيع الملابس التقليدية التي يكثرعليها الإقبال من طرف الساكنة بالقدرالذي يتهافت فيه الشباب ( ذكورا وإناثا) على الملابس العصرية التي تحمل ماركات عالمية أو ذات صنع مغربي٬ خاصة في فصل الصيف الذي يتزامن مع عودة أفراد الجالية المغربية بالخارج. وفي هذا الإطار٬ أكد أحد باعة الملابس التقليدية٬ في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ أن الساكنة التازية تقبل بشكل لافت على الملابس التقليدية٬ خاصة النساء اللاواتي تعشقن الأولوان المتناسقة والمقاومة لارتفاع درجات الحرارة التي تميز المنطقة٬ مضيفا أن التجار بتازة العليا يقتنون معظم الملابس التقليدية من مدينة فاس بفعل عامل القرب والجودة التي تميزالصناعة التقليدية بهذه المدينة. كل هذا الزخم التاريخي والحضاري والثقافي٬ الذي يشكل القلب النابض لتازة العليا٬ لايمكن أن يساهم في التنمية المستديمة لمدينة تازة إلا إذا تم تضافر جهود مختلف الجهات المعنية٬ وجعلها في صلب السياسات العامة وقطب الرحى في التنمية المحلية٬ حتى تشكل مدينة تازة قبلة للسياحة الداخلية والخارجية ومنطقة جذب للاستثمار.عبد اللطيف الحربيلي