حذر خبراء اقتصاد ومحللون من مغبة المس بالقدرة الشرائية للمواطن العادي، من خلال تلويح عبد الإله بنكيران بمباشرة إصلاحات عميقة على صندوق المقاصة في أفق إلغاء العمل به، وقالوا إن أي مساس بصندوق المقاصة الذي يعتبر مكسبا وطنيا ستكون له عواقب وخيمة مستقبلا، مؤكدين أن أي إصلاح يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مصلحة الشعب المغربي، وخاصة الفئات الفقيرة، واعتبرت المصادر المبررات التي تسوقها حكومة بنكيران والحديث عن استفادة الأثرياء من الصندوق مجرد محاولة للكروب على الصندوق، خصوصا أمام فشل الحكومة في التعامل بإيجابية مع المشاكل الاقتصادية الناتجة عن تظافر مجموعة من العوامل بينها الأزمة الاقتصادية العالمية والجفاف وطريقة تدبير حكومة بنكيران للشأن العام. وقال الخبراء، إن إلغاء صندوق المقاصة سيخلف كارثة اجتماعية حقيقية في ظل الصعوبات التي يلاقيها المواطن المغربي من أجل تدبر المصروف اليومي، وكانت دراسة أنجزها مجلس المنافسة قد أظهرت أن تحرير أسعار المنتجات المدعمة في إطار نظام المقاصة٬ يمثل عاملا لتحفيز المنافسة٬ وأن هذا السيناريو٬ إذا ما تحقق٬ سيمكن من توفير ميزانية٬ قد تصل بعد إلغاء الدعم٬ وبحسب معطيات 2011، إلى 50 مليار درهم، وأوضحت الدراسة٬ التي تم تقديمها أول أمس الإثنين بالرباط٬ أن تحرير الأسعار سيكون له٬ مع ذلك٬ تأثيرا مباشرا على القوة الشرائية للسكان٬ خاصة الفئات المعوزة. وقال الخبراء والمحللون، إن إلغاء الدعم سيرفع ثمن قينية الغاز من فئة 12 كلغ إلى 123 درهما بعدما ظل ثمنها مستقرا في 40 درهما، فيما توقع أن يرتفع ثمن السكر من 5 دراهم للكيلوغرام إلى أكثر من 9 دراهم، وهو ما يهدد القدرة الشرائية للمواطن، وأوضح الخبراء بعملية حسابية أن الحد الأدنى للأجور يجب أن يرتفع إلى 6000 درهم حتى يتمكن المواطن العادي من مواجهة هذه القفزة الصاروخية في أثمنة المواد الأساسية، مشددة على أن صندوق المقاصة يعتبر صمام الأمان بالنسبة للاقتصاد الاجتماعي، وأحد أهم عوامل الحماية الاجتماعية. واعتبرت الدراسة٬ التي لاحظت أن الأثر سينعكس على النظام الاقتصادي من خلال تأثير تضخمي٬ أن تحرير أسعار المنتجات من دقيق القمح والسكر وغاز البوتان٬ التي "سيكون لها أكبر الأثر على الفئات الفقيرة"٬ سيؤدي إلى زيادة نفقات هذه الفئة الاجتماعية بحوالي 364 درهما للشخص الواحد سنويا٬ موضحة أن رفع الدعم عن المواد الأساسية يعني احتمالين إثنين إما أن يكف المغاربة عن استهلاك هذه المواد والعودة إلى الوسائل البديلة من قبيل استعمال الفحم، أو تقليص مستوى الاستهلاك إلى أقل من النصف، وهو ما ستكون له انعكاسات سلبية على المواطن. إلى ذلك كشفت مصادر متطابقة، أن قنينات الغاز لا تحترم المقياس القانوني والمتمثل في 12 كلغ، وقالت إن استهلاك الأسرة من هذه القنينات ارتفع بنسبة الضعف، حيث تضطر الأسرة إلى استهلاك قنينة ونصف شهريا، موضحة أن الحكومة كان عليها أولا مراقبة القطاع قبل التفكير في إصلاح صندوق المقاصة، واعتبرت هرولة بنكيران نحو إلغاء الدعم العمومي للمواد الأساسية مرده إلى افتقار الحكومة لسيناريوهات بديلة من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني، مشددة على أن المهم في الفترة الراهنة هو وقف نزيف الإنفاق العمومي وضبط فاتورة الاستهلاك، ومراقبة خطوط الإنتاج التي تظل مرحلة أساسية من أجل إصلاح النظام الاقتصادي بشكل عام.عبد المجيد اشرف