هناك مراسيم بروتوكولية لتنصيب رئيس الجمهورية الفرنسية، وهي مراسيم تختلف من جمهورية لأخرى وصولا إلى الجمهورية الخامسة لكنها تبقى في الجملة ضاربة جذورها في تاريخ فرنسا وثقافتها. وبحسب المراسيم المذكورة، التي يتم احترامها بالحرف والنقطة وبالتفاصيل الدقيقة، وصل فرانسوا هولاند في الساعة العاشرة بالتوقيت العالمي إلى قصر الإليزيه حيث استقبله ساركوزي عند المدخل. وجرت مراسم التسلم والتسليم في لقاء مغلق في مكتب الرئيس المنتهية ولايته الذي قام بصورة خاصة بإطلاع الرئيس الجديد على الإجراءات المتعلقة بالسلاح النووي وشفرة هذا السلاح، ثم جرى حفل التنصيب حيث ألقى بعده هولاند كلمة مع إطلاق 21 طلقة مدفعية. ويقضي التقليد بعدها أن يعبر الرئيس الجديد شارع الشانزلزيه في سيارة مكشوفة وصولا إلى قوس النصر، حيث يحيي الشعلة عند ضريح الجندي المجهول. وقام هولاند، وفق التقاليد المرعية للجمهورية الفرنسية، بتكريم ذكرى جول فيري الذي جعل المدرسة العلمانية إلزامية ومجانية وماري كوري المولودة في بولونيا والحائزة على جائزتي نوبل في الكيمياء والفيزياء مطلع القرن العشرين، تأكيدا منه على اثنتين من أولويات رئاسته : التعليم والاندماج. وقصد فرانسوا هولاند بعد ذلك بلدية باريس. وتسلم فرانسوا هولاند رسميا مهامه بعد إعلان النتائج الرسمية وتوقيعه الوثيقة الرسمية لتسلم السلطة، وتسلمه أعلى وسام شرف فرنسي فيما غادر ساركوزي قصر الإليزيه بعد حفل تسليم السلطات. وقال رئيس المجلس الدستوري جان لوي ديبري "اعتبارا من هذا اليوم، أنت تجسد فرنسا وتعتبر رمزا لقيم الجمهورية وتمثل كل الفرنسيين". وخلال مراحل التنصيب كان فرانسوا هولاند ملتزما بأدق تفاصيل البروتوكول، رغم أنه لم يسبق له أن تولى منصبا وزاريا أو حكوميا خلال حياته العملية. ولم يستثن فرانسوا هولاند من قواعد البروتوكول شيئا بما في ذلك الهندام الرسمي، والخطوات المحسوبة والدقيقة، والكلمة الموزونة والدقيقة وغير الشعبوية التي أعلن من خلالها عناوين برنامجه لفترة ولايته الرئاسية. وأثبت فرانسوا هولاند رغم توليه لأول مرة منصبا رسميا أنه رجل دولة ويعرف كيف يتفاعل مع المنصب الجديد، وأن الرئاسة ليست حرفة يتعلمها من يصل إليها ولكن تحتاج إلى حنكة وخبرة سياسية. ووفى فرانسوا هولاند بما وعد به بدءا بالأمور التي تبدو سياسيا شكلية لكنها ذات جوهر وعمق، فقد عين حكومته في ظرف 14 ساعة. واحترم في تشكيلها المناصفة بين النساء والرجال حيث ضمت 17 رجلا و17 إمرأة، ومبدأ المناصفة مبدأ دستوري وجب احترامه. ولم تتضمن الحكومة الفرنسية الجديدة من الوجوه المستهلكة سياسيا وحكوميا سوى ثلاثة عناصر وكان فرانسوا هولاند قد وعد بأن تكون حكومته من عناصر لم يسبق لها تدبير الشأن العام. ومباشرة بعد انتهاء مراسم التنصيب والزيارات المقررة لمعالم فرنسا طار فرانسوا هولاند إلى ألمانيا للقاء المستشارة الألمانية باعتبار أن الدولتين أساسيتين في أروبا. لقد بدأ هولاند الاشتغال من لحظة التنصيب التي هي لحظة نصب وتعب. ولن نحدثكم عن رئيس حكومتنا لأن القصة تعرفونها.