لم يستوعب عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية حجم الرقم الذي حصل عليه من أصوات الناخبين، فبنكيران حصل على مليون و80 ألف صوت من أصل 13 مليونا التي تشكل الهيئة الناخبة، وهذا الرقم جزء يسير من حجم الناخبين ومن حجم من عبروا عن أصواتهم، ومع ذلك فقد منح هذا الرقم حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، وعلى ضوء ذلك شكل أغلبيته الحكومية وعلى ضوء ذلك تم تعيين بنكيران رئيسا للحكومة. وبموافقة البرلمان على الحكومة ومنحها الثقة بعد التصريح الحكومي لم تعد حكومة الكتلة الناخبة التي صوتت لبنكيران ولا حكومة الأغلبية ولا حكومة حزب العدالة والتنمية، ولكن حكومة عموم المغاربة بمن فيهم الذين لم يذهبوا لصناديق الاقتراع بموقف وبغير موقف وبمن فيهم الذين صوتوا ضد حزب العدالة والتنمية أو منحوا أصواتهم لغيره، ومنهم من صوت على مشروع مخالف لمشروع بنكيران لكن حسابات السياسة صبت هذه الأصوات في الأغلبية الحكومية. وبالجملة فبنكيران رئيس لحكومة عموم المغاربة وعليه أن يستوعب هذا الموضوع. إلا أن بنكيران ويا للأسف الشديد لم يعر المسؤولية الملقاة على عاتقه الأهمية التي تستحقها وظل يتعامل مع رئاسة الحكومة بمنطق الهاوي لا المحترف وهو يعتبر نفسه دخل حرفة جديدة مازال يتعلمها. وقد أمضى بنكيران أربعة أشهر في النكت الحامضة والخرجات الإعلامية التي جرت عليه السخط من جميع الجهات، وقضى كل هذه الفترة في إلهاء الشعب بمسرحية "لكريمات" التي لم يتبعها أي إجراء ومحاولة تمرير دفاتر تحملات موبوءة، ويظهر أحيانا على أن بنكيران تعلم الدرس لكن يعود ليقع في الخطأ نفسه وفي الزلة ذاتها إن لم يكن أكثر. وكانت آخر زلاته خرجته بالدارالبيضاء إلى جانب إخوانه في الاتحاد الوطني للشغل (نقابة الإسلاميين) أثناء الاحتفال بفاتح ماي، ولن نتحدث هنا عن تهديده ل "النهار المغربية" التي شكلت شوكة في حلقه يريد أن يقطع دابرها ويجتثها من أصلها والتي قرر أن "ينوض ليها" بدل أن ينهض للتنمية والمشاريع حيث لم يغادر مكتبه إلا إلى داره أو مقر الحزب أو تجمعات إخوانه، ولكن سنتحدث عن حقيقة خرجته وسط نقابة الإسلاميين. فمن حق رئيس الحكومة أن يحضر اجتماع نقابته ومن حقه أن يؤثت الخلفية البروتوكولية لاحتفال إخوانه بفاتح ماي، لكن الأهم من كل ذلك هو أن بنكيران رئيس لحكومة كل المغاربة، ومن غير الأخلاقي أن يختار مخاطبة فئة من العمال هم الإسلاميين ويترك باقي فئات العمال الذين ينتمون لمركزيات نقابية لها تاريخ نضالي طويل. وقد نص الدستور على أن المنظمات النقابية للأُجراء، والغرف المهنية، والمنظمات المهنية للمشغلين، تساهم في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، وفي النهوض بها. أي أنها تمثل العمال وترفع مطالبها للحكومة وتحتج على الحكومة. أما رئيس الحكومة فله صلاحيات واسعة وأدوات كثيرة يستطيع من خلالها اتخاذ إجراءات كثيرة، وتبقى مناسبة فاتح ماي أهم مناسبة للإعلان عن إجراءات تهم فئات العمال والموظفين خصوصا في ظل الأزمة التي يعيشها المغرب وفي ظل الضائقة المالية. ولم يكن المغاربة ينتظرون من رئيس حكومتهم أن يوجههم لقراءة هذه الصحيفة والامتناع عن قراءة الأخرى وإنما ينتظرون منه قرارات تهم معيشهم اليومي.