دق منتجو الخمور وتجارها ناقوس الخطر تخوفا على القطاع من الضريبة الداخلية على الاستهلاك المفروضة عليه من طرف حكومة بنكيران في قانون مالية 2012. وترقَّب المنتجون والتجار أن يعرف هذا القطاع الحيوي تراجعا في المبيعات بحكم الضريبة الجديدة المفروضة، كما ترقبوا تراجعا في رقم معاملاته، مؤكدين على أن هذه الضريبة من شأنها أن تفتح الباب لفائدة سوق التجار غير المقننين المعروفين اختصارا ب"الگرابة"، إضافة إلى سوق التهريب وسوق صناعة بعض الخمور بطريقة تقليدية وغير مقننة، وفي مقدمتها سوق منتجات "ماء الحياة" أو "ماحيا" التي تنشط كثيرا في الدواوير بالبوادي والقرى في جنوب المغرب وشماله، وهي السوق (ماحيا) التي تعرف ترويج ما بين 4 و5 ملايين لتر سنويا لا تستفيد منها الدولة شيئا من مداخيل الضرائب، وذلك في غياب تقنين ومحاربة فعليين لمثل هذه الأسواق التي تضر الاقتصاد الوطني، وفي غياب برنامج متكامل خلا منه برنامج حكومة بنكيران الاجتماعي والاقتصادي لمحاربة هذه الآفة أو تقنينها لاستفادة الاقتصاد الوطني من مداخيلها عن طريق الضرائب. وفي الوقت الذي لا يقف فيه الفاعلون في قطاع الخمور ضد فرض الضرائب عموما لكونها موردا ماليا مهما لخزينة الدولة والاقتصاد الوطني، فإنهم يدعون بالمقابل إلى حماية القطاع من التجارة غير المقننة والتهريب وصناعة الخمور بطرق تقليدية، وفي مقدمتها صناعة "الماحيا". وإذا كان من المنتظر أن تضخ ضريبة الاستهلاك على الخمور المفروضة من طرف حكومة بنكيران العديد من العائدات المالية على خزينة الدولة، فإن فرض هذه الضريبة الجديدة سيكون سببا من الأسباب الرئيسية المؤدية إلى ركود القطاع المذكور والحكم على الفاعلين فيه بالأزمة إلى حد الكساد. وإذا كانت كل نعمة تحمل في طيها نقمة، فإن الضريبة الداخلية على الاستهلاك المفروضة من طرف حكومة بنكيران على الخمور ستفتح الباب على مصراعيه لبائعي الخمور بطريقة غير مقننة في سوق "الگرابة" الذين يسوقون الخمور من دون ترخيص في المدن والقرى على مدار أربع وعشرين ساعة وبأثمان متفاوتة، تكاد تكون أقل من أثمان بيع الخمور المقننة في النهار في الوقت الذي ترتفع فيه إلى ضعف أسعار المنتوج في الليل وفي المناسبات الدينية، وهي أوقات يجبر القانون عدم ترويج وتسويق هذا المنتوج بعد الساعة الثامنة ليلا بالنسبة إلى محلات البيع، وفي المناسبات الدينية، أي عيدي الفطر والأضحى وذكرى المولد النبوي الشريف وفاتح محرم. وتهدف الضريبة الداخلية على الاستهلاك المتعلقة بالخمور التي سيفرضها قانون مالية 2012 بداية من نشر هذا القانون في "الجريدة الرسمية"، إلى زيادة 12.5 في المائة بالنسبة إلى الجعة، أي ما يعادل 800 درهم إلى 900 درهم في "الهيكتوليتر" الواحد، و28.2 في المائة بالنسبة إلى الخمر العادي، أي ما يعادل زيادة 390 إلى 500 درهم في "الهيكتوليتر" من هذا المنتوج، فيما ترتفع هذه الضريبة على المشروبات الروحية إلى نسبة 42.8 في المائة، أي ما يعادل 10500 درهم إلى 15000 درهم في "الهيكتوليتر"، هذا دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة ودون احتساب الضريبة على القيمة المضافة على ضريبة الدخل على الاستهلاك نفسه ودون احتساب الاقتطاعات المخصصة من هذا القطاع لفائدة الهلال الأحمر المغربي. ارتباطا بهذه الضريبة وبلغة الأرقام، ستعرف منتوجات القطاع زيادات متفاوتة في أسعاره، إذ سيعرف سعر ثمن الجعة زيادة 50 سنتيما عند البيع بالجملة، فيما سيعرف سعر الخمر العادي زيادة درهم ونصف الدرهم عند البيع بالجملة، في الوقت الذي سيعرف فيه ثمن المشروبات الروحية ارتفاعا ب17 درهما، ودائما عند التسويق بالجملة.محمد عفري