يشارك نحو مليوني متضامن من 64 بلدا٬ عربيا وإسلاميا وأجنبيا٬ اليوم الجمعة٬ في (مسيرة القدس العالمية)٬ والتي تهدف إلى فضح حملة التطهير العرقي التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في المدينة٬ وإجراءاته المستمرة لتغيير واقعها الديموغرافي والجغرافي٬ قصد تهويدها. ورغم أن هذه المسيرة السلمية٬ التي تتزامن مع الذكرى الíœ36 ليوم الأرض٬ تتخذ من القدس شعارا لها٬ بالنظر لمكانتها الدينية الهامة٬ فإنها لا تنحصر في فضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في المدينة المقدسة٬ بقدر ما تتطلع أيضا إلى التنديد بتلك الممارسات في عموم الأراضي الفلسطينيةالمحتلة٬ وإيصال رسالة واضحة لسلطات الاحتلال٬ مفادها أن القضية الفلسطينية٬ هي قضية الأمة العربية- الإسلامية والعالم أجمع. وفي سيناريو شبيه بالتظاهرات التي واكبت٬ إحياء ذكرى النكبة الفلسطينة٬ يوم 15 ماي من السنة الماضية٬ والتي سقط خلالها العديد من الشهداء برصاص جيش الاحتلال٬ ستتوجه مسيرات حاشدة من دول الطوق الإسرائيلي٬ وهي الأردن وسورية ولبنان ومصر٬ إلى أقرب نقطة من الحدود٬ في محاولة لإعادة القضية الفلسطينية إلى دائرة الضوء٬ باعتبارها قضية الأمة المركزية٬ ونقل حق عودة الفلسطينيين من الإطار النظري إلى الإطار الميداني المباشر. كما تتضمن فعاليات المسيرة٬ التي تنظمها (مؤسسة القدس العالمية)٬ تحت شعار "الحرية للقدس.. لا للاحتلال.. ولا لسياسات التطهير العرقي والفصل العنصري والتهويد في حق القدس٬ أرضا وشعبا ومقدسات"٬ مسيرات بالضفة الغربية وقطاع غزة والداخل الفلسطيني (الأراضي المحتلة عام 48) باتجاه القدس أو أقرب نقطة إليها٬ يشارك فيها الشعب الفلسطيني بمختلف فصائله وتوجهاته ومؤسساته٬ ومتضامنون أجانب٬ فضلا عن اعتصامات ومظاهرات جماهيرية أمام السفارات الإسرائيلية في عدة عواصم عالمية٬ وفي الساحات الرئيسية بالعواصم العربية والإسلامية. وكان القائمون على المسيرة قد أكدوا طيلة الاجتماعات واللقاءات التحضيرية لها٬ على طابعها السلمي الحضاري٬ وأنها لا تخضع لأية أجندات سياسية أو حزبية٬ محلية كانت أو إقليمية٬ وكذا حرصهم على عدم السماح باختراق الحدود مع إسرائيل٬ أو محاولة لتحريفها عن مسارها٬ على اعتبار أنها تستهدف "حشد طاقات الأمة العربية والإسلامية جنبا إلى جنب مع أحرار العالم٬ لوضع حد لاستهتار إسرائيل بالشرعية الدولية٬ المتمثل في استمرارها في احتلال القدس وبقية الأراضي الفلسطينية". وإلى جانب المتضامنين القادمين من قارات العالم الخمس إلى دول الطوق٬ تعرف المسيرة مشاركة شخصيات اعتبارية عالمية٬ لها مكانتها في مجالات مختلفة٬ من بينها٬ على الخصوص٬ أربعة حاخامات أمريكيين من اليهود المعادين ليس للاحتلال فقط٬ بل والرافضين لدولة إسرائيل٬ وهم من جماعة (ناطوري كارتا) اليهودية٬ التي تؤمن بأن فلسطين التاريخية هي للفلسطينيين أصحاب الأرض. واستشعارا منها بأهمية هذه المسيرة المليونية٬ أطلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي٬ التي ستجد نفسها في مواجهة آلاف المتظاهرين المطالبين بالحرية لفلسطينوالقدس٬ تهديداتها٬ وتوعدت كل من يقترب من حدود فلسطينالمحتلة٬ بأنها ستنظر إليه بوصفه متسللا وستتعامل معه بكل حزم٬ بذريعة أن المسيرة من تنظيم جهات معادية لها. وتوجهت لحكومات دول الطوق٬ إضافة لحكومتي (حماس) والسلطة الوطنية الفلسطينية٬ برسائل تحذيرية٬ مطالبة إياها بعدم السماح بتصعيد التوتر في المنطقة بهذه المسيرات. كما وضعت قواتها٬ من شرطة وجيش في حالة تأهب٬ منذ يوم أمس الخميس٬ وذلك عشية التظاهرات المقررة في إسرائيل والأراضي الفلسطينيةالمحتلة٬ تخليدا لذكرى يوم الأرض. وجاء الرد على الوعيد٬ على لسان الرئيس التنفيذي والمنسق العام للمسيرة٬ ربحي حلوم٬ الذي اعتبر في تصريحات صحفية٬ أن التهديدات الإسرائيلية بمثابة استخفاف باستقلالية الدول التي ستنظم فيها المسيرات٬ وأن "الإسرائيليين يشعرون بأنهم محاصرون ويريدون القيام بأي شيء يقوي عزيمتهم"٬ وأن إسرائيل تعتقد أنه يمكنها أن تملي ما تريد على دول مستقلة وذات سيادة٬ مؤكدا أن المشاركين في المسيرة يحق لهم٬ قانونيا٬ أن ينظموا مسيرات داخل بلدانهم٬ ولا علاقة لإسرائيل بهم بتاتا. ومع أن القائمين على مسيرة القدس سبق لهم أن أكدوا أنهم لا يراهنون عليها لإحداث الأثر الكبير في مجريات التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية٬ إلا أنهم شددوا على أنها تؤسس لمرحلة جديدة للتحرك بفعالية تجاه قضية القدسالمحتلة٬ في ظل ما تتعرض له من مخططات تهويدية٬ وللتأكيد على حق الشعب الفلسطيني٬ في إطار المفهوم الإنساني لتحقيق العدالة والحقوق المدنية٬ في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني في فلسطين التاريخية. يذكر أن الفلسطينيين يحيون يوم 30 مارس من كل سنة٬ يوم الأرض في ذكرى استشهاد ستة من الشبان الفلسطينيين برصاص جيش الاحتلال في اليوم نفسه من سنة 1976٬ وذلك بعد أن انتفضوا في وجه الاحتلال الإسرائيلي وسياساته الاستيطانية٬ دفاعا عن أراضيهم٬ حيث جاء إعلان الاحتلال عن مصادرة 21 ألف دونم من أراضي الجليل والمثلث والنقب بمثابة الشرارة الهبة الجماهيرية التي تصدى لها الاحتلال بالقمع والعنف.